"بلالين حماس" وتوسعة معبر "كرم أبو سالم" الاقتصادي!
تاريخ النشر : 2020-01-26 07:39

كتب حسن عصفور/ لعل كتبة حركة حماس وليس ناطقيها، هم الأكثر تعبيرا عن أهدافها الحقيقية التي تعمل من أجلها، خاصة وأنهم يقومون بنشر "الأهداف الحمساوية" دون ان تبدوا كأنها "مواقف رسمية"، ويمكن لأي منهم أن يخرج ويعلن انها "اجتهادات" شخصية، بل ولا يخجل أن يعلن عدم فهم "الأخرين" لمقصده، الى ان يتم تحقيق الغاية من ذلك الاستخدام.

جوهر الترويج الإعلامي للكتبة الحمساويين، أن الهدف المركزي لكل النشاطات "الساخنة" على السياج الفاصل غايتها تحسين الوضع الاقتصادي، وترجمة للمعادلة الأصل "تهدئة مقابل مال وخدمات"، دون أي إشارة للبعد الوطني في تلك الوسائل التي يسمونها تزويرا "مقاومة"، رغم انها باتت "متاجرة" لا أكثر، وكأننا في "سوق عكاظ" الاقتصادي.

تنشيط "فعل البلالين" من قبل حركة حماس وتوابعها من مسميات حزبية، مؤخرا، يكشف أن جوهر العملية الرئيسية للحركة، هو تعزيز سلطتها المركزية في قطاع غزة، وأن ما لديها من "أسلحة" ستوظف لخدمة تلك الغاية، والمفارقة الأكبر، عندما تصدر تصريحات لقيادات سياسية منها، تتحدث عن رفضها لصفقة ترامب، وأنها لن تسمح بأن يتم تمريرها، وستواجه تهويد القدس والأماكن المقدسة.

كلام حماس الرافض للصفقة الأمريكية، ينكسر أمام حقائق ممارستها وسلوكها العام، ليس فقط ما له صلة بحملات الإرهاب والقمع ومصادرة الحريات في القطاع، ضد كل من يمثل "مصدر قلق" لمشروعها الخاص، فهي ومن خلال " حركة البلالين" تفتح جبهة لخطف الضوء من المركز الى الأطراف، وهي تعلم يقينا ان الإعلام العبري والعالمي يبحث عن "الدهشة"، حتى لو كانت فارغة ليصنع منها "خطرا محتملا" يجب الاستعداد له، بل أن بعضهم يرى فيها ما يستحق القيام بحرب شاملة لوقف تلك "البلالين"، وهم أكثر معرفة بحقيقتها بل ودورها وما تخدمهم  في الوقت الراهن، من سحب بساط المواجهة الوطنية ضد الصفقة الأمريكية وتهويد القدس، الى "خطر البلالين" الحارقة.

ولأن البعض الفلسطيني عاجز عن الفعل الحقيقي ردا على الغزوة التهويدية، يبحث عما يسد العورات التي باتت فاضحة جدا لتلك المسميات الحزبية، التي تستبدل المقاومة الشعبية بـ "حركة البلالين" و"مقاومة البيانات"، وسريعا يعيد الإعلام العبري التفاعل مع ذلك، ويطالب بالرد الفوري، فتكون حركة القصف العسكري ليصبح الخبر الأهم...

ولأن حبل الكذب السياسي – الاجتماعي قصير جدا، وأن ما يروجه كتبة حماس ونشطائها على مواقع التواصل الاجتماعي، هو الصدق لا غيره بأن هدف الحركة تحسين شروط الحصار بالقدر الممكن، وكل فعل لخدمة ذلك، لا غير، ولا صلة له ابدا بجوهر القضية الوطنية، وفي وسط معركة رفض الصفقة الأمريكية والحرب السياسية عليها، وحرب التهويد في الضفة والقدس، تخرج حركة حماس لتعلن، عن قيامها  وعلى لسان مسؤول في وزارتها للاقتصاد، " إنه تم البدء بوضع ومناقشة إجراءات عملية لمشروع تطوير وتوسيع معبر "كرم أبو سالم" التجاري، وسيتم إضافة مساحات جديدة للمعبر من شأنها أن تساهم في تحسين حركة التجارة من وإلى قطاع غزة، وتوحيد الجهود للارتقاء بالعمل في المعبر".

ما هو هدف تحسين وتطوير وتوسيع المعبر التجاري مع إسرائيل، ولما الآن بدأت حماس تستعد لهذ الخطوة الاقتصادية، وما علاقتها بالتفاهمات الجارية والمفاوضات السرية غير المباشرة، أليس ذلك يمثل تعزيزا مباشرا لعملية الفصل السياسي عبر الباب الاقتصادي، اليس ذلك سحبا سياسيا من رصيد مواجهة الصفقة الأمريكية ومشروع التهويد، ورسالة سياسية واضحة أن حماس لا علاقة لها بغير "حصتها" الجغرافية، وكل ما يقال كلاما في كلام و"برقعا" لا بد منه لتبرير الصفقة الحقيقة "مال وكيان مقابل الفصل".

خطوات حماس "الانفصالية" تتسارع على وقع تسارع تقديم الصفقة الأمريكية ونشرها...وغير ذلك ليس سوى كذب سياسي مبرمج...أقوال البحث عن المال تعززها خطوات هدفها ذلك، وليس بعيدا ما قاله القيادي فيها خليل الحية في شهر ديسمبر 2019، "نحن نطرح ممرا مائيا بأي صيغة كانت؛ من أجل أن ينتقل الشعب الفلسطيني إلى العالم بحرية، ولا يمكن أن نقبل أن يبقى شعبنا محاصراً في سجن غزة"....

ذلك هو جوهر المشروع الحمساوي "كيان غزة الخاص"، ولذا بدأ العمل بتطوير المعبر التجاري تمهيدا للقادم السياسي – الاقتصادي، وكل فعل منها "بلالين" وغيرها سيكون لخدمة ذلك، لا أكثر.

ملاحظة: دعوة ترامب لرئيس حكومة الكيان نتنياهو وزعيم المعارضة غانتس عشية عرض صفقته "التاريخية" لليهود كما وصفها بيبي، يمثل أن الطرف الآخر عربا وفلسطينيين قيمتهم رسالة "واتس أب" لا أكثر...الشكل مفتاح الوزن السياسي يا أنتم!

تنويه: حققت دولة الكيان غايتها من مؤتمر جرائم حرب النازية، رغم انها دولة متهمة بتلك الجرائم، وانتهى "الرد الفلسطيني" بأقسى عبارات الرفض والتنديد...مشهد تكثيفي للحقيقة الراهنة طرف يحصد وطرف يجعج!