هل نكتفي بدور الشهود على تنفيذ الجريمة ..؟!
تاريخ النشر : 2020-02-24 17:17

لم يكن أحد بحاجة للإنتظار إلى يوم 28/1/2020م لمعرفة محتويات (صفقة القرن) وما يمكن أن تؤدي إليه، ومع ذلك بقي العالم ينتظر الإعلان عنها، رغم ما أفاض به وأعلنه الرئيس ترامب وفريق عمله عن عناصرها الأساسية عبر سلسلة من الخطوات والإجراءات الأحادية مسبقاً، حسمت فيها مصير معظم العناصر الرئيسية التي يجب أن تكون موضع تفاوض بين طرفي الصراع.

لقد بدأ التنفيذ الفعلي لصفقة القرن قبل بدء الإعداد لها وليس قبل الإعلان عنها، حين قرر ونفذ الرئيس ترامب إعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل سفارته إليها في ( 6/12/2017م – 15/4/2018م ) وأتبعها بسلسلة مواقف وإجراءات أحادية معادية للشعب الفلسطيني وحقوقه بدءا من حق العودة وصولاً إلى حق الدولة وما بينهما، والتي تؤدي إلى نهاية مأساوية لحقوق الشعب الفلسطيني، ولكافة الجهود العربية والدولية التي بذلت لتسوية الصراع، سواء منها المبادرات والمؤتمرات الدولية وقرارات الأمم المتحدة المختلفة منذ عام 1947م إلى غاية الآن، ضاربا بها عرض الحائط، متجاوزاً ومتحدياً القانون الدولي وكافة ردود الفعل العربية والدولية وحتى مواقف الإدارات الأمريكية السابقة من مختلف عناصر الصراع سواء منها اللاجئين أو الإستيطان أو القدس أو الحدود، وإسقاط مبدأي الإرض مقابل السلام، وحل الدولتين القابلتين للتعايش في أمن وسلام، فلم يبقى شيئاً للتفاوض عليه.

لم يأتي الترحيب بالصفقة سوى من اليمين المتنافس والمتحكم في حكم المستعمرة، لأنها تطابقت تطابقاً كاملاً وأكثر مع تطلعاته في شطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتقزيمها إلى درجة الإختفاء والذوبان في أحشاء الكيان الصهيوني، تمهيداً لقذف الشعب الفلسطيني إلى خارج الجغرافيا الفلسطينية ..!

هكذا فإن كافة المواقف والبيانات الرافضة لصفقة القرن من الشعب الفلسطيني وقيادته إلى الرفض العربي والدولي الذي قوبلت به، فإنه لم يوقف عجلة تنفيذها التي بدأت في التحرك والدوران قبل أن يعلن عنها رسمياً، وقد تسارعت عجلة الصفقة في التحرك للتنفيذ على أرض الواقع، بدءاً من تأكيد ضم القدس والمستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إتخاذ الإجراءات ووضع الخطط لضم الأغوار ومزيد من الأراضي المحيطة بالمستوطنات لضمان توسعها، والإعلان عن تسارع وتيرة البناء لآلاف الوحدات السكنية سواء في المستوطنات المقامة، وإستحداث مستوطنات جديدة وخصوصاً منها على أرض مطار القدس (قلنديا) التي تفصل القدس عن محافظة رام الله، ومحاصرة وتضييق المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية حسب إتفاق أوسلو لإختزالها إلى المناطق A، متواكباً مع تشديد القبضة الأمنية والعسكرية على الفلسطينيين سواء منها في القدس أو قطاع غزة أو بقية مدن الضفة التي تتعرض للإجتياحات اليومية، وتوالي سياسات القتل والإعتقال دون رادع، والتبجح الإعلامي من قبل نتنياهو أنه رغم مواقفه المتطرفة فإنه يدعي أنه إستطاع أن يقيم علاقات مع أغلبية الدول العربية بإستثناء دولتين أو ثلاثة، كما بدأ للأسف البعض بتحميل الشعب الفلسطيني وقياداته عبر تاريخ الصراع مسؤولية الأوضاع التي آل أو سيؤول إليها وضعه، مترافقاً مع الدعوات الصريحة للتخلي عن القضية الفلسطينية وإقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني ..!

أمام هذا الوضع الكارثي الواقع، والصورة السوداوية البائسة التي ترسمها صفقة القرن، هل سيبقى الشعب الفلسطيني مكتوف اليدين، منتظراً المجتمع الدولي وبياناته وقراراته لإستعادة حقوقه ؟!.

وهل سيكتفي الفلسطينيون ومعهم أشقاؤهم وأصدقاؤهم من دول العالم بدور الشهود على تنفيذ جريمة القرن؟!.