"أمد" يرصد كلمات الدول العربية والدولية المشاركة في مؤتمر برلين وردود الفعل على نتائجه
تاريخ النشر : 2020-01-19 22:32

برلين – متابعة خاصة: عقب انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا، والذي شهدته العاصمة الألمانية برلين يوم الأحد، رصد "أمد للإعلام" كلمات الدول العربية والدولية المشاركة في المؤتمر، وردود الفعل على نتائجه.

مواقف عربية

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية:" أن المجتمع الدولي أمام منعطف خطير في الوضع الليبي بسبب التطورات المتلاحقة التي أصابت هذا البلد العربي المهم ، والتي أحدثت شرخاً كبيراً في نسيجه الاجتماعي ولحمته الوطنية ، وأضرت بالجهد الذي بذلته البعثة الأممية لاستئناف المسار السياسي بين الأشقاء الليبيين ، وزادت من معاناة الشعب الليبي منذ اندلاع المعارك العسكرية حول العاصمة طرابلس ، وفاقمت حالة الانقسام بين مؤسسات الدولة وعقدت من جهود إعادة توحيدها".

جاء ذلك خلال كلمة أمين عام الجامعة العربية اليوم أمام قمة برلين حول ليبيا، والتي وجه خلالها خالص الشكر للحكومة الألمانية والمستشارة ميركل شخصياً على كل ما بذلته من جهد للتحضير لهذه القمة الهامة، ودعوة الدول والمنظمات المشاركة فيها للالتفاف حول خارطة طريق متكاملة لتسوية الأزمة الليبية، بمساراتها العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية المختلفة.

وقال أبو الغيط:" إننا نلتقي هنا لإعادة التأكيد على جملة من الثوابت والالتزامات، التي تقع على الأطراف الخارجية المعنية بالشأن الليبي، وأيضاً على الأطراف الليبية التي تتحمل المسئولية الأكبر في التوصل إلى تسوية وطنية خالصة، لإخراج البلاد من هذا المأزق الخطير؛ وإذ تجدد الجامعة العربية حرصها على دعم عملية برلين ومخرجاتها .. والتزامها بمرافقة الأشقاء في ليبيا في أي جهد يفضي إلى حلحلة الأزمة .. فإنني أود أن أعرض بإيجاز لعدد من النقاط الأساسية:

أولاً: لا يمكن لأحد أن يدعو إلى التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ووطنية خالصة للوضع الليبي، في الوقت الذي تستمر فيه التدخلات العسكرية الخارجية .. المفضوحة والمكشوفة .. في الأراضي الليبية .. والتي جعلت من ليبيا ساحة أخرى للمنافسات والتجاذبات الخارجية في الشئون الداخلية لواحدة من دولنا العربية؛ ومن ثم فإن الأمر يستلزم احتراماً صادقاً من الجميع بما سنقره في البيان الختامي الذي سيصدر عن قمتنا اليوم .. والتزاماً كاملاً بكافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر السلاح وسيادة وسلامة الدولة الليبية.

ثانياً: يمثل التوقف عن هذه التدخلات الخارجية والتصرفات غير المشروعة، شرطاً أساسياً لإفساح المجال أمام الأطراف الليبية لخفض كل مظاهر التصعيد في الميدان .. والالتزام بوقف إطلاق النار المعلن منذ يوم 12 يناير .. والانخراط بحسن نية في الجهود التي ستبذل للتوصل إلى ترتيبات دائمة وذات مصداقية لإيقاف العمليات القتالية؛ ويهمني أن أؤكد هنا على أن الجامعة العربية ستبقى داعمة، بالكامل، للجهد الذي يقوم به المبعوث الأممي غسان سلامة لرعاية مثل هذه الترتيبات والتفاهمات بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي .. والتي يجب أن يتم تنفيذها تحت إشراف الأمم المتحدة ومرجعية بعثتها للدعم في ليبيا.

