نساء يروين لــ"أمد" كيف كانت الليلة الأولى بعد الانفصال!
تاريخ النشر : 2019-11-25 23:04

غزة - ابتسام مهدي:  عندما تفكر المرأة في الانفصال عن زوجها، لن تكون مشكلتها الوحيدة أنها فقدت قدسية الرباط  في زواج استمر لعدة سنوات فقط، ربما عانت فيها من الخيانة والهجر والعنف، لكن مشكلة أخرى تؤرقها، والتي تأتي عل هيئة أسئلة "فماذا سيقول الناس"؟ وكيف سيكون رد فعل أهلها؟ وهل ستحظى بفرصة جديدة في الزواج؟

لكن الحياة يجب أن تستمر، ولا بد من تجاوز ذلك، هذا ماروته عدد من النساء  بعد حديثهن عن أول ليلة بعد الانفصال::

زينب أبو سويد من أراضي ال 48 لم تنم ليلة ما حصلت على ورقة الطلاق، ولكن في نفس الوقت أقرت " أول ليلة لم أبكي فيها، فخلال سبع سنوات زواج لم أنم في أي لليلة دون أن أبكي، شعرت كأنني طائر يحلق بكل حرية".

زوج زينب (34عام) لم يكن يسمح لها بأن تتخذ أي قرار، فقد تزوجت في سن مبكر، فحرمها من أن تكمل تعليمها،  كما لم يكن يسمح لها بأن تذهب لعائلتها، إلا بعد مشاجرات كبيرة تحصل بينهم .

جميع القرارات التي كانت تتخذ بمنزل زينب كانت بفرض من زوجها، " لا يمكن وصف الأمور التي كان زوجي يعارضني  فيها مثلا ماذا نطبخ، ماذا نضع على سفرة الطعام، متى نتحمم ماذا البس أو البس أطفالي، حتى لون الجرابات كان هو يحدد ماذا سنلبس".

وأضافت:" كل حياتي كانت مبينه على قرارته كنت أشعر بالاختناق فلا شخصية لي ولا كيان، كنت أحلم بأن أستمع لأغنية على ذوقي أن أشتري فستان بالون الذي أحبه، في كثيرًا من الأيام كان يراودني أن أغير طريقة توزيع عفش البيت ولكن كان يرفض، فزوقة هو الأفضل وقس على ذلك ممنوع أن أتحدث أو أنشارك الأخرين الحديث وابداء الرأي".

وعن قرار الطلاق، قالت:" لم أكن أفكر بأن نهاية زواجي هو الطلاق، لاسيما أن مجتمعي كان يرفض ومن بينهم أهلي كلمة الطلاق، لكن تعبت وقررت الانفصال مها كلفني الأمر، وبكل قوة قلت له طلقني، لم أعد أتحملك نهائيًا، وأخبرته أنني لن أترك المنزل فأبني الذي يعاني من إعاقة هو أولي من أي شخص بأن يسكن هذا البيت، ولن أتخلى عن أبنائي الأربعة ".

  زوجها كان مصدومًا من طلبها ومن طريقة حديثها القوية الذي لم يعتد عليها، وبكل بساطة قال لها "أنت طالق" بعد أن وقعت على ورقة تنازل عن كل حقوقها.

اليوم زينب عضوا بلدي في مدينتها بعد أن أكملت دراستها واجتهدت على نفسها، لتكون ممثلة في الجمعيات النسوية لتصبح سندًا للنساء في مجتمعها، " طبعًا لا أفكر في الزواج نهائيًا، فكل ما يدور في عقلي هو أن أربي اطفالي ليكونوا أقوياء، ولديهم كيان مستقل".

أيضًا رندة حسن من قطاع غزة لم تنم أول ليلة انفصلت فيها عن زوجا، وقد جفت دمعتها لدرجة أنها أسمتها ليلة (الدموع دون انقطاع) " حضنت أطفالي الثلاثة بعد أن نامو، وبدأت بالبكاء كنت أفكر فيهم وفي مستقبلهم وماذا سيحدث لهم من تبيعات أنني مطلقة، فكرة أن يكملوا حياتهم دون أب كانت صعبة جدًا علي، ولكن كان يجب أن أضع حدًا لعلاقتي مع زوجي ".

