جامع عبوات قنابل الغاز والصوت
تاريخ النشر : 2019-10-25 10:22

صحوت وزوجتي في الفجر على أصوات الانفجارات حولنا. 

لم نكن نعرف أين هو مركز الاشتباكات. قدرنا في البدء أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل أحد ما في مخيم الأمعري. لكن أصوات انفجارات قنابل الغاز والصوت كانت قريبة جدا من البيت. عبر بعض الفتيان بأيديهم الحجارة ساحة العمارة، فسألناهم: شو اللي صاير؟ رد أحدهم: بدهم يهدموا دار ام ناصر أبو حميد.

وأم ناصر تسكن في طرف مخيم الأمعري الجنوبي، في مكان يبعد عنا 300 متر لا غير، ويقع في آخر زقاق طوله 50 مترا. لقد هدموا بيتها من قبل، وها هم يريدون هدم البيت الجديد الذي لم يكتمل بناؤه بعد. خرج شباب الأمعري وفتيانه للدفاع عن بيت أم ناصر. وطاردتهم قوات الاحتلال بالغاز والرصاص المطاطي في دائرة قطرها كيلومتر  حول البيت. 

وانتهت المعركة حول السادسة صباحا تقريبا.

هدم بيت أم ناصر. يمنع على أم ناصر أن تبني بيتا وتسكنه انتقاما من أولادها الخمسة المسجونين في سجون الاحتلال. عليها أن تفهم أنها لن تملك بيتا بعد الآن.

انتهت المعركة التي خاضها مخيم الأمعري وحده. رام الله- البيرة كلها نائمة. الحدث في مخيم الأمعري وليس عند الآخرين. ليس لأحد علاقة بأحد. كل واحد أن يخوض معركته وحده. الأمعري يخوض معركته وحده. كوبر تخوض معركتها وحدها. رام الله التحتا تخوض معركتها وحدها. ومن يكون حقل زيتونه قرب المستطوطنين يخوض معركته وحده.

خرجت في الساعة السابعة والربع. كانت آثار المعركة في كل مكان حول البيت. حاويات القمامة مقلوبة كي تشكل متاريس ما. الحجارة تملأ الطريق، والسيارات مضطربة لا تعرف إن كان عليها أن تعود أو تواصل طريقها.

وصلت إلى بيت أم ناصر الذي كان في طريقي. كان كومة من الحديد والإسمنت. وكانت البيوت الملتصقة به نصف مدمرة أيضا. في الشارع كانت عبوات قنابل الصوت والغاز بالعشرات. انحنيت والتقطت أربعا منها، ولا أعرف إن كانت عبوات غاز الدموع أو قنابل الصوت. كان أطفال في طريقهم إلى المدرسة. سخر أحدهم مني أنا الذي ألم العبوات، فضرب بقدمه عبوة وأرسلها نحوي. وكان يعني: خذ يا تبع التذكارات. نحن بالفعل تبعون تذكارات.

انتهت المعركة. وهدم بيت أم ناصر. 

هذه حارة: كل مين إيدو إلو. حارة: دبّر حالك لحالك. حارة: ما خصني.

أما السلطة الفلسطينية فليس لها علاقة بهذه الأمور. هي تهتم بأشياء أخرى. تهتم بـ (الأمن القومي) الذي تهدده المواقع الإلكترونية. معركتها إلكترونية. أما معركة أم ناصر فمعركة اسمنت وحديد. 

يقولون في لبنان: كلن يعني كلن. 

أما هنا ففي حارة كل مين إيدو إلو، فلا يزبط هذا الشعار. هنا يجب أن يجري التركيز. يجب أن يقال: هوي واحد وبس.

يجب تركيز النيران على واحد وبس.

هذا الواحد هو الذي أوصلنا إلى أن نصبح حارة كل مين إيدو إلو.

العبوات الأربع أمامي على الطاولة. كنت أنوي تصويرها ونشرها مع هذه المادة، لكن لم يكن هناك كاميرا، وليس معي 

 حديث. وفكرت: ربما كان هذا جيدا. عيب على من يلقط العبوات الفارغة أن يفعل هذا. عيب أن نتحول إلى جامعي تذكارات.