الكورونا والفرصة السانحة !!!
تاريخ النشر : 2020-04-17 18:25

عند الحديث عن الكورونا لسنا نتحدث عن شأن فلسطيني، فتحدي الكورونا تحدي يواجهه العالم أجمع وفلسطين وإن كانت تحت الإحتلال إلا أنها جزء من هذا العالم الذي يعيش تحدي مواجهة جائحة الكورونا .

طبعا" عندما نرجو الخير لفلسطين فأننا نرجو الخير لكل دول العالم ولكل شعوب العالم بلا تمييز وبلا أي تفرقة على أساس عرق أو لغة أو دين فهذا الفيروس لا يستهدف جنسية معينة أو دين معين أو مكان جغرافي معين ولا يستهدف هذا الفيروس طبقة معينة ، هذا الفيروس يستهدف الجميع ،  وعلى البشرية جمعاء أخذ العبرة من هذا الفيروس .

  هذا الفيروس قد هاجم البشرية جمعاء ولكن تخيلوا معي لو كان هذا الفايروس لم يهاجم العالم كله ، حتما" كنا سنكون أمام سيناريوهات عجيبة غريبة تقوم على أساس ديني وقومي ولكانت نظرية المؤامرة جاهزة كما هي دوما" .

تخيلوا معي لو كان الفيروس أصاب إسرائيل مثلا بدون فلسطين أو أصاب فلسطين بدون إسرائيل فما هي التعليقات المتوقعة على هذا الفيروس وما تعليق رجال الدين هنا وهناك !!!!!!! تخيلوا معي لو أن هذا الفيروس هاجم الفاتيكان مثلا" ولم يصب مكة المكرمة والمدينة المنورة أو العكس !!!!! وللتذكير فإن البعض سارع للقول بأن الفايروس هاجم الصين على خلفية موقفها من الأقلية المسلمة هناك !!!!

أظن بأن العبرة الأساسية الممكن أن نتعلمها من هذا الوباء هو أن تحدي البشرية منذ الأزل كان وما زال هو التحدي المتعلق بالعلم والحياة والبقاء والتقدم والسلام .

تحدي الكورونا شعبيا" في فلسطين وبكل دول العالم يتطلب وعي تام بأهمية العزل والحجر المنزلي ووعي بأهمية الإلتزام بتعليمات الحكومة بحظر التجول لتقليل الإختلاط والقضاء على فرص إنتشار الفيروس .

وحسب كل المعطيات التي بين أيدي كل الدول  للنجاة من هذا الفيروس علينا أن نتسلح بالوعي وعلينا أن نلتزم بالتعليمات وفي المقابل هناك الكثير مما هو مطلوب من الحكومة الفلسطينية سواء على صعيد توفير إحتياجات المواطنين الغذائية والطبية أو على صعيد تأمين رواتب القطاع الحكومي أو على صعيد الحفاظ على الإقتصاد الفلسطيني وبدعم القطاع الخاص ومع كل ما سبق من تحديات وغيرها الكثير الكثير سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أوعلى مستوى الحكومة  إلا أنني أرى بأن الكورونا قد يكون فرصة .

الكورونا فرصة !!!! نعم قد يكون الكورونا فرصة !!!! ومن هنا قلت بأن الكورونا فرصة متاحة .

لا أتحدث هنا عمن يرى بأن الكورونا فرصة للظهور المنفرد في الصورة محاولا" تعزيز نفوذه  ولا أتحدث هنا عمن يرى بأن الكورونا فرصة لإظهار بطولة قائمة على أساس الصورة أو اللقطة وطبعا" لا أتحدث عمن يرى بالكورونا فرصة لزيادة الثروة والمال أو عمن يرى بالكورونا فرصة للتخريب ولإثارة الفوضى أتحدث هنا عمن يتأمل الحال ويعمل على إيجاد أفضل الحلول من خلال تحليل الواقع الإجتماعي والإقتصادي في فلسطين.

كأفراد وكمجتمع أنصح بدراسة الأولويات للفرد وللأسرة  وللمجتمع وأنصح بالعمل على تعزيز فكرة الإنتاج الأسري والإكتفاء الذاتي وهناك ضرورة لإستعادة الشعور بالتضامن على حساب التنافس فلا داعي للتفكير بما يملك هذا أو ذاك بل من المهم التفكير بما يحتاج هذا وذاك وهذا الأمر يتطلب إستعادة الروح الفلسطينية  والعمل التطوعي والتضامن الإجتماعي .