زوج رنده ( 33 عام) كان كريمًا محبًا لها لم تتضايق يومًا منه، ولكن مكالمة على برنامج الواتس اب، جعلها تكتشف حجم الزيف والتمثيل الذي كانت تعيش فيه، لتمسك أطفالها وتهرب بهم لمنزل عائلتها، فقد اكتشفت أن زوجها يقيم علاقة جنسية مع صديقة، خرج من الحمام وهو لا يعلم أين اختفت عائلته.

وتقول :" لم استطع تحمل الأمر، كنت مصدومة قلقت على أبني ذات 6 سنوات وحتى على بناتي، أرسلت له صورة المحادثة التي التقطها من جواله وأنا بطريقي لبيت عائلتي وقلت له فقط طلقني، في صباح اليوم الثاني أرسل لي ورقة الطلاق دون أي نقاش، وقد أجبرته أيضا على أن يكون لي بيت وأن يرسل كل شهر مصروف لأبنائه، مع عدم السماح له برويئتهم إلا بوجودي ".

زوج رنده لم يستطع أن يقف أو يعارض أو حتى أن يحاول تصليح الأمر فقد هددته رنده بفضحة، " وخوفًا على مشاعر أبنائي مستقبلًا وأن يتم معايرتهم في والدهم، إلى اليوم ورغم مرور 3 سنوات لا يعلم أحد سبب الطلاق، وهو لم يتزوج أيضًا".

وأضافت:" حاول الكثيرين أن يعرف ماذا حدث لتنقلب حياتي التي كانت مستقرة بنظر الجميع، إلى اليوم اتعرض للسؤال من قبل عائلته قبل عائلتي ماذا حدث بينكم ليصل الأمر فجأة للطلاق والانفصال، وانتهاء العلاقة، أخبرهم دائمًا أن الحياة بيننا انتهت فقط ".

أما هاله فقد كان زواجها قصيرًا جدًا لم يتسمر أكثر من ثلاث أسابيع، وبعد عودتها لمنزل عائلتها بشهر تم تبليغها، وهي متوجة لدوامها في المدرسة التي تعمل بها كمدرسة بأنها حصلت على حريتها وأصبحت مطلقة،" وصلت المدرسة وقد كانت دموعي في عيني، سألتني مديرة المدرسة ماذا بك، قلت لها أصبحت "مطلقة لا تثقلي علي".

تجد هاله أن مديرة المدرسة لم تستوعب ما تحدثت به لتحملها الكثير من الأعباء في ذلك اليوم، لتعود لمنزل عائلتها وقد أنهكها التعب على غير العادة، ولتنام لأكثر من خمس ساعات متواصلة، وتقول" استيقظت، وكان قلبي يؤلمني لم أتخيل في يوم أنني سأطلق، فقد كان بيني وبين طلقي قصة حب كيف انتهت هكذا، لا أعلم".

تعود بذاكرة قليلا للوراء، وتقول:" هو قال لي "لا أستطيع أن أكمل حياتي معك"، أنا قلت له نفس الكلمة، أكمل حديثه:" أجعلي ما كان بيننا يبقي للأبد، لا نريد أن نشوه، نحن لا نتناسب مع بعض، يجب أن ننفصل قبل أن يكون بيننا أطفال"".

هالة وعائلتها أيضًا لا تعرف السبب الحقيقي للانفصال، رغم أنها تعرفت عليه خلال دورة تدريبية كان يديرها، وهو من تحدث معها وأخبرها بنيته التقدم للزواج منها،" كانت أيام صعبة علي، أخذت كل حقوقي منه دون أي مشاكل، لكنني أشتاق له ولكل ما عايشته معه ".

هاله تفكر حاليًا بالزواج من أخر، إذا تقدم لها شخص، بعكس رنده وزينب واللتين لا يفكرن نهائيًا بالارتباط بآخرين، بل كل ما يعنيهم هو كيفية أثبات أنفسهن في المجتمع وتربية أبنائهن تربية صالحة.

