أنا و"الغنوشي"
تاريخ النشر : 2020-01-25 10:35

في نوفمبر 2011 كنت في زيارة لجمهورية تونس مع إحدى الزميلات «اعتلت منصب وزيرة الإعلام فيما بعد»، قابلنا فيها زعيم حزب النهضة الدكتور راشد الغنوشي، وقد تطرق حديثنا حين ذاك عن الأحوال فى البحرين والأحداث الطائفية المؤسفة التي عصفت بها في 14 فبراير على أثر ما سمى آنذاك «الربيع العربي»، وأثناء النقاش والشرح قاطعنا الدكتور الغنوشي بفكرة شكلت صدمة وسببت لنا الذهول حين قال: «لماذا لا تقسمون البحرين لنصفين.. نصف للسنة وأخرى للشيعة؟»!!

فسألته وقد كاد يغشى علىَّ من هول المقترح: «هل تقصد أن يكون فى البحرين حكومتان؟».

قال: نعم.. كل وزارة تكون وزارتين.. وزارة الداخلية تكون وزارتين، إحداهما تمثل السنة وأخرى تمثل الشيعة، وهكذا باقى الوزارات!!

يا سلام سلم على مخك البلالنط.. يا بحر العلم.. يا ترعة المفهومية.

فى التو والساعة، قررت التوقف عن مواصلة النقاش مع هذا المخلوق والتزام الصمت حفاظاً على المرارة، وقد كتمت ضحكة بحجم الكون كادت أن تفجر فكى، وخرجت بمعية الزميلة العزيزة ضارباً كفاً بكف وقد ارتسمت على محيانا العشرات من علامات الاستفهام.

كيف سمح لعريض القفا هذا أن يتقلد عباءة «زعيم» ويعتلى قمة أكبر حزب فى تونس؟

من أين جاء بهذا المقترح؟

كيف حصل على درجة الدكتوراه وهو جاهل بعلم الجغرافيا والتاريخ وحتى علم المنطق؟ إذ من غير المنطق بل ومن المحال أن تقسم بلد مساحته 765.3 كيلومتر مربع إلى بلدين وشعب عاش وترعرع منذ مئات السنين كشعب واحد.. هل تناسى هذا الجاهل أن السنة والشيعة جناحان تطير بهما البحرين؟!

ظلت هذه الأسئلة تطاردنى طوال هذه السنين حتى شاهدت اليوم فيديو للنائب التونسى الرحوى وهو يغدق بالذم وصنوف اللوم على راشد الغنوشى بسبب زيارته تركيا ومقابلته «أردوغان» ويفضح علاقة الدواعش بحركة النهضة، فتيقنت أن مقترح تقسيم البحرين الذى خرج به «الغنوشى» ما هو إلا مبتغى وهدف وحلم لدى أمثاله ضمن استراتيجية التنظيم الدولى الذى يسعى إلى تقسيم الأمتين إلى دويلات صغيرة يسهل ابتلاعها من قبل الوالى العثمانى «وخليفة المسلمين» المعتوه أردوغان!

هذا هو الهدف الأساسى لزيارة الغنوشى لتركيا والتدخل اليوم فى شأن ليبيا وما سعوا إلى تحقيقه بالأمس فى مصر، واربط عزيزى كل ما يحدث الآن بما حدث من قبل.. عد بذاكرتك إلى الوراء..

«للخلف در»..

كمان ارجع..

بس وصلنا..

هل تتذكر قبل أكثر من 11 عاماً، عندما خرجت علينا سيئة الصيت كونداليزا رايس، حين كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأمريكية، وأعلنت مشروع الفوضى الخلاقة ومخطط الشرق الأوسط الجديد، والهدف غير المعلن وهو تقسيم الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية وسوريا وليبيا وقد سبقها العراق والسودان؟!

إنها الماسونية الجديدة ولكن بعباءة إخوانية!

عن الوطن المصرية