تجربة الحجر الصحي في غزة كما يرويها " كمال موسى"!
تاريخ النشر : 2020-04-08 12:09

غزة: مع استمرار انتشار فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتجاوز وفياته عشرات الآلاف، وإصابة أكثرمن مليون شخص، لازالنا  نسمع مصطلحات الحجر الصحي والعزل.

والحجر الصحي (quarantine) إجراء يخضع له الأشخاص الذين تعرضوا لمرض معد، وهذا إذا أصيبوا بالمرض أو لم يصابوا به.
تجربة خاضتها جميع الدول بالعالم أجمع بما فيها قطاع غزة المحاصر، ربما تكون الأقسى فالحجر هنا يعني الانتقال من سجن إلى سجن اخر أصغر.

من فندق المتحف في غزة ومن داخل غرفة الحجر الخاصة به التقى"أمد" بمدير العلاقات العامة في وزارة الصحة كمال موسى.


وهذا نص الحوار الذي أجراه جميل فؤاد: 

بداية استاذ كمال موسى نرحب بك

1_ تحدث لنا عن تجربتك في الحجر

* لا شك ان تجربة الحجر الصحي تجربة ليست سهلة على النفس، ان تكون داخل سجن بشروط انسانية وصحية ان تقيد حركتك تبتعد عن زوجتك وابناءك وعائلتك وعملك، امر ليس سهلا على النفس ويحتاج بعضا من الوقت لتتكيف مع المكان ومع الاشخاص الذين ستتعامل معهم من طواقم صحية وامنية وادارية.
لا شك أن الخوف والقلق وعدم اليقين كان يسيطر على الجميع في الايام الاولى، وكانت العلاقة رسمية وتعليمات وخاصة انهم فرضوا علينا الا نخرج من باب الغرفة مطلقا.

2_ بلا شك ان اليوم الأول كان ثقيلا عليكم كيف قضيته؟
*  اليوم الاول عندما قدمت بنفسي بعد ابلاغي من الوزارة بضرورة التوجه لفندق المتحف، حيث كنت اول شخص يصل المكان وحينما عرف عمال الفندق بانني قادم للحجر وانني مشتبه بالاصابة خافوا وارتبكوا وتركوا عملهم وغادرو.
 لكن في اليوم التالي عندما تم نقل جميع المحجورين والمستضافين من مدرسة بلقيس بعد اكتشاف اول حالتين داخل المدرسة وحضور جميع الطواقم الصحية والامنية والادارية تحسنت الامور كثيرا، وبداو بتوفير جميع الاحتياجات من حيث الطعام والشراب ووسائل النظافة الشخصية. 

3_ كيف تلقيت نبأ الحجر وكيف كان وقعه على اهل بيتك؟
* كان صدمة لي 
حيث كنت أجلس بالبيت مع الاولاد سهرانين وفوجئت بخبر ان هناك مؤتمر لوزارة الصحة، ولم تكن قد اكتشفت اي حالة في القطاع.
قلقت كثيرا ومباشرة ارتديت ملابسي وركبت سيارتي وتوجهت للوزارة وكانت الساعة الواحدة صباحا ووجدت الوكيل وعدد من أركان الوزارة في مؤتمر صحفي في مكتبه، ويعلنون عن اكتشاف أول حالتين مصابتين بالفيروس وهما القادمتين من باكستان.
  فتذكرت الشيخين الذين ساعدتهما في مدرسة بلقيس حينما رفضا الدخول مع بقية الناس الغرف وجلسا بجانب الشرطة، وبعد الانتهاء من دخول الناس غرف المدرسة وتوفير الأسرة والفرشات لهم توجهنا لهما وسالناهما عن حاجتهما ومشكلتهما فقالا أنهما بحاجة إلى غرفة قريبة من الحمام.
فقمنا بإيجاد غرفة قريبة من الحمامات وطلبنا من عمال النظافة تنظيفها وتجهيزها بالأسرة والفراش، وفي خلال أقل من نصف ساعة كانت الغرفة جاهزة فاخذنا الشيخين واوصلناهما للغرفة ليستريحا فيها ثم غادرنا المدرسة بعد الاطمئنان على سير العمل في المدرسة، و حينما علمت ان المصابان هما الشيخان القادمان من باكستان، اخبرتهما أنه حدث اختلاط بيني وبينهم فقالوا ان جميع من اختلط بهم يجب أن يذهب للحجر الصحي.
 صدمت بالحالة التي انا فيها وجلست في غرفة مجاورة حتى انتهاء المؤتمر، وجاء الوكيل د. يوسف وسألني ماذا حدث فاخبرته فطلب مني التوجه للحجر في فندق المتحف، حيث انه تم استلامه قبل قليل ويتم تجهيزه على الفور قمت بالاتصال بالبيت وابلغتهم بالامر وطلبت ان يجهزو لي بعض الملابس والاحتياجات وينزلوها لي تحت العمارة وساخذها من ابني الصغير وانا في السيارة حتى لا تحدث مخالطة إضافية وطلبت منهم ان يبقوا في الحجر المنزلي ايضا ١٤ يوم.

