برلمانات بلا صلاحيات
تاريخ النشر : 2020-01-22 14:08

صوت مجلس النواب الأردني بالإجماع، على تحويل مقترح قانون يمنع استيراد الغاز «الفلسطيني المسروق» من الاحتلال الصهيوني إلى الحكومة؛ لإعادة صياغته وإرجاعه للمجلس لمناقشته. وينص مقترح القانون الذي صوت عليه البرلمان الأردني «يحظر على أي من وزارات ومؤسسات الدولة والشركات المملوكة لها، أن تقوم باستيراد الغاز أو أي من المشتقات البترولية من الكيان الصهيوني», فهل هذا القرار سيلزم الحكومة الاردنية بوقف استيراد الغاز من «اسرائيل», خاصة أن البرلمان الاردني يمثل الشعب, ويعبر عن نبض الجماهير الاردنية, يقينا ان الحكومة الاردنية ستتجاوز توصيات البرلمان, لأن هناك توافقاً رسمياً اردنياً على استيراد الغاز الاسرائيلي المسروق, وقد احكم الاحتلال قبضته على سوق الطاقة بمنطقة شرق البحر المتوسط عقب ضخ الغاز المنهوب من المياه الاقليمية الفلسطينية والمصرية إلى كل من مصر والأردن، ويبدو ان هناك قناعة بأن تبقى البرلمانات العربية في الدول مجرد مشهد بروتوكولي لا يلزم الحكومة باي شيء, وطالما ان معارضة البرلمان تقتصر على الحوار داخل اروقة البرلمان, فإن القرارات يمكن تجاوزها.

وزير طاقة الاحتلال الصهيوني، يوفال شاينتز قال إنهم يعملون على تحويل منتدى غاز شرق المتوسط المنعقد بمصر إلى منظمة إقليمية, وقال: «سنعمل أيضا على تحويل المنتدى في هذا المؤتمر إلى منظمة إقليمية», والاردن بما انه مستورد للغاز الاسرائيلي «المسروق» فهو جزء من أي اتفاق للغاز في المنطقة, لكن اسرائيل سعت بشكل اكبر لتوقيع اتفاقية شراكة مع اليونان وقبرص لتصدير الغاز الاسرائيلي المسروق لأوروبا, وهذا المشروع من شأنه ان يقضي على أهداف مصر في التحول لمركز إقليمي للطاقة، وسيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المصري وسينعش الاقتصاد الإسرائيلي, رغم تطمينات الزعماء الثلاثة الصهيوني واليوناني والقبرصي أن المشروع ليس موجها ضد أي دولة, لكنه في الحقيقة يصب في مصلحة اسرائيل, ويحول اسرائيل الى دولة تتحكم في مصادر الطاقة في المنطقة, بينما ترفض تركيا بشدة تشييد خط أنابيب «إيست ميد»، قائلة إنها لن تسمح بمشروعات من هذا النوع في شرق المتوسط بدون مشاركتها أو موافقتها، وتصف هذا التحالف الثلاثي بأنه محاولة لتطويقها, ويحظى المشروع بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

«إسرائيل» تحولت خلال أقل من عقد من الزمان، من دولة فقيرة في الطاقة تعتمد على استيراد النفط والغاز، إلى دولة مكتفية ذاتيا، ثم إلى دولة مصدرة, بعد ان استولت على حقول الغاز في المنطقة, حيث استولت على حقل غاز فلسطيني شمال قطاع غزة, واستولت على خمسة حقول مصرية منتجة للغاز في حدود مياهها الإقليمية بالبحر المتوسط, ولا زالت اسرائيل تنازع لبنان في المياه الاقليمية على حقول غاز مكتشفة مقابل الشواطئ اللبنانية, وكل هذا التغول الصهيوني على حقول الغاز في المتوسط جاء برغبة امريكية صهيونية للتحكم في المنطقة الشرق اوسطية, وتحسين ودعم اقتصاد اسرائيل, حيث وقعت اتفاقيات بمليارات الدولارات مع دول عربية واقامت تحالفات اقليمية لمواجهة أي تحالف عربي يهدف الى التحكم في مصادر الطاقة, وهي تقوم بإنشاء خطوط انابيب لتصدير الغاز المسروق يمتد الى الدول الاوروبية, بتشجيع ودعم من الادارة الامريكية التي ترى انه لا يجب ان تتحكم روسيا في مصادر الغاز في اوروبا والمنطقة, لذلك نؤكد على ان الاتفاقيات التي وقعتها دول عربية مع «اسرائيل» بما فيها اتفاقية الاردن التي رفضها البرلمان ستبقى قائمة, ولن ترضخ الحكومة الاردنية لضغوط ومطالب البرلمان الاردني, لأن امريكا واسرائيل اتفقتا معا لتمرير اتفاقيات الغاز في المنطقة بما يخدم مصالحهما المشتركة, رغم أنف البرلمانات التي تفتقد للصلاحيات.