سقوط فلسفة وعد بلفور!!!
تاريخ النشر : 2013-11-02 18:03

بعد مرور ست و تسعين سنة، ما يزال وعد بلفور، الذي صدر من بريطانيا الأمبراطورية الاستعمارية الأول آنذاك، ماثلاً في أذهاننا كنموذج هو الأسوأ و الأفدح في تاريخ العلاقات الدولية، حيث القوي يفعل بالضعيف ما يشاء دون أدنى رادع قانوني أو أخلاقي!!! و على امتداد القرن الأخير عانى شعبنا الفلسطيني من ويلات ذلك الوعد، فذبح وطنه، و ذبح وجوده الإنساني، و تحولت أيامه إلى تراجيديا مفجعة أين منها التراجيديات القديمة؟؟؟

 و رغم كل ذلك الحديث التاريخي المروع الذي سمى في التاريخ بإسم النكبة!!! فإن شعبنا لم يتوقف لحظة واحدة عن النضال القاسي و المرير لإسقاط الفلسفة السياسية التي انطلق منها وعد بلفور:

الذي لا يملك.

 أعطى لمن لا يستحق.

 أعطاه وطن شعب أخر، شعب عريق، من أول الشعوب التي أشرق عليها التاريخ الإنساني، شعب مازالت شواهده الحضارية العريقة تدل عليه، اقتلع من وطنه تحت تهديد الحديد و النار و الموت و أعطي وطنه للآخرين.

كلما تطور نمط العلاقات الدولية إلى الأفضل و لو قليلاً، فإن الكفاح البطولي المستمر للشعب الفلسطيني يأخذ بعداً إلهامياً لأهل المنطقة و لشعوب العالم أجمع!!! و هذا هو السبب أن الرواية الفلسطينية، و القافلة الفلسطينية، هي الأشهر منذ بدايتها، بسبب أن هذا الشعب الصغير الذي تعرض لهذا الظلم الفادح، و الاختلال الفاضح في موازين القوى، و الحجم الهائل من التواطؤ و النفاق الدولي، لم يتوقف لحظة واحدة عن الحضور، لم يكن عبئاً و لا عبثاً، بل كان حاضراً بأرقى الأشكال الإيجابية، بل إنه نشر عدالة قضيته في أشتات العالم من خلال نموذجه الإنساني المبدع، يأكل لقمته بعرق جبينه، و يستحق مكانته بالجهد و العرق و بالدماء أحياناً كثيرة، لدرجة أن الأسئلة الاستنكارية ماتزال تطارد اسم بلفور رغم غيابه في العدم منذ عقود، لماذا كان ذلك الوعد؟؟؟ و كيف واجه هذا الشعب عبر مسيرته الطويلة كل تجليات عربدة القوة، و كل أشكال فقدان الضمير و العدوان على الحق؟؟؟

 و نحن نستلهم ذاكرة وعد بلفور المشئوم، يجب أن نجدد الثقة بهويتنا الوطنية كشعب صاحب أعدل قضيه، و الثقة بهويتنا الوطنية من خلال أن وطننا فلسطين لا يغيب لحظة واحدة، إنه ساطع في حضوره من خلالنا و نحن حاضرين في كل مناحي الحضور، لا نبيع جرحنا لآخر، و لا نأمن على قضيتنا سوى أن تكون في أيدينا، و لا نهرب إلى رهانات الآخرين لنتوه في الطرق المتشعبة.

عدالة قضيتنا تكمن في حضورنا الدائم، حضورنا الفاعل، حضورنا الذي لا يستطيع أحد أن يتجاهله، في زمن الشدة، و في زمن الرخاء، فلسطين حاضرة لأن شعبها حاضر، يقبض على الجمر، و لا يغادر مكانه لصالح أي أحد آخر أو لصالح مشروع آخر سواء كان ذلك المشروع حقيقة أم وهماً.

بعد ست و تسعين سنة، نحن هنا، كأننا في البداية الأولى، كأننا في الاشتباك الأول، و فلسطين هي أول الكلام و آخر الكلام.