لا يجب أن يخدعكم السراب
تاريخ النشر : 2020-01-19 14:39

 مجددا عادت الازمات تعصف بالمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة, فازمة الكهرباء ازدادت في الاونة الاخيرة بشكل ملحوظ, وازمة الغاز اصبحت خانقة حيث يتكدس المواطنون امام محطات تعبئة الغاز لعل وعسى, كما عاد الاحتلال لمنع ادخال مواد خام الى المصانع وتصدير منتجات الى الخارج الا بالحد الادنى بين فترة واخرى, ويبدو ان اسرائيل التي تعهدت بتخفيف الحصار عن قطاع غزة تمهيدا لانهائه, تراجعت عن خطواتها بعد توقف مسيرات العودة الكبرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة, وكأن كل التجارب السابقة مرت علينا مرور الكرام دون ان نتعلم منها شيئا, فالاحتلال دائما يراهن على الوقت للتسويف والمماطلة ولا يمكن ان نضمن أي اتفاقيات او تفاهمات معه حتى ولو كانت برعاية جهات دولية, فالاحتلال لا يبالى بالوسطاء ولا يحترم أي اتفاقيات, وكان يجب التعامل معه وفق هذا المنطق لكننا راهنا على اللاشيء.

هنا تكمن الازمة فالتعامل مع الاحتلال يتطلب الحذر الشديد والتنبه والاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة, ويبدو ان فصائل المقاومة ارادت ان تستدرك هذه الحالة فاطلقت صواريخ «رسائلية» نحو منطقة الغلاف الحدودي, واطلقت عشرات البالونات الحارقة نحو الاراضي المحتلة والمناطق الحدودية, وقد تشتعل المواجهة خلال المرحلة القريبة المقبلة, وقد يتخذ قرار بالعودة الى تنظيم المسيرات مرة اخرى ولكن بفعالية اكبر, وعودة جديدة لعمل وحدات اشعال الميادين, واهمها وحدة الارباك الليلي ووحدة المسير البحري, واعتقد ان الفصائل الفلسطينية المقاومة قادرة على الحشد مرة اخرى للمسيرات, لان شعبنا الفلسطيني دائما على اهبة الاستعداد للمواجهة والاشتباك مع الاحتلال, ولا يتوانى لحظة عن القيام بواجبه الوطني, لكن الامر يتعلق بكيفية استثمار تضحيات شعبنا وتحقيق مكاسب له تخفف من معاناته, وهذا منوط بالفصائل الفلسطينية.

لا يجب ان يخدعكم السراب وتحسبوه ماء حتى اذا لامستموه لن تجدوه شيئا, فحالة التغول والتكبر والاستعلاء التي وصل اليها الاحتلال الصهيوني, بالاضافة لسيادة القرار السياسي بيد اليمين الصهيوني المتطرف, والانحياز الامريكي الفاضح للسياسة الاسرائيلية يوحي تماما ان «اسرائيل» لن تخفف حصارها عن غزة, فهى تمضي بمخطط واضح في كل المناطق الفلسطينية, ففي الاراضي المحتلة عام 48 هناك تعزيز للخطاب والقانون العنصري لتهجير اهلنا من اراضيهم, وفي القدس هناك قرار متخذ بتهويد المدينة بالكامل وطرد سكانها منها بالقوة, وفي الضفة هناك مخطط ضم اراضي الضفة وزيادة الاستيطان لترسيخ سيطرة الاحتلال عليها وتعزيز وجوده بشكل كامل, وبالتأكيد غزة ليست بعيدة عن الاجندة السياسية الصهيونية, فهى في دائرة الاستهداف بخنقها وزيادة الحصار عليها, وابقاء الناس منشغلين بلقمة العيش فقط.

كل ما يطرحه الاحتلال سراب, والحلول تكمن في مدى قدرتنا على ايلام الاحتلال الصهيوني وتفجير الثورات الشعبية في وجهه, فهذ يجعله منشغلا بها وتستنزف من قدراته البشرية والاقتصادية واللوجستية وتكبده خسائر كبيرة, فلن يمنع الاحتلال عن تنفيذ مخططاته الا ثورات الشعب وسلاح المقاومة, صحيح ان الثمن غال والتضحيات كبيرة, لكن هذا قدرنا, وليست هناك شعوب انتزعت حريتها الا بالتضحية والفداء, فما بالكم ان كان عدوكم «يهوداً» فهم رعاع ومشتتون وهمجيون, وقد حاربوا الانبياء وقاتلوهم, ولن يتوقفوا عن حربنا ابدا, لانهم يدركون ان فلسطين لا تتسع لنا ولهم, وان بقاء كيانهم مرهون بزوالنا, فصراعنا معهم صراع وجود وليس صراع حدود, لذا علينا كفلسطينيين ان نعيد تقييم مسيرتنا النضالية بين كل مرحلة واخرى, ونحصي الخسائر والارباح ان وجدت, ونحدد مسارنا بالاستفادة من تجاربنا النضالية الكبيرة, عليكم ان تعيدوا تقيم تجربتكم وان تتعلموا الا تراهنوا على سراب.