الحكيم جورج حبش في ذكراه .. تاريخ كتب مداده بماء الذهب
تاريخ النشر : 2020-01-27 08:21

القدس عاصمة فلسطين - في العادة عندما يكون الحديث عن رجال صنعوا التاريخ بنضالهم وفكرهم وعطائهم، وصاغوا له الدروب وفتحوا له المنافذ ليطرزوا فيها بصماتهم، ويحفروا عليها آثارهم فإن الكلمات لا تأتي جزلى، ولا تكون حروفها طرية لينة لترسم لنا المشهد كما روي لنا ، بل تجد ان الجمل مهما فخمت وكيّفت فإنها تبدو خائرة ضعيفة لا تجسد لنا مشاهد دروب هؤلاء الرجال الغر الميامين (صانعي المجد و التاريخ ) كما نحسهم في وجداننا ، وعبر هذه السطور ومن باب الوفاء للثورة وعطائها ورجالها وشهدائها، فإن الحديث عن الحكيم جورج حبش في ذكرى رحيله نراه ضرورياً وهاماً وواجبًا ، لانه قائد ورمز كبير من رموز الثورة الفلسطينية المجيدة، أمضى جلَّ حياته مدافعًا عن فلسطين وعروبتها، حمل هموم شعبه على كاهله ، واتسم بالصلابة في المواقف، والصدق والتواضع، والترفع والإيثار، وامتللك الحكمة و الشجاعة لقول الحقيقة مهما كانت قاسية،

والدفاع المستميت عما يؤمن بأنه الحق و الصواب، و على ان تكون مصلحة فلسطين وشعبها فوق كل اعتبار، يتفق معه من يتفق، و يختلف من يختلف، لم يعرف في تاريخه يوما شخصنة الأشياء أو المواقف، لم يتحدث أبدا عن عيوب رفاقه واخوانه حتى الذين خاصموه بل حتى انه لم يدع لنفسه مجالا أو مساحة للاسقاط على الخلافات و النيل من الرجال و دورهم و تاريخهم ايان كان هذا الدور لم يعرف المساومة أو المهادنة حتى رحيله.

لقد كان نعم القائد والإنسان الذي يبكيه صراخ طفل او دمعة يراها في عين ابنة شهيد او زوجته كما عرف عنه رغم صلابته، كان رجل وحدة وطنية من الطراز الأول يعلي شانها عن كل شعار وقيمة، فكان رحمه الله : يقول في ان انتصار المشروع الصهيوني وهزيمتنا بسبب تشرذمنا وافتقادنا لروح العمل الجماعي ،والوحدة وشق الصف الفلسطيني، وخلق الأزمات الداخلية التي تحيل جهد الشعب وقواه الحية الى كم من التنابذ والمهاترات، في غياب البوصلة وتوجيه السلاح لصدر العدو. رحل الحكيم، بهدوء الحكماء والعقلاء كما في حياته، تاركاً وراءه سمعة وطنية وقومية، وكفاحية، وأخلاقية، قلـّما يختلف عليها أحد، فودعه شعبه في الوطن والشتات بما يستحق من التكريم والتبجيل، والاعتراف بدور الرجل ومناقبه وسجاياه. ختاماً : الحكيم جورج حبش أكبر من الكلمات، وأعظم من أية عبارة تفيه ولو جزء مما قدمه للوطن والثورة، وسيبقى ساكنًا في القلوب والضمائر الحية لانه ضرب أروع الأمثلة في الفداء والتضحية، ونكران الذات، وسطر لنا تاريخ كتب بمداد من الذهب.

أقوال مأثورة للمناضل جورج حبش "أنا إسلاميّ التربية، مسيحيّ الديانة، اشتراكيّ الانتماء". "سنجعل من كل حمامة سلام قنبلة نفجرها في عالم السلام الإمبريالي الصهيوني الرجعي". "ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة". "على جماجم وعظام شهدائنا نبني جسر الحرية". "نحن لا نبرئ كل من لا يرفع إصبع الاتهام في وجه مضطهدي الشعوب". "تستطيع طائرات العدو أن تقصف مخيماتنا وأن تقتل شيوخنا وأطفالنا وأن تهدم بيوتنا ولكنها لن تستطيع أن تقتل روح النضال فينا". "رفاقنا الحقيقيون هناك في سجون العدو وعندما يخرجون سوف ترون ذلك". "قسماً ببرتقال يافا وذكريات اللاجئينا سنحاسب البائعين لأرضنا والمشترينا". "إنّ السلطة السياسية تنبع من فوهات البنادق". "عارٌ على يدي إذا صافحت يداً طوحت بأعناق شعبي". "إن المقاتل غير الواعي سياسيا كأنما يوجه فوهة البندقية إلى صدره".

المجد والوفاء للحكيم في ذكرى رحيله، ولكل شهداء شعبنا، وأمتنا وأحرار العالم- الحرية لأسرانا البواسل ،والنصر حتماً حليفنا بإذن الله مهما إحلولك الليل.

ناشط وكاتب عربي فلسطيني عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام.