غزة تواصل الوجود دون إسماعيل هنية
تاريخ النشر : 2020-03-01 07:47

سبق وكتبت مقالاً طالبت فيه بأن تكون أغلبية قيادة حركة حماس في الخارج، وأن تكون قيادة الشعب الفلسطيني برمته في الخارج، وذلك حفاظاً على استقلالية القرار من ضغط الاحتلال، وتأكيداً على أن القضية الفلسطينية لا تخص بضع ملايين يقطنون في غز ة والضفة الغربية، وإنما هي قضية الأمة كلها، وهي قضية شعب طرد من أرضه، وصار لاجئاً، وتعداده في الشتات لا يقل عن تعداده على أرض الوطن، وبالتالي لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال حل قضية اللاجئين، وعودتهم إلى أرضهم، مع قيام دولتهم.
إن تواجد القيادة الوطنية المقاومة في الخارج ليسهم في معالجة خطيئة أوسلو سنة 1994، حين قامت السلطة الفلسطينية على أرض غزة واريحا أولاً، وخذلت فلسطيني الشتات، وتركتهم يعانون غربتهم، في تلك الفترة التي عاد فيها إلى الوطن قادة منظمة التحرير وأبناؤهم وأصدقاؤهم وجيرانهم وأنسابهم، وأصحاب المصالح، وكل من واقفت عليهم إسرائيل.
لقد مثلت عودة بعض القيادات الانتقائية إلى أرض الوطن طعنة في ظهر قضية اللاجئين، واستجابة للشرط الإسرائيلي، الذي رأى بعودة عدة آلاف من قادة التنظيمات وخاصتهم حلاً لقضية اللاجئين، وهذا ما يفرض على قائد حركة حماس إسماعيل هنية أن يلتفت إلى هذه المنقصة السياسية، التي خلفتها اتفاقية أوسلو، وأن يشارك اللاجئين تطلعاتهم، وأن يطيل إقامته في الخارج بينهم، ليجسد بهجرته العكسية المؤقتة رسالة ميدانية تقول لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الخارج أنا منكم، وأنا معكم، وبكم سنعيد صياغة منظمة التحرير الفلسطينية، لتكون مهمتها تحرير فلسطين بالفعل، وليس تدوير الاتفاقيات السياسية التي يوافق عليها الجنرال الإسرائيلي منسق شؤون المناطق.
سيمثل التواصل مع اللاجئين الفلسطينيين في الخارج مدخلاً للتواصل مع الشعوب العربية والإسلامية، وبما يسهم في العمل المشترك الهادف إلى التأثير على النخب السياسية والشخصيات الحزبية والتجمعات الثقافية في بلاد العرب، لتعود القضية الفلسطينية إلى الحضن العربي والإسلامي، ويتحمل الجميع مسؤولياتهم الوطنية والدينية والأخلاقية تجاه أرض فلسطين، وتجاه من يحمل راية المقاومة.
وإذا كان في تجارب الآخرين عبرة، فقد سمعت الشهيد فيصل الحسيني يقول: حين زرت الكويت، أقاموا لي استقبالاً رسمياً، وعقدوا لي لقاءات رسمية، واجتماعات رسمية، وزيارات رسمية، ولم يسمحوا لي بعقد اللقاءات الواسعة مع الشعوب العربية، ومع جماهير الفلسطينيين المقيمين في الكويت؛ في تلك الفترة التي كانت الكويت تحتضن أكبر جالية فلسطينية في الخليج، لقد نجحوا في عزلي من شدة الحفاوة والتكريم.
نتمنى على إسماعيل هنية أن يستفيد من تجربة الشهيد فيصل الحسيني.