الفكر الصهيوني لا مكان فيه للسلام ..!
تاريخ النشر : 2020-02-18 11:13

 الصهيونية والسلام متناقضان لا يلتقيان، لأن الصهيونية ترتكز على مفاهيم إستعمارية إستيطانية عنصرية غير قابلة للعيش والوجود دون عنف، من أجل تحقيق مشروعها العدواني، الصهيونية كما تقدم نفسها (حركة التحرر القومي للشعب اليهودي) وإقامة وطن قومي له، قبل أن تحدد فلسطين لتحقيق هذه الغاية كانت معومة فأقترحت الأرجنتين، ثم أقترحت أوغندا، إلى أن جرى التوافق بين الدول الإستعمارية أن يكون إقليم فلسطين هو الغاية والهدف الأفضل لإقامة هذا الوطن المزعوم. الفكرة الصهيونية يرتكز تنفيذها على أداة عدوانية عنيفة مزدوجة حتى يتم إخراجها إلى حيز الوجود، عنف يوجه إلى الطوائف اليهودية لدفعها للقبول بها، ودفعها إلى الهجرة إلى الإقليم المستهدف (فلسطين) للإستيطان فيها، وهنا يسهل توظيف جملة الأساطير التوراتية عن ما يسمى أرض الميعاد، وعنف آخر لابد أن يوجه ضد شعب الإقليم المستهدف (فلسطين)، فالعنف والعدوان هما الأداة الرئيسية للمشروع الصهيوني، ومن أجل تبرير الإغتصاب للإقليم المستهدف وإقناع اليهود بالهجرة إليه جرى التضليل لهم أن هذه أرض الآباء والأجداد وهي أرض الميعاد، وهي أرض خلاء، تلك جميعها إدعاءات كاذبة وتضليلية، استخدمت من قبل الحركة الصهيونية ليظهر مشروعها كمنقذ لشتات الطوائف اليهودية من الإضطهاد الذي تتعرض إليه في مجتمعاتها، خاصة في أوروبا،

من هنا كان التوافق بين الحركة الصهيونية وحركة الإستعمار الأوروبي الفاشية وثم النازية. لم يكن بالإمكان تنفيذ المشروع الصهيوني على أرض فلسطين دون التبني الكامل له من قبل الحركة الإستعمارية الأوروبية بقيادة بريطانيا ثم وريثتها الولايات المتحدة الأمريكية. هكذا فإن إستمرار المشروع الصهيوني وإحكام سيطرته المطلقة على كامل فلسطين لا يمكن أن يتم بالطرق السلمية، وإنما فقط بالعنف والإرهاب، الذي مورس ضد الشعب الفلسطيني والذي لا يمكن له أن يتوقف، لأن توقفه يعني نهاية المشروع وزواله. بناء عليه لم يخطر في فكر الرواد الصهاينة ولا في فكر قادة (المستعمرة الإسرائيلية) أي فكرة عن التسوية أو السلام، أو التوصل إلى حل وسط مع الشعب الفلسطيني على الإطلاق، لأن إنكار الوجود للشعب الفلسطيني والإستحواذ والسيطرة على أرضه، يمثل الغاية والركيزة الأساسية لتحقيق الهدف الصهيوني في (إنشاء ما يسموه بالوطن القومي اليهودي العنصري الذي تقوم فيه العلاقة بين الفرد والدولة على أساس الدين اليهودي، وإعتبار اليهودية دين وقومية في الوقت ذاته)، وإسقاط أية حقوق قومية فيه للآخرين من الشعب الفلسطيني مسلميه ومسيحييه وأية ديانة أخرى.

هذا الكيان القائم على هذه الأسس العنصرية، التي تلتقي فيها مواقف قادته ونخبه المؤسسة والحاكمة فيما بعد، يضعه في حالة نقيضة للسلام ولكل أشكال التسويات التي تضمن حقوق الآخرين من السكان الأصليين وأصحاب الأرض الشرعيين، فلا غرابة أن نجد النخب المتنافسة اليوم على الإنتخابات المزمع إجراؤها في الكيان الصهيوني تتنافس في كيفية شطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وإنكار وجوده والتوسع والإستيطان في أرضه المحتلة، وهكذا لم يتورع نتنياهو عن نشر مقالة له في جريدة إسرائيل اليوم في 17 / فبراير الجاري (يفسر فيها كيفية العمل على إلغاء الوجود الفلسطيني وسعيه إلى فرض إسرائيل الكبرى من خلال إتفاقه مع الرئيس ترامب) بكل عنجهية وصلافة متحدياً المجتمع والقانون الدولي، تلك هي صفقة القرن ..! فلا مكان للتسوية وللسلام في الفكر الصهيوني وفكر قادته، فهو أمام خيارين إما الزوال، أو البقاء مستنداً إلى العنف والإرهاب وقانون الغزو.