الانتخابات .. لماذا الان؟!
تاريخ النشر : 2019-10-22 16:05

في وقت صعب وعصيب تمر به القضية الفلسطينية, دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لانتخابات تشريعية الغرض منها اضفاء الشرعية على وجوده كرئيس للسلطة الفلسطينية, بعد ان فاجأه بعض الزعماء العرب تحديا بأنه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني, وان ولايته منقوصة وليس له سيطرة على المجموع الفلسطيني, لذلك خرج الرئيس امام العالم ومن على منبر الامم المتحدة ليتحدث عن انتخابات عامة سيجريها في الاراضي الفلسطينية, لكنه لم يوضح وقتها ان كانت الانتخابات متزامنة او مرحلية, وما دفع رئيس السلطة لاجراء هذه الانتخابات في هذا الوقت خمسة اسباب وهى:

اولا : انه يبحث عن الشرعية المفقودة ليسوق نفسه امام المجتمع الدولي وامام الزعماء العرب وان هناك تأييداً لسياساته ودعماً شعبياً لخطواته تجاه ما تسمى بعملية السلام.

ثانيا: ان الانتخابات جاءت كبديل عن المصالحة الفلسطينية ومحاولات الفصائل انهاء الانقسام الفلسطيني, وما طرحته مؤخرا بخصوص ورقة التفاهمات التي صاغتها ووقعت عليها ثمانية فصائل فلسطينية.

ثالثا: ان الانتخابات طرحت في هذا الوقت بسبب تعثر كل مسارات التسوية امام السلطة الفلسطينية, وتعنت اسرائيل في التعامل مع ما يسمى باتفاقيات السلام وانسداد الافق السياسي امام السلطة الفلسطينية.

رابعا: ان طرح الانتخابات العامة كان ملغما بفكرة اجراء الانتخابات التشريعية اولا, وكانت السلطة تدرك ان حماس لن توافق على ذلك لكنها طرحت موضوع الانتخابات لإظهار حماس انها تفشل كل الحلول المطروحة, وتحميلها مسؤولية استمرار الاوضاع الصعبة التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني في كل مكان.

خامسا: ان السلطة تسعى لانتخابات شكلية على غرار الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة فقط, ويبدو ان هذا المشهد سيتكرر في الانتخابات التشريعية لفرض سياسة الامر الواقع على الفصائل الفلسطينية والشعب.

يبدو اننا امام معضلة كبيرة عنوانها اجراء الانتخابات وفق رؤية رئيس السلطة محمود عباس, ورغم موقفنا الرافض اصلا لأية انتخابات رئاسية او تشريعية, لآننا لا زلنا في مرحلة تحرر وطني ولم نصل بعد لجني الثمار والمكاسب, وبما ان هذه الانتخابات من افرازات اوسلو المشؤومة, الا اننا نؤكد انهم لو ارادوا انجاح هذه الانتخابات لنجحت, لكنهم زرعوا الغاما داخلها ليفشلوها, فقانون السلطة يتحدث عن انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة, لكنهم لم يلتزموا بالقانون, وقانون السلطة يتحدث عن ضرورة اعتراف أي جهة مشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, لكنهم رفضوا اعادة تشكيلها لتشمل حركتي حماس والجهاد الاسلامي, لذلك هم طروحوا الانتخابات وابقوا على عوامل فشلها في احشائها لكي يتسنى لهم الالتفاف على نتائجها في حال رفضهم لهذه النتائج, انه سيناريو مكتوب ومبرمج لا يخفي على احد, وحتى يكتمل السيناريو فالأمور ستنتهي عند هذا الحد, انتخابات تشريعية في الضفة, أربعون نائباً تشريعياً سيتم تعيينهم من قطاع غزة, لان السلطة تدرك ان حماس لن تسمح بانتخابات في قطاع غزة, ونواب القدس سيتم تعيينهم ايضا لان «اسرائيل» لن تسمح بانتخابات في القدس بعد ان اعلنت سطوتها على القدس المحتلة بشرقيها وغربيها, واعتبرتها عاصمة موحدة لها.

هكذا يريدها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, انتخابات تشريعية تضفى عليه الشرعية, حتى وان كانت شرعية شكلية ومجرد مظهر بروتوكولي فقط, الرجل يبحث عن نفسه فقط بعيدا عن مصلحة الشعب, ويرفض كل نداءات الفصائل الفلسطينية للجلوس والحوار, وكأنه لا يرى أي احد سواه!.