قد تكون الكورونا فرصة للأفراد للتفكر بالأولويات فلا أظن بأن سيارة موديل 2020 باتت أولوية للفرد وقد تكون الكورونا  فرصة للأسرة للتخلي عن بعض الكماليات والتفكير بإستغلال كل ما يمكن لتكون الأسرة في موقع الإنتاج لا الإستهلاك فقط كما ان الكورونا قد تكون فرصة للمجتمع لإستعادة روحه بالتضامن والتعاون والتكامل .

قد تكون الكورونا فرصة لدراسة الواقع الإقتصادي بشكل سليم وبالتالي قد تكون فرصة لنا لتعديل طبيعة الإستثمارات التي يحتاجها شعبنا فلا يعقل الإستمرار في قبول تراجع القطاع الزراعي والحيواني وهناك ضرورات لإعادة الإعتبار للريف ولأهمية الريف الفلسطيني ليس بإعتباره نزهة في نهاية الأسبوع ولكن بإعتباره أساس للإكتفاء الوطني في المجال الزراعي وفي قطاع الثروة الحيوانية وهناك ضرورة لتعزيز الإهتمام بالصناعات الغذائية والصناعات التي تمثل احتياج للمواطن  لتكون أساس لتغطية السوق المحلي وللتصدير للقريب والبعيد حيث أن جودة المنتج الزراعي والحيواني تساعد على أن تكون لدينا أفضل الصناعات الغذائية مثلا" .

وقد تكون الكورونا فرصة للتفكير بالورش المنتشرة بكل مكان والتي بحاجة الى أن يتم دعمها لتطويرها وتنظيم عملها فالورش والشركات الصغرى بكل أشكالها بحاجة الى دعم حكومي للبقاء وللإستمرار وللتطور وهناك طبعا" ضرورات لتعزيز العلاقة بين القطاعين الخاص والعام بدون التركيز على إستفادة القطاع الخاص من العام وجباية القطاع العام من الخاص بل المطلوب شراكة تامة تساهم في تعزيز دور القطاع الخاص ليساهم مع بناء الدولة وفي تشغيل الموظفين والعمال وفي تعزيز الإنتاج الفلسطيني على كل الصعد بما يضمن زيادة التجارة الفلسطينية وتعزيز الإستيراد والإنتاج بما يساهم حتما" في تحسين أوضاع الحكومة المالية .

هناك ضرورة للعمل الجاد على الوصول الى الإكتفاء الغذائي  وهناك ضرورة للعمل على الإستفادة من الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء وهناك ضرورات لزيادة الاعتماد على تطورات قطاع تقنية المعلومات والانظمة المتكاملة لضمان إدارة الأعمال بأعلى مستوى من السهولة والشفافية وهناك ضرورة لتعزيز الصناعات بكل الطرق لتكون الصناعات أساس تلبية إحتياج المواطن مع امكانية التصدير للخارج .

هذا ويجب إعادة الإعتبار لفكرة الجمعيات التعاونية حيث يمكن للحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص بتوفير مواد غذائية بأسعار معقولة ويجب دعم فكرة المؤسسة العسكرية الإستهلاكية للعمل على توفير أفضل سبل الحياة لحماة الوطن وكما يجب أن يتم إعادة الإعتبار للسكن الحكومي وخاصة في القطاع الطبي ليكون الدكتور العامل في مستشفى يسكن بالقرب من مكان عمله .

كما قلت وأكرر الكورونا تحدي كبير ولكنه فرصة سانحة لمراجعة الحسابات إجتماعيا" وإقتصاديا " ويمكن لنا البناء عليه لبناء مستقبل أفضل لشعبنا مذكرا" بقول الله تعالى  فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ  وأدعوكم لإعتبار الكورونا فرصة للعمل بما ينفع الناس وهذا حتما" سيمكث في الأرض وسيبقى بها الى يوم الدين وسيكون مقدمة لإظهار قدرة الفلسطيني على تجاوز التحديات .