الاحتكار يعمق أزمات غزة .."الكاوتشوك" نموذجاً
تاريخ النشر : 2019-10-19 11:37

غزة - وسام زغبر: ضاق تجار الإطارات "الكاوتشوك" في قطاع غزة ذرعاً من استمرار سياسة الاحتكار دون اتخاذ إجراءات رادعة من الجهات الرسمية.ونظم عدد من التجار وأصحاب شركات الإطارات إضراباً جزئياً (13/10) بدعوة من "اتحاد تجار الإطارات" احتجاجاً على أزمة "الكاوتشوك" المتفاقمة واحتكار استيراده وبيعه داخل قطاع غزة، مما ضاعف أسعاره وألحق الضرر بالتجار والسائقين على حد سواء وعدد كبير من العمال في تلك الشركات.

وطالب المحتجون بالسماح بإدخال الإطارات سواء الإسرائيلية أو الأجنبية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة، إلى جانب فتح الاستيراد أمام كافة شركات الإطارات الموجودة في القطاع دون احتكار من أية شركة كانت.

وشاركت كبرى شركات الإطارات في قطاع غزة في الإضراب التجاري رفضاً لسياسة الاحتكار.

من جهته، قال التاجر أبو فهمي مناع صاحب شركة مناع للبناشر والإطارات: "الكاوتشوك المصري لا يتناسب مع حاجيات السوق في قطاع غزة ولا معايير الجودة"، موضحاً أنه في بداية الأمر، كان ما يقارب من 5-6 تجار يستوردون "الكاوتشوك" مما خلق حالة من المنافسة بين التجار وجودة للمنتج إلى جانب انخفاض أسعارها بما يلبي حاجيات السائقين.

وأضاف مستدركاً: "اليوم أصبح صاحب شركة عبد العال يتحكم بأسعار الكواتشوك دون النظر لجودتها".

شكاوى.. لا ضمانات

وحمّل مناع، وزارة الاقتصاد التابعة لسلطة حماس بغزة، المسؤولية عن احتكار التاجر أبو عبيدة عبد العال "الكاوتشوك" في غزة، داعياً إياها للتدخل لدى الجانب المصري لاعتماد سياسة السوق المفتوح أمام التجار لخلق منافسة حقيقية وتلبية حاجيات المواطنين ودعم صمودهم.

وطالب حكومة السلطة الفلسطينية بالضغط على إسرائيل للسماح بإدخال "الكاوتشوك" المحتجز في الموانئ الإسرائيلية منذ عدة أشهر.

وأضاف مناع: "تلقينا العديد من الشكاوى من السائقين على الكاوتشوك المصري الذي يدخل لقطاع غزة دون ضمانات مقارنة بنظيره الإسرائيلي والأجنبي الذي يتميز بمعايير الجودة وضمانة تصل لعام".

ونوه إلى أن سعر عجلة "الكاوتشوك" الأجنبي أو الإسرائيلي من الحجم الكبير كانت تصل لنحو 270 دولاراً في حين يصل سعر "الكاوتشوك" المصري لنحو 500 دولار، فيما كان "الكاوتشوك" الإسرائيلي أو الأجنبي الصغير لا يتعدى 40 دولاراً فيما نظيره المصري يصل لـ90 دولاراً.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوقفت إدخال الإطارات لقطاع غزة بذريعة إشعالها من قبل المتظاهرين في مسيرات العودة وكسر الحصار شرقي قطاع غزة التي انطلقت في آذار (مارس) 2018.

وقال التاجر محمد أبو علبة صاحب شركة أبو علبة للإطارات، إن "المواطنين ضاقوا ذرعاً بالواقع الاحتكاري في القطاع، فيما دخل الشركة في تراجع، والخسارة هي سيدة الموقف مما دفعنا لتسريح عدد كبير من عمالنا وموظفينا بفعل هذه الأزمة".

فيما أوضح مدير شركة دغمش التجارية طرزان دغمش في تصريح صحفي، أن السبب الرئيسي للإضراب وإغلاق شركات الإطارات هو منع إدخال "الكاوتشوك" عبر معبر كرم أبو سالم منذ العام الماضي، متهماً شركة عبد العال للإطارات التي تستورد "الكاوتشوك" من الجانب المصري بالاستغلال والاحتكار، دون تدخل من وزارة النقل والمواصلات أو وزارة الاقتصاد لحماية المستهلك.

جودة متدنية

وردت شركة عبد العال على اتهامها بالاحتكار بالقول، "نحن لسنا جهة حكومية حتى نضع الأسعار، وشركة أبناء سيناء المصرية هي من تقرر لمن تبيع منتجاتها، وهذا ليس احتكاراً بالمطلق".

وأكد المتحدث باسم جمعية النقل الخاص جهاد إسليم، في تصريحات صحفية، على أن إدخال "الكاوتشوك" من الجانب المصري لا يفي بالغرض ولا يلبي حاجيات المواطنين، فيما جودته ضعيفة مما يهدد حياة المواطنين نظراً لانفجار بعض الإطارات أثناء سير المركبات، إضافة لارتفاع سعره مقارنة بنظيره الأجنبي والإسرائيلي.

