ترامب أكبر تهديد لليهود
تاريخ النشر : 2019-12-11 19:46

كثيرون من السياسيين والإعلاميين الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين والفلسطينيين خلصوا إلى إستنتاج علمي دونوه في كتاباتهم بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب حربه على الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وعلى عملية السلام، من خلال تخندقه في خنادق دولة الإستعمار الإسرائيلية وحكومتها اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، مفاده، ان اللوثة الترامبية لا تعدو أكثر من محاولة توظيف اليهود الصهاينة في إسرائيل لخدمة أفكاره الشعبوية، المرتكزة على الأساطير والخزعبلات الدينية الهادفة لإستجلاب ما يسمى "حرب ياجوج وماجوج"، التي سيظهر في اعقابها المشيح المنتظر. وبالتالي مواقف الإدارة الأميركية الحالية لا تصب في مصلحة إسرائيل بقدر ما تعمل ضدها، وتستهدف التضحية باليهود المضللين لحسابات الأفنجليكان وكل مهوسي الحروب الدينية من اتباع الديانات المسيحية والإسلامية واليهودية.

هذة النتيجة توصلت لها مجموعة يهودية أميركية في أعقاب خطاب الرئيس ترامب أمام القمة السنوية للمجلس الإسرائيلي الأميركي في ولاية فلوريدا يوم السبت الماضي الموافق 7/12/2019، عندما تفوه بعبارات مسيئة ونمطية ضد اليهود، وإعتبرهم عبدة المال، مما أثار إستياء وغضب مجموعات يهودية أميركية عديدة، وعلقوا على ما أدلى به الرئيس الأميركي، بأنه "أكبر تهديد لليهود الأميركيين." لإنه "إستخدم عبارات معادية لليهود، ومعادية للسامية." 

ولم يكتف المجلس الديمقراطي اليهودي بردود الفعل المتناثرة للمجموعات اليهودية، بل حرص على تسجيل موقف رسمي ضد ما حمله خطاب الرئيس الشعبوي، وقال المدير التنفيذي للمجلس الديمقراطي اليهودي، هالي سويفر، في بيان إن "المجلس يدين بشدة هذة التصريحات، التي إستخدمها الرئيس – مرة أخرى- والتي تمثل الصور النمطية لتوصيف اليهود، على ان دافعهم المال مع تلميحات حول الولاء."

ومما جاء في خطاب الرئيس ترامب: "الكثير منكم هنا يعمل في مجال العقارات، انا أعرفكم جيداً، أنتم قتلة مثل الوحوش، لا تتمتعون باللطف على الإطلاق، عليكم التصويت لصالحي، لا يوجد لديكم خيار." وأضاف " لا تصوتوا لصالح ضريبة الثروة"، وتابع ساخرا: "نعم، دعنا نأخذ 100 في المئة من ثروتك". وعندما حاول تكحيل كلمته، لم تزبط معه، وكانت كلماته كالرصاص القاتل خرجت ولم تعد، فقال "يجب ان نعمل على جعل الشعب الأميركي يحب إسرائيل أكثر." وأضاف " لإن لدينا أناسا من اليهود لا يحبون إسرائيل بما فيه الكفاية." 

ما نطق به ترامب أسقطه عن عرش إسرائيل، بعدما كان معظم يهود أميركا وإسرائيل الإستعمارية توجوه "ملكا على عرش إسرائيل" بعد إعترإفه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وثم نقل السفارة الأميركية للقدس، وحربه ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ... إلخ من الإنتهاكات الخطيرة لعملية السلام ومصالح وحقوق الفلسطينيين. لكن "الملك" ترامب سرعان ما كشف عن وجهه الحقيقي، واماط اللثام عن رؤاه وخلفيته الفكرية والعقائدية المعادية لليهود، كيهود، وتعشعش في وعيه، ولا وعيه الصورة النمطية عن اليهودي المرابي، والمحب للمال. إضافة لذلك، اوضح ان دعمه لإسرائيل واليهود ليس حبا فيهم، ولا تقديرا لهم ولمكانتهم كأتباع للديانة اليهودية، وإنما لإستثمار صوتهم في التصويت له في الجولة الإنتخابية القادمة 2020. بالإضافة للموضوع الأساس، الذي اشير له في بداية المقال، والمتعلق بإستخدام اليهود كأداة وظيفية لبلوغ ما يصبو إليه مع اقرانه من تجار الأساطير اللاهوتية.

نعم، ترامب يشكل خطرا، وتهديدا على إسرائيل الإستعمارية، وتهديدا لليهود في أميركا وأوروبا وحيثما وجدوا. لإنه يتعامل معهم كأداة إستعمالية، ولإمتصاص أموالهم، وتجيير اصواتهم لصالح معركته القادمة ضد مرشح الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الرئاسية. غير اني اعتقد، ورغم اية مناورات إسرائيلية صهيونية لإنتزاع كل ما يمكن إنتزاعه من ساكن البيت الأبيض النرجسي والمتغطرس لصالحهم ولصالح مشروعهم الإستعماري، غير انه سقط منذ زمن غير قريب، ولا يتعلق أمر السقوط بما تفوه به مؤخرا، بل منذ تولى الرئاسة، وهو ما تنبه له قطاعا واسعا من الإسرائيليين واليهود الأميركيين، عندما حذروا من اخطاره عليهم، وعلى مستقبل السلام، وبالتالي السقطة الأخيره جاءت لتعزز في اوساط يهودية جديدة ما فطن له يهود صهاينة سابقون، وبذلك قد يكون مصير ومستقبل الرئيس الأميركي في المدى المنظور صعبا ومعقدا ومشوشا، إن لم تأخذه الأيام والشهور القادمة نحو مآلات غير محمودة.