المَولد والنشأة
وُلد الكاتب والباحث التاريخي والمُعلم المصري الدكتور أحمد موسي عبد العظيم في نهاية عام 1931 غرب مدينة قَوص في مُحافظة قِنا جنوب صعيد مصر والتي تُشتهر بأنها بلد العلم والعلماء والتي أيضا بها الآثار العظيمة ومنها المسجد العمري، كانت بيئة قوص وقتها بلدةُ فقيرة ينتشرُ فيها الجهل والفقر والمرض لكن الراحل عبدالعظيم الذي نشأ في محيط مسجد عبدالغفار بن نوح المجاور لسكنه أصبح يتردد عليه حيث شرع في العلم وحفظ القرآن قبل أن يكمل الرابعة عشر من عُمره.
ومنذ طفولته كان يحاول الراحل محاربة الدجل والشعوذة المنتشرة في بيئته المُجاورة فبدأ بجمع تبرعات لترميم مسجد عبد الغفار بن نوح ليعتلي المنبر خطيباً واعظاً يُرشد الناس للدين الإسلامي حتي أصبح آنذاك الوقت مرجعاً دينياً لأهله وجيرانه حتى أصبح قاضياً يلجأ إليه من يريد أن يُسجل عقداً للزواج أو يُسمي مولوداُ
رحلةُ الدراسة
بدأت رحلته الدراسية وتنقل بين مدارس البلدة ليصل لتعليمه الجامعي وكان من إهتماماته التاريخ وبدأ في تكوين مكتبته الدراسية الخاصة بجانب عمله من أجل توفير المال لشراء الكتب وإستعارة الثمينة منها ونسخ النوادر مثل كتاب " الوحيد في علم التوحيد " لعبد الغفار بن نوح والذي لا توجد منه إلا نسختين فقط إحداهما في فرنسا والآُخري بدار المعارف المصرية.
بعد إنهاؤه من دراسة التاريخ عمل عبد العظيم مدرساً ليُصبح من أوائل المؤسسين لجمعية الشبان المسلمين بالبلدة ولم يكتفِ بذلك حيث قام بترشيح نفسه لعضوية الإتحاد الإشتراكي ليمثل المحافظة في العديد من الفعاليات ويشارك في لقاءات وندوات توعوية وتثقيفية في إذاعة الشعب المصرية كما ساهم في نقل مقر نادي المعلمين من غرفة صغيرة بشارع الإِسطبل إلى مقره الحالي أمام محطة القطار بالبلدة.
بدأ يسير واثقاً بنفسه أولاً وبمن حوله ثانيا ليكمل مشواره حيث شارك داخل المدارس المصرية بأنشطةٍ كثيرة منها توعوية وإرشادية وثقافية ودينية وغيرها بجانب مهنة التدريس ، حيث مثلَ عدداً من المسرحيات التي كتبها وأخرجها من بينها مسرحية “العلم نور” وقام بعرضها بمدرسة الحراجية في مطلع رحلته بالتربية والتعليم إلي أن وصل في عام 1967 ليشارك ويكون من قيادة الجبهة الداخلية بقيادة منطقة التعبئة الشعبية جنوب المدينة.
تاريخه الحافل بالإنجازات
تدرج إسم كاتبنا أحمد موسى عبد العظيم في السلك الوظيفي شيئاً فشيئاً من خلال رحلته العلمية ودراستهِ وإهتماماتهِ بالتاريخ ليصلَ به الحال لكتابة عدة كُتب علمية بخط يده حيث تم طباعة ٣ منها ونشرهم وبقيت الأُخرى مسودات بخط اليد تحمل عناوين "أنساب قبائل محافظة قنا"موجز عن قوص”.
لم يكتفِ الباحث بالبقاء علي العلم والمعرفة بل تعرف علي قيادة منظمة فتح الفلسطينية بالقاهرة تلك الفترة وأصبح تربطه علاقات وطيدة معهم وقام بكتابة مسودتين بخط يده تحت عنوان “المؤامرة الكبرى لتقسيم فلسطين” و”حرب العصابات”.
أصبح الراحل عبد العظيم من الشخصيات القوية والمؤثرة في بلده تلك الفترة حيث كان يستقبل زوار المدينة والسُياح إلي ان تعرف علي أحد كبار المستشرقين الباحث الفرنسي جان كلود جبارسن الذي زار بلدتهم في عام 1966 من القرن الماضي ليقيم الأخير لمدة 3 أيام في ضيافة باحث التاريخ ليكمل جبارسن دراسة الماجستير الخاصة به عن مدينة قوص ويكتب إسم “أحمد موسى عبد العظيم” واحدًا من مصادر الرسالة ومرجعياتها.
رحل بجسده وبقيت مؤلفاته
في بداية عام 1982 توفيّ كاتب العلم والمفكر والباحث التاريخي أحمد موسى عبد العظيم بشكل مفاجيء خلال زيارته لأحد أصدقائه بالبلدة حيث شهدت مدينة قوص جنازة مَهيبةً له ليعُم الحُزن القلوب علي فراقه الذي كان بمثابة صاعقةً للجميع وإفتقدت مصر وشعبها بطلاً ومفكراً قومياً ليرحل بجسده وتبقي كتبه ومؤلفاته ومخطوطاته اليدوية شاهدةً عليه لينتهي الأمر بضياعَ إسمه في التاريخ الحديث بسبب عدم مقدرة عائلته علي طباعة كتبه وبيعها في الأسواق نظراً لصعوبة وضعهم المادي وقلة الإمكانيات لديهم وسط مُطالبات أحفاده من الجميع بالاهتمام بما تركه خلفه من كتبٍ قيمة وطباعتها ونشرها ليعُم علمه لكافة الأجيال عاش فقيراً وماتَ عظيماً .