نتنياهو من الدفاع للهجوم
تاريخ النشر : 2020-04-09 18:45

لطالما حاول زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو اقناع بيني غانتس زعيم حزب ازرق ابيض بتشكيل حكومة وطنية, ولطالما قدم التنازلات والاغراءات لغانتس للقبول بذلك, ولكن غانتس كان يتعنت ويشترط على الليكود عدم ترشح نتنياهو لرئاسة الحكومة , كما يشترط عدم سن أي قانون يمنع تقديم نتنياهو للمحاكمة, لكن المفاجأة كانت عندما استجاب غانتس فجأة وقبل بتحالف ازرق ابيض مع الليكود لتشكيل حكومة بينهما, ووافق على تولي نتنياهو رئاسة الحكومة في الفترة الاولى مناصفة بينهما, رغم عدم يقينه ان نتنياهو سيفي بوعده ويوصله الى سدة الحكم, لكن غانتس اغراه موقعه الجديد الذي قدمه اليمين الصهيوني له, وهو رئاسة الكنيست, وبدأ غانتس يخرج بكثافة على وسائل الاعلام ليتحدث عن قرب الاعلان عن الحكومة الجديدة برئاسة نتنياهو, وهو ما ادى الى تصدع كبير في حزب «كاحول لفان» الذي يتزعمه غانتس, وانسحاب حزب العمل من التحالف مع ميرتس, فلم تعد هناك تكتلات حقيقية لمواجهة حزب الليكود في أي انتخابات قادمة, وتغيرت الخارطة السياسية الاسرائيلية لصالح بنيامين نتنياهو, وهو ما استغله لصالحة.

بنيامين نتنياهو تراجع خطوة الى الوراء, وانتقل من حالة الدفاع الى الهجوم, وبدأ يملي شروطه على غانتس واهم شيء يريده نتنياهو هو ملف القضاء, حيث تصلبت مواقف القضاء في ملف الفساد الخاص بنتنياهو, ووجهت اليه تهماً مباشرة بالفساد, وقررت فتح ملف التحقيق معه لولا فيروس كورونا وانتشاره بين الاسرائيليين, والذي ادى الى توقف عمل القضاء, ونجا نتنياهو من المساءلة والخضوع للتحقيق, ويرغب نتنياهو في التحكم في تركيبة لجنة تعيين القضاة للتخلص من قضايا الفساد المتهم بها, واصبحت هذه نقطة خلاف بارزة بين نتنياهو وغانتس, لكن نتنياهو مطمئن الى عدم تراجع «كاحول لفان» عن تشكيل الحكومة الجديدة, خاصة بعد ان فقد غانتس حلفاءه وبات في موقف لا يحسد عليه, كما ان فترة تفويض غانتس بتشكيل الحكومة تنتهي في 13 ابريل أي بعد اربعة ايام, ومن المستبعد ان يعيد ما يسمى برئيس الدولة رؤوبين ريفلين تكليف غانتس مجددا بتشكيل الحكومة, وسينقل التكليف الى نتنياهو لكي يبقى هو المتحكم الرئيسي في الحكومة ويملي شروطه على غانتس وهو في موقف اقوى, وفي النهاية سيرضخ غانتس لشروط نتنياهو.

ما يدفع نحو تشكيل حكومة صهيونية جديدة بخلاف تفكك حزب «ازرق ابيض» بزعامة غانتس, هو تحذير ما يسمى برئيس الدولة ريفلين لليكود وكاحول لفان بالمخاطرة بانتخابات رابعة, وقد وصفهما من قبل بالمجانين عندما توجها لانتخابات ثالثة, فكيف سيصفهما عندما يتوجهان لانتخابات رابعة, فهذه الخطوة فيها مغامرة كبيرة لأنها تثير اشمئزاز الناخبين الصهاينة, وتفقدهم الثقة بحكومتهم تماما, كما ان هناك قضايا مصيرية وملحة تحتاج «اسرائيل الى تنفيذها, وتهيئة الاجواء المناسبة لتمريرها ومطلوب حكومة قوية لتمريرها وهى:

اولا: صفقة القرن:- التي اعتبرتها اسرائيل من اهم انجازاتها في هذا القرن, وتسعى الى تطبيقها على ارض الواقع قبل تنحي رئيس الادارة الامريكية دونالد ترامب عن الحكم, خوفا من تراجع بديله عنها.

ثانيا: ملف الجنود المفقودين لدى المقاومة: خاصة بعد ان طرح رئيس حركة حماس السيد يحيى السنوار امكانية فتح الحوار حول ملف الجنود الصهاينة وفق الية جديدة شجعت الاحتلال لبدء جولة من الحوار عبر وسطاء, وهذا الملف سيصب كثيرا في صالح نتنياهو في أي انتخابات جديدة في حال انجازه .

ثالثا : فيروس كورونا الذي يمثل «كارثة» للإسرائيليين بسبب تفشي هذا الفيروس وانتشاره بين الاسرائيليين بكثافة واصابة الالاف منهم وموت العشرات بسبب هذا الوباء, وتتوقع الحكومة الصهيونية وفق التقديرات التي تقدمها الجهات المختصة بانتشاراً اكبر لهذا الوباء الفتاك, وحصد المزيد من ارواح الاسرائيليين.

نتنياهو يعرف تماما كيف يواجه خصومة, ومتى ينتقل من حالة الدفاع الى الهجوم, وهو دائما يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على فريسته, فبعد ان ايقن بقدرته على تشكيل حكومة مشتركة بات الان يسعى لتحصين نفسه من أي ملاحقة قضائية, واصبح غانتس ينتظر فقط متى سيعلن نتنياهو عن تشكيل الحكومة الجديدة.