ثورة لبنان في شهرها الأول.. إنجازات هامة وإحصائية "سرية" أجرتها السلطة وبري قلق!
تاريخ النشر : 2019-11-16 23:30

بيروت:  عشية مرور شهر على الاحتجاجات، يواصل المحتجون في شوارع لبنان مظاهراتهم منذ انطلاق أكبر انتفاضة شعبية في البلاد.

ودعا ناشطون لبنانيون إلى تظاهرات حاشدة في ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط العاصمة بيروت وباقي المناطق اللبنانية، الأحد تحت شعار "أحد الشهداء"، الذي يوافق اليوم الـ31 على بدء الاحتجاجات في البلاد، بينما يواصل الحراك فعالياته بجولة لمبادرة "بوسطة الثورة".

ومن جانبه كشف الأمين العام لحزب "الكتلة الوطنية" بيار عيسى في مقابلة أجراها مع الاعلامي طوني بولس لـ"اندبندنت عربية"، عن "إحصائية سرية قام بها أحد أبرز أحزاب السلطة ليتبين معه أن 76 في المئة من المواطنين يؤيدون الثورة ويعلنون فقدانهم الثقة مع الطبقة الحاكمة، وهم يطالبون بحكومة مستقلة عن أحزاب السلطة".

وأشار عيسى، إلى أن "الجميع في زورق واحد، ويكاد يغرق بسبب الأداء السيئ، وهذه السلطة أوصلت البلد إلى أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية لم يسبق لها مثيل، والآن، وبشكل عاجل، يجب تأليف حكومة مستقلة لتعيد الثقة المفقودة مع الشعب والمجتمع الدولي والمستثمرين قبل الانهيار التام".

ومن جانبها، نسبت صحيفة الجمهورية يوم السبت إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قوله إن الأمور في لبنان تزيد تعقيدا، مما يشير إلى أن الأطراف لم تتوصل بعد إلى صيغة نهائية لاتفاق مطلوب لتشكيل حكومة جديدة.
وكان قد بدا من تصريحات مصادر سياسية وتقارير إعلامية يوم الخميس أن لبنان يتجه إلى توافق على رئيس جديد للوزراء بعد أن وافق رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وجماعة حزب الله الشيعية وحليفتها حركة أمل الشيعية أيضا على تأييد رئاسة وزير المال السابق محمد الصفدي للحكومة.
لكن أيا من القوى السياسية لم تصدق رسميا على الصفدي كما لم يتحدد تاريخ للمشاورات الرسمية اللازمة لتكليف رئيس جديد للحكومة.
ونقلت صحيفة الجمهورية عن بري قوله "الأمور تزيد تعقيدا ولا بد من حل سريع يخرج لبنان من هذه الازمة".
وقدم الحريري استقالة حكومته يوم 29 أكتوبر تشرين الأول وسط احتجاجات مناوئة للنخبة الحاكمة التي يقول لبنانيون إنها مسؤولة عن تفشي الفساد وإغراق البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990.
ورفض بعض المحتجين تكليف الصفدي المحتمل لرئاسة الوزراء قائلين إن ذلك يتعارض مع المطالب برحيل النخبة السياسية التي يرون أن الصفدي واحد منها.
والصفدي رجل أعمال بارز وعضو سابق في مجلس النواب من مدينة طرابلس التي تسكنها أغلبية سنية. وكان وزيرا للمال من عام 2011 إلى‭ ‬2014 في حكومة نجيب ميقاتي، وشغل من قبل منصب وزير الاقتصاد والتجارة.
ونقلت قناة إم.تي.في التلفزيونية اللبنانية قول وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إن الصفدي وافق على شغل منصب رئيس الوزراء إذا أيدته الأحزاب الكبرى.
ويتعين أن يكون رئيس وزراء لبنان سنيا طبقا لنظام المحاصصة الطائفية المعمول به.
ويستلزم تكليف رئيس وزراء جديد أن يجري الرئيس ميشال عون، وهو مسيحي ماروني، مشاورات رسمية مع أعضاء البرلمان حول من يختارونه لشغل المنصب وعليه أن يكلف بذلك من يحصل على أكثرية الأصوات.
وأرادت جماعة حزب الله وحركة أمل أن يعود الحريري لشغل المنصب لكن الجماعتين وعون، وهو حليف لحزب الله، طالبوا بأن تضم الحكومة الجديدة تكنوقراطا وسياسيين، بينما أصر الحريري على أن تكون الحكومة كلها من التكنوقراط.صحيفة نقلا عن نبيه بري: الأمور في لبنان تزيد تعقيدا

ثورة 17 تشرين: إنجازات لا يستهان بها فـــــــــي أقل من شهر: تطفئ ثورة 17 تشرين، شمعة شهرها الاول، غدا. الانجازات التي تمكّنت من تحقيقها في اقل من 30 يوما كبيرة ولا يستهان بها. فالى كسرها الحواجز التي كانت حتى الامس القريب تباعد بين اللبنانيين وتُقسّمهم طوائف ومذاهب واحزاباً ومناطق متناحرة في ما بينها، وصَهرِهم في قالَب "المواطنية" الحقيقية الجامع، بعد ان كانت "الوحدة الوطنية" و"العيش المشترك" مجرد شعارات وكلمات "فارغة" تتردد في الاغاني والاناشيد والنصوص، نجحت الثورة في فرض نَفَسها الاصلاحي التغييري في اكثر من ملف حياتي يومي سياسي قضائي اقتصادي.