وقال ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة: "مع بداية أزمة الكاوتشوك، عقدنا اجتماعاً مع مستوردي الإطارات، وخاطبنا اتحاد الغرف التجارية في رام الله لمخاطبة وزارة الشؤون المدنية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي حتى تسمح بإدخال كميات الكاوتشوك المحتجزة في الموانئ الإسرائيلية".

وأضاف الطباع: "خاطبنا وزارة الاقتصاد الوطني في غزة المشرفة على أمور الاستيراد ورفضنا سياسة الاحتكار، ودعونا للسماح للعديد من الشركات والتجار لإدخال الكاوتشوك المصري". موضحاً أنه رغم ذلك لم نتلق أية ردود على ذلك".

وقالت وزارة الاقتصاد الوطني التابعة لسلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، إنها "ترفض احتكار أية سلعة، بما في ذلك إطارات السيارات". مضيفة أنها "ترفض إغلاق الشركات أبوابها وتسريح عمالها".

ضغط نقابي ومطلبي

وعزا المتحدث الرسمي باسم وزارة الاقتصاد عبد الفتاح أبو موسى، غلاء "الكاوتشوك" المصري هو منع إدخاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي. موضحاً أن وزارته لا تستطيع ضبط الأسعار كون ذلك خارج عن إرادتها، واقتصار إدخاله للقطاع على تاجر واحد.

وأضاف أبو موسى: "نحن مع أية جهة سواء رسمية أو غير رسمية تريد إدخال الكاوتشوك". مبيناً أن وزارة النقل والمواصلات تجري مراقبة لجودة المنتج، وفي حال عدم مطابقته للمواصفات يجري مصادرته.

فيما حمل المحلل الاقتصادي مازن العجلة، سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة مسؤولية الاحتكار في السوق الغزي لحصرها الاستيراد على تاجر بعينه، ما أدى لارتفاع الأسعار بنسب عالية أضرت بالتاجر والمستهلك على السواء.

ودعا العجلة لضغط نقابي ومطلبي على وزارة الاقتصاد لفتح السوق أمام الاستيراد المفتوح لوقف سياسة الاحتكار، مطالباً حكومة السلطة الفلسطينية بالضغط على الاحتلال للسماح للبضائع المحتجزة في الموانئ الإسرائيلية بالدخول للقطاع.واتهم العجلة سلطة الأمر الواقع بعدم إيلاء اهتمامها بجودة المنتج من عدمه، حيث أنها لا تملك أية سياسة اقتصادية أو رؤية تنموية في غزة لدعم صمود المواطن.

فيما رأى سمير أبو مدلله عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الأزهر بغزة، أن ثمة تغيرات في السوق الفلسطيني على مدار سنوات، حيث أن رجال أعمال جدد أصبحوا يحتكرون سلع محددة ما أثر على باقي التجار في السوق.

وأشار أبو مدلله إلى أن قطاع غزة يمر بحالة استثنائية، عنوانها الحصار الإسرائيلي الظالم لأكثر من 13 عاماً، والانقسام الفلسطيني- الفلسطيني، والإجراءات العقابية من السلطة الفلسطينية، ما أدى لارتفاع نسب الفقر والبطالة لمستويات فلكية إضافة لتراجع حاد في القطاع الخاص الفلسطيني. ولم يستبعد أبو مدلله وجود شراكة بين التجار المحتكرين وصناع القرار في غزة.

تعزيز صمود المواطن

واتهم سلطة حماس في غزة بالسماح لتاجر واحد باستيراد "الكاوتشوك" من مصر بعد منع إسرائيل إدخال الكاوتشوك الجديد أو المستخدم للقطاع، وبالتالي تأثرت شركات "الكاوتشوك" في غزة ما دفعها لإضراب تجاري وإغلاق محالهم لعدم قدرتهم على تحمل الأوضاع. معتبراً أن احتكار سلعة محددة له تأثيرات سلبية على التجار أولاً، والمواطنين ثانياً عبر التحكم بأسعار السوق في ظل تردي الأوضاع المعيشية والحياتية في غزة.

وقال أبو مدلله: "لا يوجد رقابة دائمة على كل السلع، حيث كان الاستيراد مفتوحاً أمام سلعة الكاوتشوك سواء المصري أو الصيني أو الإسرائيلي، ما جعل الأسعار متقاربة دون فروقات كبيرة على الأسعار"، متسائلاً: "هل سعر بيع «الكاوتشوك» متناسباً مع جودته أم لا".

ودعا لتعزيز صمود المواطنين في وجه الاحتلال والحصار الإسرائيلي في ظل حالة التراجع والركود الاقتصادي وارتفاع نسب الفقر والبطالة. متوقعاً حدوث منافسة قريباً بين "الكاوتشوك" الإسرائيلي والأجنبي والمصري لصالح المواطن.

ويبقى الباب مفتوحاً أمام إجراءات تصعيدية ما لم تستجد أية حلول تلبي حاجات سائقي غزة وتجارها وتغلق ملف أزمة «الكاوتشوك» بلا رجعة.