بين حرية الأسرى... وذكرى المجزرة
تاريخ النشر : 2013-11-01 02:05

فجر أمس انتصرت إرادة الحرية الفلسطينية على إرادة السجان الاسرائيلي. ليس فقط على المقولة الاسرائيلية البغيضة، التي لاكها قادة دولة الابرتهايد الصهيونية كثيرا، وتذرعوا بها طيلة العقدين الماضيين للحؤول دون الافراج عن الاسرى، المقولة القائلة: "لن يتم الافراج عمن تلطخت أيديهم بالدم اليهودي!"، بل على حملة التحريض الصهيونية المتطرفة، التي شنها قادة حزب البيت اليهودي والتيار الاقصوي في حزب الليكود وحزب "إسرائيل بيتنا".

عانق الاسرى شمس الحرية، وعادوا الى بيوتهم وذويهم، لأن القيادة رفضت رفضا قاطعا أي مساومة في هذا الجانب مستفيدة من تجربة الابعادات السابقة كما حصل مع اسرى سابقين ومناضلي كنيسة المهد، الذين مازالوا حتى الآن يدفعون الثمن غاليا.

جنرالات الكفاح الوطني في باستيلات إسرائيل، الذين قضى بعضهم قرابة الثلاثين عاما خلف القضبان، وأقلهم ليس اقل من عشرين عاما، خرجوا بهامات عالية، تعانق السماء، تملؤهم إرادة الحياة والبقاء والاصرار على المضي قدما في الدفاع عن قضية اشقائهم، الذين ما زالوا يقبعون داخل زنازين ومردوانات الاسر الاسرائيلية، داعمين خيار القيادة الشرعية في إيلاء قضية ابطال السلام الاهمية، التي تستحق، لان تبييض السجون الاسرائيلية من ابناء الشعب الفلسطيني، تشكل ركيزة مهمة من ركائز وتقدم خيار التسوية السياسية.

أُفرج حتى الآن عن اربعة وخمسين أسيرا خلال الدفعتين الراهنة والسابقة من الاسرى الـ (104)، الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاقيات اوسلو1993. وما زال عدد مماثل لهم سيفرج عنهم على دفعتين حتى نهاية آذار 2014، وبالافراج عنهم، تكون القيادة طوت صفحة سوداء من المنطق الصهيوني العنصري المعادي للسلام، ووضعت أسساً تتوافق مع روح القانون الدولي ومع روح التسوية السياسية.

بالأمس حلت على الشعب العربي الفلسطيني ذكرى مجزرتين بشعتين، نفذتهما المنظمات الارهابية الصهيونية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، الاولى مجزرة الدوايمة الواقعة بين بئر السبع والخليل، التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء وفقدان 455 بينهم 170 من النساء والاطفال، ووقعت في الثامن والعشرين من تشرين اول 1948. نفذت المجزرة التي تفوق في وحشيتها مجزرة دير ياسين الكتيبة 89 التابعة للواء الاسرائيلي الثامن. والثانية مجزرة كفر قاسم، التي ذهب ضحيتها تسعة واربعون شهيدا من ابنائها، وحصلت في التاسع والعشرين من تشرين أول 1956.

استحضار ذكرى المجازر الاسرائيلية الوحشية أكثر من ضروري لأبناء الشعب الفلسطيني، أولاً كي لا ينسى الابناء ما ارتكبته الفاشية الصهيونية من مجازر ضد آبائهم واجدادهم لتنفيذ مخطط التطهير العرقي وتفريغ فلسطين من اصحابها الحقيقيين؛ وثانيا كي يتعلموا أن لا يكونوا لقمة سائغة لآلة الحرب الصهيونية؛ وثالثا كي يلاحقوا قادة ومجرمي الحرب الاسرائيليين الصهاينة في الوقت المناسب لمحاكمتهم امام محكمة الجنايات الدولية؛ ورابعا ليعلموا ان خيار السلام ودرء الاخطار والحروب، هو خيار تفادي الآلام ونزيف الدماء.

ستبقى المجازر الاسرائيلية عنوانا ملهما للفلسطينيين لمطاردة القتلة الاسرائيليين اينما كانوا، كي لا يعرفوا للنوم طعما، لأن ما أذاقوه لابناء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، لن يتقادم مع الزمن، ويبقى ندبة سوداء.

بين لحظة الفرح الندية لأسرى الحرية وذكرى المجزرتين صلة رحم، هي الرواية الفلسطينية، وفصولها السابقة والراهنة واللاحقة, التي لا يجوز التخلي عنها او تجاوز أي فصل منها.

 

[email protected]