ما كورونا ما أرانا نقول إلّا معارًا أو معادًا من قولنا مكرورا
تاريخ النشر : 2020-03-26 13:07

كثيرًا ما كانت نفسي تعاندني، وكانت تراجعني في بعض الذي أقول، وقد تذكّرت عادتها في الآونة الأخيرة، فأرادت اليوم أن تفعل معي هذا الشيء، وقبل قليل رأيتها تقول لي: 

 -  إن كنت كاتبًا حقًّا فاكتب وانشر ما يهمّ الناس! ودعك ودع الناس من خالد ومن عنترة، ومن مختار بلدتك وابنه وأقربائه وأقربائك كافّة، فالناس اليوم تريد أن تعرف بعض الأشياء المفيدة عن وباء الكورونا، هذا الطاعون الذي يفتك بهم!!

= ومن قال لك إنّني حصّلت علمًا صحيحًا عن هذا الوباء؟ 
 -  إذا كنت لا تعرف شيئًا فعليك أن تبحث وتنقّب وتكتب لنا عنه كما يكتب أولئك الذين يزحمون فضاء الفيس وأثير الإذاعة بأخبار الكورونا، وطرق النجاة منه!

= وهل كلّ ما نقرأ ونسمع يفيد الناس ويمنع تفشّي هذا الكورونا،  وتعرقل وصوله إلى هؤلاء الناس؟
 -  يا أخي، أكتب كما يكتبون، وكن واحدًا من هؤلاء الناس الذين يخدمون المجتمع، وكن دائمًا في قلب الحدث! ولن تجد عذرًا إن تقاعست عن واجبك!

 = وكيف أخدم المجتمع وأكتب في هذا الموضوع وأنا لا أعرف عنه أكثر ممّا تقدّمه جهات الاختصاص؟! 
- لا عليك! أنت تكتب والناس تقرأ، وهم يعرفون ما يفيد فهم آخذوه، وما لا يفيد فهم تاركوه!

= أتعلمين أنّني لو صدّقت كلامك هذا عن الناس لكتبت لهم في أمور الطبّ والصيدلة والفيزياء والكيمياء والأحياء وغيرها، معتمدًا على أنّهم يستطيعون –مثلك- معرفة الصالح المفيد من الفاسد الضار، وتمييز أحدهما من الآخر، ولكن من أين لنا بعاقل مثلك؟! آهٍ يا نفسي... ما كورونا؟!!  

 "ما كورونا"؟ ولم نخاف منه؟ ولم يمازح الأطفال أصدقاءهم في الشارع وأهليهم في البيت بلفظ: "كورونا... كورونا"؟ ولماذا نسمع كلّ دقيقة لفظة "كورونا" ستّين مرّة؟ نسمعه في البيت، وفي الشارع، وفي السوق المخبز والدكّان، ونسمعه في كلّ الإذاعات التي نتمكّن في بعض الأحيان من استقبالها! وفي كل ما نسمع أو نرى تحذيرات دائمة من الكورونا وإرشادات لتجنب الإصابة به!!

وهل نحن –والآخرون- نعمل بهذه الإرشادات ونأخذ التحذيرات على محمل الجدّ؟ هل نلتزم حقًّا بكلّ النصائح التي يرشدنا إليها أهل الاختصاص في وزارة الصحّة والأمن والأوقاف؟! ولماذا نضحك من الكورونا ونسخر ممّن يضع الكمّامات على الأنف والفم؟ ولو كنّا ندرك فائدة الكمّامة لوضعناها على العين أيضًا، ولجلسنا في بيوتنا لعلّنا نقلّل من فرص الإصابة بالكورونا أو نحدّ من سرعة انتشاره! 

وفي كلّ الأحوال فأنا لست متطبّبًا لأكتب شيئًا عن الكورونا... وقانا الله والمسلمين من هذا الكورونا وعواقبه! وقديمًا قال زهير الجاهليّ الحكيم:
ما أرانا نقول إلّا مُعارًا*أو معادًا من قولنا مكرورا ولعلّ زهيرًا الحكيم كان يقصد أمثالي الذين يكذبون... أقصد يكتبون بإسهاب في كلّ مجال عن الكورونا وعن علاجه وهم لا يفقهون شيئًا من علوم الطبّ والأمراض والأدوية!

كان الأهل والجيران يسمعوننا دائمًا: "أعط العيش لخبّازه..."! غفر الله لي ولك أيّتها النفس الأمّارة، ألجأتني إلى الخوض في بحر لا أحسن السباحة فيه، ولعلّ أصحابه يعذرون... وكتبه محمود عبد المالك رادًّا على نفسه وعلى غيره.