4_ كيف كنتم تتواصلون مع اهل بيتكم وكيف كانت جودة الطعام

*الطعام بصراحة كان جيدا وكثيرا، وقلت ان وزني سيزداد حتما، اما الاتصالات اليومية من الاخوة والاصدقاء والاقارب والاحباب لم تتوقف في الايام الاولى، ونحن كنا بدورنا نتواصل معهم من خلال الانترنت والاتصالات الاعتيادية.

5_ بعد انتهاء الاسبوع الاول هل زال القلق والخوف في الحجر وما هي اهم المشكلات التي واجهتكم
*  بعد اسبوع صار هناك نوع من المعرفة مع الطواقم وصاروا يقتربوا اكثر في الحديث والنقاش من عند الباب، وخاصة بعدما عرفوا انني مدير العلاقات العامة صاروا يسألونني عن أمور تتعلق بالصحة لان الطواقم أيضا تعيش قلق، لأنه سيتم حجر خاص بهم بعد انتهاء الفترة وكانوا يسالونني عن كيفية احتساب فترة الحجر للموظفين.
كما ان وجود التلفزيون والانترنت ساهم كثيرا في قضاء الوقت، ومساعدة في التواصل مع الاهل والاصدقاء والعمل، وهذا خفف القلق والخوف لدى العائلة بعد ظهور نتيجة الفحص السلبية.
أما المشاكل هي في  قلة الحركة أحد المشاكل التي واجهتني فكنت اضطر أن أمارس رياضة داخل الغرفة، و أقوم ببعض التمارين الرياضية قدر الإمكان صباحا ومساءا وهذا كان شيء رائع لي

6_ بما ان حضرتك مسؤل في وزارة الصحة تحدث لنا عن كيفية اخذ العينات وكيف كنتم تتأكدون من صحة اختباراتكم لقلة الامكانات؟
* طلبو مني ان احضر الكرسي وأجلس على باب الغرفة، واخذوا العينة من انفي حيث جاء طاقم غير الطاقم الموجود متخصص في سحب العينة وبكامل ملابس الوقاية والحماية ويضعها في الحاوية وياخذوها للمختبر
وللعلم هناك  80 عينة التي قامت منظمة الصحة بارسالها لدولة الاحتلال (تسمى عينات كنترول)، هي عينات للتاكد من صحة بيانات الجهاز الموجود من خلال ارسال عينات ايجابية وعينات سلبية بارقام وبدون اسماء وفحصها في مكان اخر وبعد النتيجة يتم مقارنة القراءتين للتاكد من صحة البيانات والقراءة الاولى.

7_ كيف كنت تتغلب على الروتين اليومي؟

 * بعد صلاة الفجر كنت أقرأ الورد اليومي من القرآن ثم أقوم بممارسة بعض التمارين الرياضية، حتى ياتي الفطور من خلال رجال الأمن يدقون على الباب وضعوه على الباب واتناوله مع كوبا من الشاي أو الينسون.
و من المهام اليومية، مطلوب أن أرتب فراشي وسريري وأقوم بكنس الغرفة وشطفها ومسحها وكذلك الجلي وغسيل الملابس ونشرها حيث وجدت ان شطف الغرفة ومسحها امر متعب وليس سهلا كما كنت اظن

8_ هل من نصيحة توجهها لجهات الاختصاص؟

* الاهتمام بالجانب النفسي للمحجورين خاصة في الأيام الأولى بالذات للمرضى واصحاب الاحتياجات.

9- رسالتك لشعبنا الفلسطيني المحاصر الذي عاش هذه المحنة وهذه الجائحة

* احيي شعبنا على صبره وصموده في هذه المحنة والجائحة التي تجتاح العالم، شعبنا الذي لم يتخل عن حقه في أرضه ووطنه رغم كل الألم والتضحيات 
وهو أقدر من غيره على الصمود والصبر، وتحمل ما يطلب من تعليمات وتوجيهات بالتباعد الاجتماعي والحفاظ على العناية الشخصية والاهتمام باولادنا وبناتنا، حتي تنتهي هذه الجائحة وننتصر في معركتنا ضد المرض والجهل والتي ستكون مقدمة لننتصر في معركتنا الكبرى ضد الاحتلال،  كما ادعو قيادة شعبنا للتوحد وإنهاء الانقسام لأننا كشعب أحوج ما نكون للوحدة ورص الصفوف  في مواجهة فيرس كورونا المستجد كوفيد ١٩

في النهاية، لا يسعنى استاذ كمال و بإسم اسرة أمد نتقدم لكم بالشكر الجزيل والحمد لله على السلامة


وكانت إسراء نجلة كمال موسى، كتبت تغريدة مؤثرة فور تلقي نبأ حجر ابيها في فندق المتحف .