أيضًا سما أحمد ( اسم مستعار)  لم تنم طوال الليل بل اعتبرته " أطول ليل مر علي"، وتابعت حديثها:" قمت بإطعام أطفالي واللعب معهم، ومن ثم نام أطفالي، فجلست مع والدتي وأختي  حتى ذهبوا للنوم، وجلست لوحدي وفتحت الراديو وبدأت في قراءة رواية قديمة كنت قد تابعتها قبل زواجي ".

انهت سما قرأت الرواية، وكان نور الصباح قد بدأ بالبزوغ وهي لم تغمض عينها نهائيًا طوال الليل، لتصلي الصبح وتجهز طعام الافطار لأطفالها ليستعدوا للذهاب للمدرسة، ومن ثم استمرت بالعمل في المنزل دون أن تشعر بالتعب.

وتابعت حديثها:" كان ليل طويل وأيضَا نهار طويل، رغم طلبي الطلاق من زوجي كونه لديه العديد من العلاقات مع أخريات، وأنا فقط كنت في المنزل خادمة له وكام لأطفاله، لم يكن يعطيني أقل حقوقي، وكل يوم كنت أعلم أنه يسهر مع احدى البنات في مكان ما".

تعبت سما( 35 عام) من زوجها الذي اعتبرته خائن، لتطلب منه الطلاق بعد سماعها وهو يتحدث مع أحداهن، فقام بضربها وكان يقول "لها أنه رجل وله الحق بأن يقيم أي علاقة مع أي فتاة "، ليتركها بعد أن ضربها بعنف وترك علامات على جسدها.

لتوقظ أطفالها وتخرج بهم من البيت، لتضعهم عند والدتها وتذهب هي وأختها لقسم الشرطة ويتم تحويلها للمستشفى ليتم كتابة تقرير طبي عن حالتها وتقدمية للشرطة، من ثم رفعت قضية عليه طالبه الانفصال عنه.

لم يكن مسألة الانفصال بالأمر السهل لا من قبل القضاء ولا من قبل عائلتها فقد أعترض أخوتها على الانفصال، وستمرت قضيتها في المحكمة لأكثر من سبعة سنوات حتى حصت على ورقة الطلاق كونها رفضت التنازل عن حقوقها، " في النهاية تطلقت، وكنت أرغب في الحصول على هذه الورقة فقط لأكون حرة، لا أفكر بالزواج مرة أخرى بل أرغب في إكمال تعليمي وتربية أطفالي فقط " وفق سما.

ومن جانبها تجد الاخصائية النفسية فداء عمر، أن إن المرأة المنفصلة تشعر بالصدمة، حتى لو كانت هي من طلبت الطلاق، مما قد يجعلها في حالة ارتباك واضطراب وتبدأ في إعادة النظر في حالها مع مراجعة لجميع مناحي حياتها.

أذا لم تكن قوية وفق عمر قد تبدأ بالدخول بأعراض الاكتئاب وانطفاء بهجة الحياة مع الشعور بالإحباط، قد يصل إلى اليأس وتبدأ بلوم نفسها على كل ما حصل، وتسترجع شريط حياتها الزوجية، وكيف أنها أخطأت ولم تحسب حسابها بشكل جيد، أو كيف أنها صبرت على كل الأذى النفسي أو الجسدي الذي مرت به.

لذلك فهي تحتاج إلى "تقوية الدعم النفسي والاجتماعي لها من قبل الأهل والأصحاب، والأخذ بالأسباب التي تخفف معاناتها النفسية والاجتماعية، مع التواصل المستمر معها، والعناية والرعاية اللازمة التي تحتاجها وعدم النظر إليها، وكأنها قد ارتكبت عملاً مخلاَ أو غير مقبول".

وتنصح عمر في نهاية حديثها المطلقات بضرورة " أن تعلم بأن الطلاق ليس بحياة جديدة بل هو استمرار للحياة بطريقة مختلفة، وعليها بالتقرب والإكثار من العلم، سواء من حيث الدورات التدريبية أو قراءة الكتب، لان العلم هو أعلى مراتب الطاقة، والابتعاد عن الأشخاص السلبيين، لان طاقة المرأة المطلقة تكون منخفضة، وبوجود السلبيين حولها سوف يؤثر أكثر على نفسيتها ".