ثالثاً: لا يمكن لأي وقف لإطلاق النار أن ينجح ويبقى نافذاً بغض النظر عن ترتيباته ومهما كانت آليات مراقبته .. دون أن يتم التوصل إلى معالجة مبكرة وموازية وجذرية لمشكلة الميليشيات المسلحة والتنظيمات المتطرفة، التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة .. إذ أن وجودها سيظل يمثل تهديداً لديمومة مسار وقف إطلاق النار .. وللعملية السياسية التي يجب أن تكون مكملة وحاضنة له؛ كما نجدد رفضنا لكل مظاهر استقدام العناصر الإرهابية من الخارج والاستعانة بالمرتزقة الأجانب والتي لم تؤد سوى إلى إذكاء الصراع وتعقيد المشهد العسكري والأمني على الأرض.

رابعاً: تظل الجامعة العربية ملتزمة بمرافقة جميع أهل ليبيا في التوافق على وتنفيذ مختلف الاستحقاقات السياسية والدستورية والقانونية والاقتصادية التي ستكون مطلوبة .. عبر توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة .. ووضع خارطة طريق متكاملة لاستكمال المرحلة الانتقالية .. والاتفاق على القاعدة المنضبطة اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يتطلع إليها الشعب الليبي؛ وأود هنا أن أجدد دعمنا لجهد السيد غسان سلامة في تشكيل وعقد منتدى الحوار السياسي الليبي، وإنشاء لجنة الخبراء الاقتصاديين الليبيين، وإطلاق الحوار الاقتصادي الليبي وهي جهود نثق في أنها ستلقى أيضاً مساندة كاملة من كافة الدول والمنظمات المشاركة في عملية برلين.

خامساً: إننا جميعاً نعي قدر التحديات التي ستواجه مسار تثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق واستكمال أي عملية سياسية في ليبيا .. ونعلم أن هذه الجهود ستواجه بمعارضة شديدة سواء من أطراف مخربة داخل ليبيا أو من قوى معرقلة من خارجها وهو الأمر الذي سيتطلب حسماً وحزماً من المجتمع الدولي، وعلى الأخص من مجلس الأمن، لمواجهته والتصدي له وبما يحول دون نسف أي تقدم يمكن أن يتحقق على أي من مسارات التسوية والتي يجب أن تبقى بمثابة حزمة واحدة ومتكاملة دون أية تجزئة.

سادساً: لقد اتفقنا منذ البداية على أن وجودنا في برلين يأتي في سياق مسيرة مستمرة لمرافقة الأشقاء الليبيين إلى أن يخرجوا من هذه الأزمة وليس لمجرد الالتئام على مستوى القمة لينفض عملنا بعد انعقادها؛ ومن ثم فإننا نؤكد على أهمية آليات المتابعة التي سنتوافق عليها ... عبر استحداث لجنة المتابعة الدولية التي ستجتمع لهذا الغرض على مستوى كبار المسئولين والخبراء والتي ستجد كامل الدعم من الجامعة العربية بل واستعداداً منا لاستضافة أي من اجتماعاتها في المراحل الأولى من عملها.

وأخيراً، فإنني أتوجه إلى القيادات الليبية الحاضرة هنا في برلين بمناشدة صادقة بحقن الدماء وتجنيب البلاد شرور الفوضى والتفتت .. فلا مصلحة تعلو على مصلحة الوطن .. وضياع الوطن لا يعوضه أي مكسب سياسي أو منفعة اقتصادية .. إن الرأي العام العربي يرغب في رؤية ليبيا الموحدة ذات السيادة الكاملة على أراضيها .. وبمؤسسات وطنية تعمل لصالح شعبها .. ولدي يقين بأن الرئيس السراج والمشير حفتر يدركان جسامة اللحظة التاريخية التي يواجهانها .. ويعيان تماماً المسئولية الملقاة على عاتقيهما لاعادة ليبيا إلى المسار الذي يأمله الشعب الليبي.

وأكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في خطاب أمام مؤتمر برلين أن بلاده بدلت جهودا على كل المستويات لحل هذه الأزمة والتي زاد من تعقيدها التدخلات السلبية لبعض الأطراف، مشددا على أن التنافس الدولي حول القضية الليبية يبقي الوضع على حاله.

وأضاف تبون أن الجزائر حريصة على البقاء على مسافة واحدة من الفرقاء الليبيين، مشيراً إلى أن الجزائر على استعداد لاستقبال حوار بين الفرقاء الليبيين من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية.

بدوره أشاد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، بجهود جمهورية ألمانيا الاتحادية لاستضافة هذا المؤتمر الدولي الهام الذي يعمل على إيجاد تسوية سياسية للأزمة في ليبيا، وأكد، أن دولة الإمارات رسالتها دائما للعالم رسالة سلام وتنمية وتدعم تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا الشقيقة القائم، على عدم التدخل في شؤونها الداخلية ومساعدة الشعب الليبي الشقيق، ودعم طموحاته المشروعة في ترسيخ دعائم دولته الوطنية وتحقيقه الوحدة والتنمية.

وأشاد بن زايد، برعاية الأمم المتحدة لهذا المؤتمر الدولي الهام، ونوه بجهود المبعوث الأممي إلى ليبيا، مؤكدا أهمية البناء على مخرجات مؤتمر برلين من أجل الوصول إلى حل سياسي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار للشعب الليبي الشقيق.

ردود دولية

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال مشاركته في مؤتمر برلين حول ليبيا، إلى ضرورة إنهاء أنشطة مقاتلين سوريين وآخرين من الخارج على الأراضي الليبية

وأعرب ماكرون، في كلمة ألقاها اليوم الأحد خلال مؤتمر برلين المنعقد وراء أبواب مغلقة والتي نشرت وكالة "رويترز" مقتطفات من نصها، عن قلق فرنسا من وجود المقاتلين الأجانب وخاصة السوريين في ليبيا، مشددا على ضرورة إنهائه.

كما أكد ماكرون أن على الأمم المتحدة أن تنسق بنود الهدنة في ليبيا دون أي شروط مسبقة من قبل أي من جانبي الأزمة، فيما لم تتطرق كلمة الرئيس الفرنسي، حسب "رويترز"، إلى زحف قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر إلى العاصمة طرابلس أو موضوع وقف إنتاج النفط في عدد من الحقول.

من جهته أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ضرورة تقرير الليبيين مصير بلادهم بأنفسهم بعيدا عن التدخلات الخارجية، داعيا إلى الاستفادة من فرصة مؤتمر برلين حول ليبيا.

وقال بومبيو، في تغريدة على "تويتر" "حان الوقت ليقرر الليبيون بأنفسهم مستقبلهم الذي يجب أن يكون خاليا من عنف تؤججه الأطراف الخارجية".

وأضاف: "نحث كل القوى على الاستفادة من هذه الفرصة عبر عملية الوساطة الجارية برعاية الأمم المتحدة للتعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية". 

في حين، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن مؤتمر برلين نجح في وقف التصعيد في ليبيا، مشيرا إلى أن المسار الأول لحل الأزمة هو المسار الاقتصادي وبدأت اجتماعاته منذ أسبوعين، لافتا إلى عقد اجتماع بعد أسبوعين لمتابعة جهود إرساء السلام في ليبيا.

وشدد غوتيريش على الالتزام بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، موضحا أن المشاركين في قمة برلين توافقوا على وقف التدخل العسكري، وتم التأكيد على الالتزام الكامل بالحل السلمي في ليبيا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحفي عقد في برلين، إن الاجتماع كان "مفيدا بشكل عام"، مشيرا إلى أن جهود الأطراف المعنية الرامية إلى إطلاق حوار جدي وبناء بين طرفي النزاع الليبي لم تنجح بعد، "بسبب وجود خلافات كبيرة جدا في نهج الجانبين".

