المقاومة ومصالح الشعب العليا
تاريخ النشر : 2014-07-23 02:35

لا يوجد فلسطيني وطني يرفض اي شكل من اشكال المقاومة وفي طليعتها الكفاح المسلح، اولا لان من حق الشعب العربي الفلسطيني، إستخدام كل اشكال النضال حتى تحقيق اهدافه الوطنية؛ ثانيا كما ان القانون الدولي كفل للفلسطينيين إستخدام كل اشكال الكفاح في العام 1975؛ ثالثا طالما دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ترفض الاستجابة لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وتشن الحرب تلو الحرب والاجتياحات، وترتكب ابشع اشكال الهولوكست ضد ابناء فلسطين في الضفة وغزة وفي الشتات كما صبرا وشاتيلا وقانا اللبنانية وبحر البقر في مصر، وتواصل عمليات البناء في مستعمراتها من خلال المصادرة للارض وتهويدها وتعتقل وتدير الظهر للقانون والشرائع الدولية، فإن من حق الفلسطينيين ممارسة حقهم في الدفاع عن انفسهم بكل الاشكال، التي كفلها القانون والاعراف الدولية.

إذا من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن النفس بكل الوسائل والاساليب المشروعة حتى تحقيق اهدافه كلها في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير. ولكن المقاومة واشكالها ليست كلمة عامة، بل هي اساليب تستخدم وفق رؤية إستراتيجية وتكتيكية بما يتوافق مع البرنامج الوطني في كل مرحلة من مراحل الكفاح. وبالتالي اشكال الكفاح تتغير بتغير الظروف والمعطيات والتطورات ذات الصلة بالقضية والمشروع الوطني وبما يخدم المصالح العليا للشعب، ولا يكون استخدامها بشكل ارتجالي وانفعالي، وانما وفق رؤية وطنية جامعة، اي وفق برنامج منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

ومنذ الانتفاضة الكبرى 1987 / 1993 تبنت الفصائل الوطنية بما في قوى الاسلام السياسي حديثة العهد في المشهد الوطني شكل الكفاح الشعبي السلمي، لانه امسى اكثر إيجابية في التأثير على الرأي العام الاسرائيلي والاقليمي والعالمي، وتكرس هذا الاسلوب بعد التوقيع على اتفاقيات اوسلو 1993. اضف الى فصائل العمل السياسي في الساحة وافقت على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي.

كما ان الرئيس محمود عباس، عندما اعلن ترشحه للرئاسة، طرح برنامجه السياسي، واعتمد بوضوح خيار الكفاح السلمي لتحقيق الاهداف الوطنية، لم يداهن، ولم يزوق برنامجه، ولم يخدع احد من الشعب، وانتخب على اساس ذلك. وهو مازال منسجما مع برنامجه السياسي، ولم يغادره حتى الان.

غير ان بعض الفصائل لحابات فئوية واجندات خارجية سعت لسحب البساط من تحت اقدام منظمة التحرير باسم \"المقاومة\"، واستفادت من الفشل في تحقيق قفزة تجاه الحل السياسي نتيجة الاستعصاء الاسرائيلي، الذي وضع كل العقبات والعراقيل خلال الواحد والعشرين عاما، التي خلت منذ التوقيع على اتفاقيات اوسلو، وايضا نتيجة الاخطاء، التي وقعت فيها السلطة، ووجدت ارضا خصبة في الاوساط العربية والاسلامية قبل افتضاح دور جماعة الاخوان المسلمين في الثورات العربية المتناقض مع مصالح الجماهير العربية عموما والفلسطينية خصوصا، كما ان دور حركة حماس إنجلى بشكل لا لبس فيه بعد انقلابها على الشرعية اواسط عام 2007 للجماهير الفلسطينية، التي خرجت مرتين في نوفمبر 2007 ويناير 2013 ليلعن رفضه لخيار حماس الاخوانية.

مع ذلك قبلت القيادة الشرعية عودة حماس لحاضنتها، وتحملت، ومازالت تتحمل اعباء وتداعيات سياساتها البعيدة عن الاجندة الوطنية. ورغم ذلك، لا يوجد احد يمكنه التنكر لانجازات ونجاحات فصائل المقاومة في محافظات الجنوب في الحرب الدائرة منذ اسبوعين على ثرى القطاع الحبيب. وصفق الشعب للروح البطولية، التي تمثلت بعطاء وابداعات المقاومين وعملياتهم خلف خطوط جيش الموت الاسرائيلي وايضا خطف الجندي الاسرائيلي شاؤول، وتمكنها من قصف المدن والتجمعات الاسرائيلية في العمق. إلآ ان اي عمل كفاحي إن لم يكن  في خدمة مصالح الشعب العليا، ولخدمة اجندات خارجية وحسابات ضيقة، فإنه يصبح عبئا على الشعب ومصالحه، ويُّدفع الشعب اثمانا باهضة من التضحيات الجسام، ويضر بالاهداف الوطنية، ولا يخدمها من قريب او بعيد.

الجميع يعلم ان مصر طرحت مبادرتها للهدنة إستنادا إلى تفاهمات مرسي المعزول وحماس نوفمبر 2012، إسرائيل المارقة والخارجة على القانون وافقت عليها، وحركة حماس رفضتها، لحسابات واجندات خاصة وعربية واقليمية، الامر الذي ضاعف من حجم التضحيات الناجمة عن المحرقة الاسرائيلية. ولم يقل احد لحركة حماس اقبلي الهدنة المصرية كما هي، نعم تحتاج الى تطوير، ولكن على حماس وغيرها من الفصائل قبول المبادرة المصرية لايقاف شلال الدم، وحقن دماء الاطفال والنساء والشيوخ وعمليات التدمير المنهجية، التي تنفذها آلة الحرب الاسرائيلية القاتلة والمميتة.

لذلك عندما يقول المرء، نعم لكل اشكال المقاومة، فإنه لا يقول ذلك من باب التساوق مع المنطق الغوغائي الشعبوي، وانما من اجل الربط العميق بين المقاومة وانجازاتها وبين المشروع السياسي الوطني ومصالح الشعب العليا.

آن الآوان ان يصمت الديماغوجيين والغوغائيين، الذين يطبلوا لكل قذيفة تطلق على إسرائيل، وعليهم ان يدققوا في الاثمان الباهضة، التي دفعها الشعب في محافظات الوطن جميعها وخاصة محافظات الجنوب، والتي سيدفعها إن لم تحسن القيادة وضع حد لمنطق حماس المتناقض مع مصالح الشعب العليا.

[email protected]

[email protected]