بنهاية المطاف ... الحصاد السياسي
تاريخ النشر : 2019-12-09 09:39

ذكرى الانتفاضة الاولى والكبرى بتاريخ النضال الوطني الفلسطيني ... الشعبي والسلمي في ظل مرحلة الكفاح المسلح وما حدث بمثل هذا اليوم من العام 1987 م وما صدر من خلال البيان الاول للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة والذي حمل شعار الانتفاضة مستمرة حتى زوال الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال .

استمرت الانتفاضة الشعبية ... انتفاضة الحجارة بوسائل نضالية سلمية من خلال البيان وشعارات الجدران ومقالات الكتاب والاطارات المشتعلة وقطع الطرق بالحجارة والمتاريس واعلان الاضرابات ... ولم يكن بتلك الفترة الا الفضائيات والاذاعات والصحف والمراسلين من كافة الاقطار ولم يكن في ذلك الوقت ما هو حادث اليوم من تطور تكنولوجي من خلال شبكات التواصل .

قناعات وطنية خالصة ومخلصة ... وارادة صلبة وقوية ... واصرار على المواجهة بصدور عارية امام قنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي وحي واعتداء بالهراوات وتكسير للعظام وحتى الاعتقال او الاستشهاد .

استشهد ما يزيد عن الف وثلاثمئة شهيد واصيب عشرات الالاف واعتقل ما يقارب المائة الف ... فتحت السجون والمعتقلات لأجل وقف هذه الانتفاضة التي غلبت مصالح الوطن ومتطلباته والشعب وحريته واستقلاله .

هذا الفعل الوطني الجماهيري السلمي كان بغطاء اعلامي وطني وعربي ودولي حيث انتقلت الصورة الى كافة الدول كما وصل الصوت لكل عاصمة بهذا الكون ... وتعرف العالم بأسره على صورة ومضمون الحقيقة .... فكانت رسالة فلسطينية وطنية انسانية سيبقى التاريخ يسجلها بصفحات مجده .

الفعل الوطني الشعبي السلمي الجماهيري الواسع بكافة المدن والمخيمات والاحياء وازقة الشوارع وداخل كل بيت كان تعبيرا وطنيا انسانيا لشعب يريد حريته واستقلاله.

هذا المشهد الانتفاضي الاول والذي استمر لسنوات سيبقى مسجلا وحافظا لتاريخ شعب لا زال مستمرا بنضاله ومقاومته .

لسنا بصدد احداث الفروقات وتسليط الضوء ما بين انتفاضة الحجارة وما بين الفعل الشعبي الذي يحدث اليوم فالفارق بالمشاركة والتفاعل لكافة الفئات والشرائح ومكونات المجتمع تختلف بمستوياتها وبتعدادها ولهذا اسباب عديدة لا داعي لحصرها والحديث فيها .

في ظل الانتفاضة الشعبية جرت العديد من الاحداث عقد المجلس الوطني التاسع عشر بالجزائر واعلن عن وثيقة الاستقلال والتي تم الاعتراف فيها بالقرار 242 والذي ينص ببنوده على انسحاب اسرائيل من الاراضي التي تم احتلالها بالخامس من حزيران 67 ... وعدم جواز الاستيلاء على ارض الغير بالقوة وكان اعلان دولة فلسطين استنادا للشق القانوني للقرار 181 الصادر عن الامم المتحدة .

كان قرار المجلس الوطني تحولا استراتيجيا سياسيا مهد الطريق لمؤتمر مدريد ... ومن ثم اتفاقية اوسلو في سبتمبر 93 وما نتج من خلال هذه الاتفاقية على تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة القيادة كما عودة عشرات الالاف من ابناء فلسطين وحتى يكون القارئ أمام اتفاقية اوسلو والتي تعبر عن ثلاثة مراحل :-

المرحلة الاولى غزة اريحا اولا باعتبارها مناطق أ ومن ثم المرحلة الثانية اعادة الانتشار في مناطق ب بالضفة الغربية والمرحلة الثالثة والاخيرة والتي كان تاريخها بالعام 95 باعتبارها المرحلة النهائية والتي ستمهد الطريق لمفاوضات الحل النهائي المؤدي الى دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية .

هذا الحصاد السياسي الذي كان مثار جدل ونقاش واعتراض من البعض كان فيه غبن وظلم ليس لان اتفاقية اوسلو مطلبا وأملا للفلسطينيين ولكنها اتفاقية انتقالية قيل في وقته اما انها سترسخ الاحتلال واما انها ستكون مدخلا لدولة فلسطين وهذا ما يعتمد اولا على الاداء السياسي والوطني الفلسطيني وبالمقابل يعتمد على الالتزام الاسرائيلي بالاتفاقيات الموقعة وبما فيها اتفاقية باريس الاقتصادية .

أما وان اسرائيل ما بعد مقتل رابين وبداية غلبة اليمين وتوسعه في المجتمع الاسرائيلي وزيادة حدة الاستيطان وادارة الظهر للاتفاقيات وعدم الالتزام بها لا يعطي الحق لاي فصيل فلسطيني ان يتحدث ان حركة فتح قد غلبت مصالحها وافشلت الانتفاضة الاولى لان التاريخ لا يزيف ... ولا يمكن ان يكذب ... ولا يمكن ان يشطب بغفلة من الزمن ومدى الوضوح والثبات والحصاد السياسي الممكن الذي تحقق بفعل فتح وسياستها وتمسكها بالثوابت الوطنية ومدى الانجازات السياسية والدبلوماسية التي تزداد يوما بعد يوم نتيجة الحكمة والسياسة وحتى المقاومة الشعبية .

نحن بحاجة الى البناء على ما تراكم من انجازات وطنية سياسية ودبلوماسية ونحن نستمع الى المزيد من الاعترافات التي تزداد عن عدد الدول المعترفة بإسرائيل وما نستمع اليه من تحرك اوروبي للاعتراف بدولة فلسطين كلها انجازات ومشاركة بعضوية المؤسسات الدولية ووصول فلسطين الى عضو مراقب وما يمكن ان تحصل عليه من عضوية كاملة في سبتمبر القادم كلها انجازات وطنية بفعل نضال شعب بأكمله وحرصا فصائليا وعملا نضاليا مشتركا لا يجب على احد ان يفسد التاريخ بمقولات ومواقف تعكر الاجواء وتزيف ذاكرة الاجيال التي لا يمكن ان تنسى الحقيقة .