فالى الورقة الاقتصادية التي أسقطت كل الضرائب التي كانت ستفرض على المواطنين في الموازنة المرتقبة، ودَفعِهم الرئيس سعد الحريري الى الاستقالة، يُسجّل للثوار أنهم حرّكوا آلة القضاء في ملفات فساد نامت في الادراج سنوات، وإن كانت هذه العملية لن تكتمل الا بجرّ الضالعين في الممارسات الشاذة، الى المحاكم ليُحاسبوا وينالوا عقابهم. من انجازات الانتفاضة ايضا، قلبُ فكرة تقاضي الفواتير بالدولار. فقد أصدرت الغرفة الإبتدائية السادسة في بيروت الناظرة في القضايا المالية، منذ ايام، قراراً بالإجماع، بإصدار الفواتير المتعلقة ببيع الخطوط وتسعير بطاقات الشحن أو التعبئة وخدمة الإنترنت وسائر الخدمات التي تقدمها للمستهلك اللبناني بالليرة اللبنانية وفقاً للتعرفة الرسمية لسعر صرف الدولار الأميركي الى الليرة اللبنانية.

الى ذلك، تمكّنت الثورة من إحباط جلسة لمجلس النواب كانت مقررة الثلثاء في 12 تشرين الجاري، بعد ان لوّح المنتفضون باضراب عام وبقطع الطرق المؤدية الى البرلمان في ذلك النهار، بعد ان تيقّنوا ان ثمة توجّها لإمرار قوانين مشبوهة ملغومة في الجلسة العتيدة. فقد تبين ان مشروع قانون العفو العام الذي كان مدرجا على جدول اعمالها، وفق ما اكد تجمع المهنيات والمهنيين والمفكرة القانونية في مؤتمر صحافي مشترك، عقده الاثنين، قد يتسبب بانهيار على صعيد النظام القانوني مشابه للإنهيار المالي الذي نشهده. وقال المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" نزار صاغية، إنّ قانون العفو العام، يعمل بذريعة رفع المظلوميات وتحت غطائها على إعفاء جرائم كثيرة ارتكبها مسؤولون. ومن هذه الجرائم التي شملها القانون: جرائم مالية، وتلويث الأنهار، وتفجير الجبال (الكسارات) والتهرب الضريبي، والجرائم العسكرية، والاعتداء على الأمن الداخلي، والتعدي على الحقوق المدنية... وقد دل ذلك الى ان زمن تمرير مشاريع "مفخخة" دون حسيب او رقيب، ولى الى غير رجعة.

اما نشاطات التلاميذ والطلاب على الارض في اتجاه المرافق العامة، فأضاءت على مكامن الهدر في الدولة، من أوجيرو الى شركة الكهرباء فالمرفأ وشركتي الخلوي ومراكز الميكانيك وسد بسري، وعلى أجهزة مقصرة في عملها في محاربة الفساد أيضا، من قصر العدل الى بيت المحامي (...)

الثوار اذا خلقوا امرا واقعا جديدا على الارض، لكنهم لم يضيّعوا ابدا بوصلتهم وخريطة طريقهم الاساسية: لا زالوا يصرون على تشكيل حكومة اختصاصيين تكنوقراط مستقلين غير حزبيين تنقذ الاقتصاد وتعدّ لانتخابات مبكرة وتستعيد الاموال المنهوبة. ومن هنا، فإنهم هبّوا منذ ساعات رافضين تسمية محمد الصفدي لرئاسة الحكومة الجديدة، ورافعين الصوت ايضا ضد منطق الاتفاق المسبق على الحكومة وشكلها وطبيعتها في الغرف المغلقة، وفق المنطق المحاصصتي التسووي التقليدي، والذي يُعتبر في نظرهم، التفافا على الدستور والاصول لا يمكن ان يستمر. كل ما تقدم يدل الى ان ما بعد 17 تشرين ليس كما قبله، ولا بد للمسؤولين من الاقرار بهذه الحقيقة. أما الاصرار على السير قدما في ادارة البلاد وفق العقلية القديمة، فسيعني ان زمن تصريف الاعمال سيطول ومعه التصعيد في الشارع..