بطل من ورق
تاريخ النشر : 2020-01-20 12:22

يحاول الاحتلال دائما أن يرتدي اقنعة زائفة ليخفي عوامل ضعفه عن العالم, ويبقي صورته الوحشية حاضرة في الاذهان لعلها تردع من يتربص به ويحاول التصدي لمخططاته واطماعه في المنطقة, فالاحتلال تتلبسه حالات ضعف كثيرة, اخطرها تلك الجبهة الداخلية الرخوة التي تسبب له الازمات, ولا تستطيع الصمود امام الضربات, وسرعان ما تئن وتضجر من المعارك, فالجبهة الداخلية علاقتها «بإسرائيل» لا تتخطى مبدأ الربح والخسارة تحت عنوان كبير هو الاستقرار الاقتصادي الذي يضخم الثروات, ويمنح الهدايا والامتيازات , إاذا ما تلاشت المزايا هربت رؤوس الاموال وفر المستثمرون الذين جاؤوا من اجل الربح, «فإسرائيل», هي التي اسست للعلاقة بين المواطن الاسرائيلي والدولة على اساس الربح والخسارة, فكانت تقنع اليهود بالهجرة الى فلسطين, ليس لأنها ارض «إسرائيل» التي هى موطن اليهود كما تزعم وتقول, ولكن لأنها ارض العنب والتين والخير الاقتصادي الوفير, لذلك خضعت «اسرائيل» لميزان الربح والخسارة لدى الشريحة الاكبر من اليهود, واصبح مفهوم العلاقة بين اليهودي وكيانه يرتكز على المنفعة الخاصة وليس مصلحة «اسرائيل».

فما كشفت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الأحد، أنه سيتم إعفاء عدد كبير من الشبان الإسرائيليين من الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية العام الجاري بسبب أوضاعهم النفسية, ووفق معطيات الجيش فإن ثلث (32.9%) من الشبان الذكور المفترض آداؤهم الخدمة العسكرية سيطلبون الحصول على إعفاء لأسباب مختلفة في 2020. مع الأخذ في الاعتبار أن 15 بالمائة من المجندين يتهربون من الخدمة خلال مدة التجنيد، وبذلك يكون نحو نصف «الإسرائيليين» لا يؤدون أو لا يكملون الخدمة العسكرية, وهو ما يمثل قلقا متزايداً في الاقبية العسكرية للاحتلال الصهيوني, فقد بعث ما يسمى برئيس شعبة الطاقة البشرية بجيش الاحتلال اللواء موتي ألموز رسالة إلى جميع ضباط الصحة النفسية بمكاتب التجنيد بعنوان «خطوات لوقف الارتفاع في الإعفاء النفسي». ونصت الرسالة التي أرسلت قبل أسبوعين : « مع افتتاح عام التجنيد 2020، شهد الجيش اتجاها واضحا ومقلقا يفيد بأن الكثير من الشباب وخاصة الذكور سيحصلون على إعفاء نفسي من الخدمة». ودعا المسؤول العسكري الصهيوني إلى «التحقق من أن قرارات الإعفاء النفسي وان يتم اتخاذها بشكل مهني ومسؤول», وبحسب الصحيفة فإن هذه المعطيات «المقلقة»، تنضم إلى اتجاه انخفاض عام في عدد المجندين.

اخطر عوامل الضعف التي يواجهها الاحتلال الصهيوني هي عدم قناعة الاسرائيليين بالخدمة العسكرية, والبحث عن سبل للتهرب من هذه الخدمة الاجبارية, ويقدر حجم الجيش الإسرائيلي النظامي بـ 172 ألف جندي، 107 آلاف منهم في الخدمة الإلزامية، فيما تبلغ ما تسمى بقوات الاحتياط 425 ألف جندي, وقانون الخدمة العسكرية المعمول به داخل «إسرائيل» يعتبر عملية التجنيد في الجيش الإسرائيلي إلزامية لكل يهودي أو يهودية يبلغ 18 عاماً، وتصل مدتها ثلاث سنوات للرجال، وسنتين للنساء، ويتمّ استثناء أصحاب الاحتياجات الخاصة من الخدمة، أي المرضى النفسيين واصحاب الاعاقات والمرض المزمن, والواضح ان هناك أعداداً كبيرة ومتزايدة على العيادات النفسية داخل الكيان الصهيوني للحصول على تقارير بالإعفاء من الخدمة العسكرية, وهناك معركة بين «الحريديم» واحزاب صهيونية للإعفاء من الخدمة العسكرية, وسبق ان شارك عشرات آلاف من اليهود المتزمتين في مظاهرات نظمها «الحريديم» في عدة مناطق «بإسرائيل» احتجاجاً على قانون التجنيد الإلزامي بالخدمة العسكرية. كذلك فمن المتوقع أن يكسر الإناث في سن التجنيد هذا العام «الحاجز السلبي» بحصول 44.3 بالمائة منهن على إعفاء من الخدمة، وفق المصادر الاسرائيلية.

ان اهم ما يهدد الانتخابات الاسرائيلية القادمة هو زيادة الفجوة بين المتدينين اليهود رافضي الخدمة, والاحزاب الصهيونية, وهو ما يمنع تشكيل حكومة اسرائيلية للمرة الثالثة, نظرا لتنامي ظاهرة اليمين الصهيوني وتزايدها, فالحريديم يرفضون الانضمام لأي حكومة تلزمهم بالتجنيد الاجباري, ويرفضون الانصياع لقرار المحكمة العليا في إسرائيل بإلزامهم بأداء الخدمة العسكرية واصفين القرار بأنه. وضيع ومخزٍ وسيء»، وان هذا القرار اعلان حرب ضد الديانة اليهودية»، لذلك كونوا على قناعة ان اسرائيل عبارة عن بطل من ورق.