لجنة المتصهينين تبدأ اعمالها
تاريخ النشر : 2020-02-22 17:37

بعيدا عن الاضواء وداخل الغرف المغلقة ودون ضجيج بدأت لجنة رسم الخرائط الإسرائيلية- الأميركية، التي ستحدد المناطق التي ستفرض عليها السيادة الإسرائيلية عملها. ونقلت مصادر عبرية عن مسؤول حكومي صهيوني كبير، قوله إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عيّن مندوبين أميركيين في اللجنة، وهم سفير بلاده لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وكبير مستشاري السفير آرييه لايتستون، وسكوت ليث رئيس شؤون العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية في مجلس الأمن القومي الأميركي, وكلهم من الفريق الامريكي المتصهين.

وأوضح الموقع أن هذه الخطوة الأميركية تأتي بعد أن أعلنت «إسرائيل» هوية أعضائها، وهم وزير السياحة ياريف ليفين، والسفير الإسرائيلي لدى أميركا رون ديرمر، ورونين بيرتس، المدير التنفيذي لمكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو, هذا الفريق المتصهين منوط به رسم خرائط السيطرة على مساحات واسعة من الضفة الغربية وفق ما جاء في صفقة القرن, حيث سيضم الاغوار وشمال البحر الميت والمستوطنات الاسرائيلية المقامة على اراضي الضفة المحتلة, والغريب والعجيب ان هذا يحدث في ظل حالة صمت مريب على المستوى الرسمي والعربي والاسلامي والدولي, لاقرار سياسة الامر الواقع وفرضها على الفلسطينيين.

رسم الخرائط وفق ما جاء في صفقة القرن يحول الضفة الى واقع جغرافي جديد وغير مسبوق, حيث ستتحول الضفة الى كانتونات منفصلة عن بعضها البعض, بمعني ان يعيش الفلسطينيون في هذه الكانتونات المنفصلة وتتحول الى سجون يتحكم بها الاحتلال الصهيوني, ويمكنه ان يغلقها ويسيطر عليها في الوقت الذي يشاء بسهولة كبيرة, كما ان هذا الرسم الخرائطي تستحيل معه اقامة دولة متواصلة جغرافيا, والصفقة لا تتحدث عن دولة فلسطينية لان الواقع الجغرافي وفق مخطط صفقة القرن يحول دون ذلك, وبذلك يسقط حل الدولتين, كما انه يحرم الفلسطينيين من حق العودة كحق مكفول وفق القرارات الدولية, وضيق الاماكن التي يتجمع فيها الفلسطينيون حيث الكثافة السكانية في مساحات ضيقة سيدفعهم الى الهجرة ويفعل من اجراءات الاحتلال في محاربة النمو الديمغرافي للفلسطينيين داخل أراضي الفلسطينيين, فالصفقة المشؤومة تضع حلا للنمو الديمغرافي في المناطق الفلسطينية من خلال تضييق المساحات السكانية للفلسطينيين, ومن اهم المؤثرات لإقرار هذه الخرائط على الارض انها ستلحق اقتصاد الفلسطينيين بالتبعية للاقتصاد الاسرائيلي, فلن يتحكم الفلسطينيون بثرواتهم الطبيعية, ولن يستطيعوا الاستيراد والتصدير والتواصل مع العالم الخارجي الا عبر الاسرائيلي, وهذا كفيل بأن يبقي التبعية الاقتصادية للإسرائيليين والتحكم في المستوى المعيشي للفلسطينيين.

امريكا ترى ان تطبيق الرسومات الجديدة للخرائط التي يتم اعدادها يجب ان يتم جملة واحدة, لان تطبيقها تدريجيا يعني ان انتقادات سيوجهها المجتمع الدولي للصفقة, وستحدث حالة من الجدل والاجتهاد السياسي تريد الادارة الامريكية تجنبها, لتجنب الاسرائيليين أي معوقات لتطبيق الصفقة, كما ان رئيس لجنة رسم الخرائط المتصهين المدعو ديفيد فريدمان طالب «اسرائيل» بعدم تطبيق أي إجراء على ارض الواقع بمعزل عن الادارة الامريكية وبمشاورتها وبرؤية الرئيس الامريكي دونالد ترامب, محذرا ان أي فعل غير ذلك ستكون نتيجته مضرة بمصلحة «اسرائيل» وهذا ما دفع نتنياهو للتأكيد على عدم الشروع بأي خطوات للضم دون مشاورة ترامب والتنسيق مع الادارة الامريكية, وهذا يدل على ان كل شيء مدروس ومخطط بعناية بين الاسرائيليين والامريكيين, ومعناه ان هناك اصراراً اكبر لدى الادارة الامريكية على تمرير صفقة القرن, وانها مستعدة لاستخدام كل الوسائل, بما فيها القوة العسكرية لفرض صفقة القرن على الفلسطينيين, وجعلها بديلا عن قرارات الشرعية الدولية, وكأن الادارة الامريكية تفرض سياستها فرضا على العالم الذي عليه ان يعرف ان امريكا القطب الاوحد الذي يتحكم في السياسة العالمية, وان هذا يعطيها الحق في فرض رؤيتها على الجميع, فلا غرابة ان تجد تغيرا في الموقف الفرنسي والالماني والبريطاني في التعامل مع صفقة القرن, واعتبارها مرجعية لمسيرة التسوية السلمية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني, والتحلل من قيود الاتفاقيات الدولية التي اقرها مجلس الامن والامم المتحدة والتي بنيت عليها ما تسمى باتفاقية «اوسلو» المشؤومة والتي ما زلنا نعيش ويلاتها حتى الآن, ويبقى السؤال دائما ماذا نحن فاعلون؟.