وقال إنه يجب على الليبيين أن يتخذوا قرارهم بأنفسهم فيما يتعلق بمستقبل بلادهم، مؤكدًا أن هناك الآن استحالة لتنظيم حوار بين طرفي الصراع الليبي.

وأعرب لافروف عن أمله بأن تسهم المقترحات والتوصيات التي خرج بها مؤتمر برلين في "دفع عميلة التسوية إلى الأمام وأن تساعد الأطراف الليبية على التوصل إلى اتفاق بشأن الشروط التي تتيح لهم الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وأشار لافروف إلى أن روسيا ومنذ البداية عملت بنشاط على إعداد المؤتمر وشاركت في جميع الدورات التحضيرية الخمس للاجتماع.

وأضاف أن "زعيمي طرفي الأزمة الليبية"، أي رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، تم دعوتهما إلى هذا الاجتماع الدولي في برلين تلبية لطلب من روسيا، حيث تراجع منظمو المؤتمر عن فكرتهم الأولية بعدم دعوة حفتر والسراج.

ولفت إلى أن روسيا أصرت أيضا على توسيع دائرة المشاركين في المؤتمر، ودعوة ممثلين عن دول جوار ليبيا، مشيرا إلى أن "ضمان مصالحهم ومراعاة آرائهم أمر في غاية الأهمية كي تكون أي اتفاقات بشأن ليبيا نافذة".

كما أصرت روسيا على إدراج النقاط الأساسية لمقررات مجلس الأمن الدولي الخاصة بليبيا في الوثيقة الختامية للمؤتمر، وعلى وجه الخصوص البند المشير إلى عدم وجود حل عسكري للأزمة الليبية والتأكيد على تقرير مصير البلاد بأيدي الليبيين أنفسهم بعيدا عن أي تدخل خارجي.

وأضاف لافروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي شارك في المؤتمر أطلع الحضور على موقف موسكو حيال التسوية الليبية مع التشديد على أن الجانب الروسي "سيأخذ في الاعتبار آراء الليبيين" عند بحث قضيتهم في مجلس الأمن الدولي.

وقال لافروف إن البيان الختامي يؤكد وجوب تحقيق "وقف دائم" لإطلاق النار في ليبيا، وضمان حق جميع الأطراف الليبية والمكونات الإثنية والعرقية والسياسية في الإفادة من ثروات البلاد.

وأكد أنه سيتم رفع البيان إلى مجلس الأمن الدولي للبحث، وأن صيغة البيان تنطوي على ضرورة الحصول على موافقة الأطراف الليبية على التوصيات الواردة فيه قبل إحالته إلى مجلس الأمن.

قال وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، إنه تم تحقيق الأهداف التى حددت من قبل بشأن قمة ليبيا في برلين.

وتابع الوزير قائلا إن طرفي الصراع في ليبيا "قالا إنهما سيحاولان التوصل إلى حل بشأن موانئ النفط المغلقة".

واقترح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، نشر قوات حفظ سلام دولية في ليبيا لمراقبة وقف إطلاق النار، حسبما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وقال جونسون: "إذا كان هناك وقفا لإطلاق النار، فنحن قادرين على إرسال خبراء لمراقبة وقف إطلاق النار هذا".

وفي وقت سابق الأحد، أكد كل من وزيري دفاع إيطاليا وألمانيا استعداد بلادهما لإرسال قوات، ولكن بموجب تفويض صريح من الأمم المتحدة، حسب المصدر ذاته.

واستضافت برلين الأحد مؤتمرا دوليا حول سبل تسوية الأزمة في ليبيا بمشاركة زعماء ووزراء خارجية 11 بلدا إضافة إلى ألمانيا كطرف مستضيف، ورؤساء وممثلي 5 منظمات.