أجواء ليست انتخابية
تاريخ النشر : 2019-12-11 15:05

رغم تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن أهم المواضيع التي نواجهها هذه الأيام هي الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أعلنا في الأمم المتحدة أننا ذاهبون إليها، وبدأنا فعلا مساعينا مع التنظيمات الفلسطينية، وبدأت لجنة الانتخابات برئاسة حنا ناصر عملها مع التنظيمات, وإننا ذاهبون إلى الانتخابات بعد أن وافقت عليها جميع التنظيمات, إلا أن الاجواء السائدة الآن على الساحة الفلسطينية ليست انتخابية, فاذا كان المشفى الامريكي والمشفى التركي فتحا كل هذا التقاذف والاتهامات المتبادلة بين السلطة ممثلة بحركة فتح, وحركة حماس, فما بالنا إذا بدأت الحملة الانتخابية وخرج كل طرف من طرفي الانقسام لمواجهة الآخر سياسيا, والبدء بعرض برنامجه الانتخابي, فالصراع يبدو وكأنه صراع «اقصاء» وليس صراعا لأجل السلطة فقط, ومن هنا نحن نحذر من تداعيات هذه الانتخابات ونتائجها, على المستوى الداخلي والخارجي, وكيف يمكن ان تؤدي لاحتدام الخلاف بين فتح وحماس الى حد خطير, في الوقت الذي تشير فيه تقديرات عسكرية، كما أوردها الموقع الإلكتروني «واللا»، إنه بالنظر إلى التصعيد على الجبهة الجنوبية وفي ظل الأزمة السياسية بالبلاد، سيتعين على القيادة السياسية أن تقرر وتحسم موقفها قريبا ما إذا كان الجيش سيتوجه نحو التصعيد العسكري ضد حركة حماس، أو منح مزايا اقتصادية لقطاع غزة، مع الاستمرار في شن هجمات وغارات رداً على إطلاق قذائف صاروخية من القطاع. ونقل الموقع عن مسؤول أمني صهيوني رفيع المستوى قوله «لا مفر ولن يكون هناك خيار سوى الشروع في حملة عسكرية لتعزيز قوة الردع».

ما يعترض انفاذ هذه الانتخابات التشريعية التي قررها رئيس السلطة الفلسطينية عدة امور, قبل ان نذكرها لا بد ان نركز على انه لم يصدر حتى الآن أي مرسوم رئاسي باجراء الانتخابات التشريعية حتى الآن, وهذا يعني ان رئيس السلطة متردد في اجراء الانتخابات, لان حماس اشترطت ان يشمل المرسوم الرئاسي تحديد موعد لاجراء الانتخابات الرئاسية بحيث لا تتجاوز المدة ثلاثة اشهر, كما ان نصائح «خارجية» قدمت لرئيس السلطة وحسب تقديرات نتائج الاستطلاع بصعوبة فوز فتح بأكبر المقاعد في المجلس التشريعي, خاصة في الضفة الغربية, نظرا لتعامل اجهزة امن السلطة بلا مسؤولية مع المواطنين الفلسطينيين بما فيهم ابناء فتح, وكذلك نظرا للاخفاقات السياسية الكبيرة للسلطة في مواجهة تغول الاحتلال على اهلنا في الضفة ومصادرة اراضيهم والتوسع الاستيطاني الكبير, واخطار الاغوار, والخان الاحمر, والخليل التي تحدث عنها نتنياهو بوقاحة, وشرعنتها الادارة الامريكية بتصريحات ترامب وبومبيو, وعجزت السلطة عن اتخاذ أي موقف لمواجهتها, حتى الحراك الشعبي الذي دعت اليه الفصائل في الضفة لمواجهة هذه السياسة الصهيو-امريكية التعسفية, افشلتها اجهزة امن السلطة, وحولت المعركة لمواجهة خيمة اعتصام الاسرى المحررين في رام الله, والذين قطعت رواتبهم بسبب انتماءاتهم السياسية, ومعارضتهم لسياسة «سلام السلطة» المستندة على التفريط في الحقوق الفلسطينية, كما ان رئيس السلطة ابقى بيده ورقة يمكن استخدامها في أي لحظة بوقف اجراء الانتخابات دون ان يلومه احد, وهي انتخابات اهلنا في القدس, والتي يرفض الاحتلال اجراءها حتى الان.

وحتى نكون اكثر صراحة في موضوع اجراء الانتخابات فيجب ان نذكر ان فصائل منظمة التحرير وتحديداً الجبهة الشعبية والديمقراطية, تتحفظ على اجراء الانتخابات قبل الدعوة للحوار, او انعقاد الاطار القيادي المؤقت, لأجل وضع تصور حول الانتخابات, وضمانات دولية على نزاهتها, وتقبل طرفي الانقسام لنتائجها, ولأي قانون انتخابي ستخضع, ويبدو ان الفصائل الفلسطينية المشاركة في الانتخابات التشريعية, ترفض ان يكون قرار الانتخابات بيد حماس والسلطة ممثلة بفتح, وانها شريك اساسي في كل التوافقات حول الانتخابات, وهذا قد يؤدي الى مقاطعة الشعبية والديمقراطية لها, بالإضافة لموقف الجهاد الاسلامي المبدئي منها, والرافض لأي انتخابات تحت سقف اوسلو, فهل تقبل السلطة وحماس بانتخابات تعزز حالة الاستفراد بالقرار الفلسطيني, نحن لا نعطل المراكب السيارة, لكننا نضيء على معيقات قد تزيد الفجوة اتساعا, وتعطل محاولات توحيد الساحة الداخلية الفلسطينية لمواجهة الاخطار الكبيرة المحدقة بالقضية الفلسطينية.