ماذا يريد "حميدتي"؟
تاريخ النشر : 2020-02-13 10:35

كان «محمد حمدان دقلو»، الشهير بـ«حميدتي»، ولم يزل، الرجل الأقوى فى السودان. منذ عدة أيام تحرك «عبدالفتاح البرهان»، رئيس المجلس السيادى السودانى، إلى إسرائيل، والتقى مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل فى أوغندا. وهو لقاء يقع فى خانة «الغزل الصريح»، ولا يخفى عليك جانب الطمع فيه، وأعنى الطمع فى أن تدعمه إسرائيل فى رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، ما يؤهله فى توقيت معين للاستفراد بالسلطة هناك بطريقة أو بأخرى. لقاء «نتنياهو/ البرهان» كان يحمل دلالة واضحة على أن «البرهان» على استعداد للتحالف مع أى شخص أو قوة تملك القدرة على مساعدته فى تحقيق طموحاته، وهى من ناحية أخرى دليل على حالة قلق واضح من الصعود والتمكن الذى يحظى به «حميدتي»، وعوامل القوة التى يحظى بها عبر قوات الدعم الشعبى التى تعد أداة قوية فى منافسة «البرهان».

مؤخراً، أعلنت نوافذ إعلامية متعددة عن سيطرة قوات «حميدتي» على مناجم الذهب فى كردفان، وعدد من المناطق الأخرى بالسودان. الخبر لا يحمل جديداً، فمنذ منتصف 2019 والتقارير الإعلامية لا تتوقف عن الإشارة إلى سيطرة «حميدتى» على العديد من مناجم الذهب وتكوينه شركة تتولى تصديره إلى خارج السودان. الخطوة جاءت طبيعية بعد الحظوة السياسية التى تمتع بها مع رئيس السودان السابق «عمر البشير»، فقد كانت قوات الدعم السريع التى يشرف عليها «حميدتى» مصدر الحماية الأول له، وأسدت إليه خدمات عديدة. وكان من الطبيعى أن يحصل «حميدتى» على مقابل ذلك. ولا يوجد أغلى من الذهب. بقدرة قادر تحول «حميدتى» من إنسان بسيط إلى واحد من أكبر أغنياء السودان، وإلى قيادة عسكرية من أهم قياداتها، وإلى لاعب سياسى من أهم اللاعبين داخل المشهد بعد احتجاجات ديسمبر 2018، وعند تشكيل المجلس السيادى الحاكم للسودان كان «حميدتى» نائباً لرئيسه «البرهان».

عوامل عديدة تشير إلى تفوق «حميدتى» على «البرهان» فى الصراع المكتوم على السيطرة على السودان، والجلوس على كرسى الحكم. ببساطة «البرهان» يفكر بشكل قديم، فهو يتصور أن بإمكانه أن يحقق ما يريد إذا أرضى الأمريكان والإسرائيليين. وهى معادلة قديمة كانت فاعلة خلال عقود سابقة، أما الآن فالدنيا مختلفة. «حميدتى» أكثر وعياً بالتحولات التى يشهدها العالم والمنطقة حالياً، حين يلعب «لعبة الشركة»، فقوات الدعم السريع ليست مجرد قوات قتالية أو حمائية أو قادرة على الردع والسيطرة حين يريد «حميدتى»، لقد حولها الرجل إلى شركة خدمات متكاملة. المال كثير ومن يطلبون الخدمات أكثر. وفى كل يوم تشهد الشركة تمدداً فى أعمالها ونشاطاتها. وواضح أن «حميدتى» يستوعب أن الدولة المعاصرة أقرب إلى الشركة منها إلى أى شىء آخر.

ظنى أن «حميدتى» لم يعد يبحث عن الذهب، كما يتصور البعض. المسألة أصبحت أكبر، إنه يبحث عن الجلوس على كرسى حكم السودان وابتلاع كل شىء. ولأنه يفكر بطريقة مختلفة ويبتعد عن الأساليب القديمة فى ألعاب السياسة، فمن المحتمل أن يحسم أى صراع قادم فى السودان لصالحه.

عن الوطن المصرية