ثمن الحرب على غزة!
تاريخ النشر : 2014-07-12 16:03

لا مجال للمقارنة بين قوة إسرائيل العسكرية والتي تفوق قوة الدول العربية ، وقوة المقاومة الفلسطينية التي تعتمد على قدراتها الذاتية في تطوير أسلحتها المقاومة ، ولا مجال للمقارنة بين صواريخ إسرائيل المتطورة ، وبين صواريخ المقاومة العادية ، ولكن لا مجال للمقارنة أيضا بين قدرة الشعب الفلسطينى على التضحية والصمود، وبين الإسرائيليين الحريصون علي الحياة والخوف من قدرات المقاومة وعدم القدرة على تحمل حياة الملاجئ التي تحمل إسرائيل أعباءا لاتحتملها لو إستمرت الحرب. الفلسطينيون خسروا كل شئ إلا التمسك برفض سياسات ذل الإحتلال والحصار. لقد آن ألآوان أن يستمع العالم ومعه الولايات المتحدة إلى معاناة الشعب الفلسطينى ، ورفع الحصار عنه، وفتح المعابر التي تربطه بالعالم ، وتركه يمارس حياته كأى مواطن عادى في أى دولة وشعب ، وبالرغم من تشكيل حكومة التوافق إستمر الحصار ، ومنع الأموال من الوصول إلى غزة لدفع رواتب موظفيها ، والتحكم فيمن يدخل وفيمن يخرج. هنا برز مفهوم جديد للمقاومة الفلسطينية ، وهذا الدور الجديد ينحصر في رفع الحصار وفتح المعابر من خلال خلق واقع سياسى جديد، تتغير معه معادلة القوة التي تحكم غزة بإسرائيل، صحيح أن إسرائيل تتحكم في منافذ غزة البرية والبحرية والجوية ، وتمارس سياسة الحصار ورغم إتفاق التهدئة الذي وقع في اعقاب حرب 2012، والتي لم تلتزم بها إسرائيل. إذن المشكلة لا تكمن فيمن بدأ الحرب، ولكن في عدالة الموقف الفلسطينيى ، والعدالة الإنسانية في رفع الحصار وفتح المعابر الذي تخاذل العالم في العمل على رفعهما، والأكثر غرابة كيف يطلب من الشعب الفلسطينى الإلتزام بالسلام، والمفاوضات ونبذ العنف ، وإسرائيل تمارس هذا الحصا ر، أليس ذلك شكل من أشكال العدوان ،الذي واجب على المقاومة التصدى له ، ووقفه. هذه الحرب لن تكون مثل سابقتيها ، ولن تنتهى بمجرد توقيع إتفاق تهدئة ،لأن التهدئة لم تعد هدفا في حد ذاتها ، بل ستخلق واقعا سياسيا جديدا على كافة المستويات ، هى بداية التاسيس لمرحلة جديدة ، تتغير فيها معادلة العلاقة مع غزة ليس في إطار منفصل ولكن في إطار الكل الفلسطينى . وبناءا عليه ستفرض هذه الحرب إتفاقا جديدا أقرب إلى الإتفاقات المكتوبة وبضمانات إقليمية ودولية ، حتى لا يعود سيناريو الحرب من جديد، وهذا الإتفاق لن يكون إتفاقا أحاديا أو مختزلا بالحالة الفلسطينية في غزة فقط، وإلا ستكون نتائجه سلبية ، ينبغى أن يرتبط أولا بالحالة الفلسطينية كلها علي مستوى كل الأرض الفلسطينية في الضفة وغزة ، وحتى في إعادة التعامل مع المواطن الفلسطينى الذي يعانى من الإحتلال. وهذا يتطلب من المقاومة أن تدرك ذلك ، وأن لا تذهب بعيدا في هذا الإتفاق بعيدا عن الإطار الكلى للسلطة ، وإلا ستكون أبرز نتائجها السياسية السلبية تعميق حالة الإنقسام والإنفصا ل، وهذا ما ينبغى تفادية. وستنكعس هذه الحرب أيضا على دور حركة حماس والمقاومة عموما بان تعيد الحركة إعادة تقييم دورها في إطار الكل الفلسطينيى ، وأن دورها لاياتى على حساب دور أى قوة أخرى بل مكمل لها ، وأيضا عادة تقييم علاقاتها الإقليمية والدولية ، وخصوصا مصر التي لها دورا مباشرا في تحديد مستقبل غزة . ولعل ما قد أحذر منه من الثمن السياسى للحرب على المستوى الفلسطينى ، في تحديد مستقبل حكومة التوافق الوطنى ، لأن اصواتا كثيرة بدأت تخرج حتى قبل إنتهاء الحرب لتعلن عن نهاية هذه الحكومة ، هذه السياسة ستعيدنا للمربع ألأول ، وستكون لها نتائج خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية ، ومن النتائج الهامة التي لا بد من لفت الإنتباه لها وإحتوئها الحديث عن أن منظمة التحرير الفلسطينى لم تعد هى الممثل والشرعى للشعب الفلسطينى بل الصاروخ الذي يطلق من غزة . وأشير ايضا إلى النتائج او الثمن السياسى الذي قد يقع على مسقبل السلطة الفلسطينية ، الذي قد يرى البعض انها لم تعد قائمة وبالتالى لا بد من البحث عن بديل لها ، والبديل لها هو المقاومة ، بما قد يعنية من دلالات سياسية خطيرة . ولعل من التداعيات السياسية الهامة والتي ينبغى تناولها بشئ من الوضوح والصراحة والشجاعة أيضا مفهوم المقاومة ، وأى مقاومة مطلوبة ، المقاومة العسكرية أم المقاومة الشعبية ، تحديد المفاضلة بين خيارات المقاومة وليس فقط المفاضلة بين خيارات المقاومة والمفاوضات. ومن التداعيات السلبية التي أفرزتها هذه الحرب وبشكل قوى ويضر بالمصلحة الفلسطينية العليا ترسيخ الثقافة الفصائلية ، وكأن المقاومة رهينة فصيل واحد، المقاومة كل لا يتجزأ ، كما أن الشعب الفلسطينى كل لا يتجزأ، كما أن ألأرض الفلسطينية واحدة لا تتجزأ.فالذى يدفع الثمن في النهاية هو الشعب الفلسطينى كله، والمقاومة تستمد شرعيتها من الشعب نفسه. هذه بعض التداعيات السياسية أو النتائج السياسية التي قد تسلبنا حجم التضحية التي قدمها الشعب الفلسطينى في هذه الحرب، وهى النتائج التي قد تفقد هذه الحرب من أهدافها الفلسطينية ألأساسية برفع الحصار وفتح المعابر ، وهى قضايا لا يمكن أن تحل إلا من خلال الكل الفلسطينى وإذا لم تتوافق نتائج الحرب أو أىإتفاق مع الهداف السياسية العليا تكون الحرب قد فشلت ، لأن الحرب في النهاية هى إمتداد للسياسية ، وأتمنى انن تكون أول اهدافهاى تفعيل المصالحة الفلسطينية بكل مستوياتها . وللحرب ثمن علي مستوى إسرائيل وهو ما سنتناوله في مقالة أخرى.