لا للإنتقائية في المسألة السورية
تاريخ النشر : 2019-10-16 17:50

في مسألة الصراع الدائر على الجبهة الشمالية الشرقية من سوريا، التي دشنها النظام التركي قبل اسبوع من الآن بذريعتين واهيتين، لا تمتان للحقيقة بصلة، وتتناقض مع الشرائع والقوانين والمعاهدات الدولية، بما في ذلك إتفاقية أضنة لعام 1998 الموقعة بين النظامين السوري والتركي، والتي تسمح للجيش التركي لمزيد من الإطمئنان بالدخول لمسافة 5 كم فقط، وليس 35 كيلو.

دون الدخول في تفاصيل العدوان، سادخل لمسألة الموقف منه، اولا رفض العدوان التركي واجب كل عربي، وكل إنسان محب للسلام؛ ثانيا الموقف تجاه العدوان لا يناقش من زاوية الموقف من النظام السوري، ولا من زاوية إن كنت مع ابناء الشعب الكردي أو غير ذلك؛ ثالثا كما لا يتعلق بأية أخطاء إرتكبها منتسبو "قسد" الكردية، أو اي مشاريع طرحوها في المنطقة محل العدوان؛ رابعا الموقف هو من مبدأ الإعتداء العسكري ضد الأرض العربية السورية، وهي أرض عربية واجب كل عربي الدفاع عنها، حتى لو لم تكن هذة الأرض سورية، وانما في اية دولة عربية يفترض على العربي وقبل كل البشر ان يأخذ موقفا رافضا من العدوان؛ خامسا رفض العدوان التركي بالمقابل لا يعني معاداة الشعب التركي، انما يعني موقف من العدوان ذاته، واخطاره على العلاقات المشتركة بين الشعوب العربية والشعب التركي؛ سادسا خلط الأوراق في الموقف من العدوان لا يخدم النضال القومي العربي، ويسيء له؛ سابعا التردد والتأتأة من العدوان لا تخدم اصحابها، بل تضر بمصالحهم السياسية والديبلوماسية والقانونية والقومية؛ ثامنا لمواجهة الإرهاب، كل اشكال الإرهاب في المنطقة تملي الضرورة إتخاذ موقف واضح وصريح من العدوان العسكري التركي.

لإن الصمت عليه، يعني الصمت على اشكال اخرى أعمق واشرس من اشكال الإرهاب المنتشرة في الوطن العربي؛ تاسعا خطر العدوان التركي، انه جاء في الوقت، الذي تم فيه أمميا الموافقة على الشروع بتشكيل اللجنة الدستورية لتشرع بعملها من إجل إصلاح النظام السوري، وكأن العدوان يستهدف ضرب اي تحرك إيجابي لإصلاح النظام السوري، مع ان النظام التركي كان ومازال احد الأطراف الأساسية المعنية بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية؛ عاشرا مواجهة التحدي الكردي، الذي تعتبره تركيا خطرا عليها يعالج في إطار العلاقة بين مكونات القوى الفاعلة في المشهد السوري، وليس عبر العدوان العسكري، وإرتكاب جرائم ضد المدنيين العزل؛ حادي عشر جاء العدوان التركي الأخير ليطلق يد العديد من الجماعات التكفيرية وخاصة الجيش السوري الحر ومن هم على شاكلته، ويعتبروا ذراع جماعة الإخوان امسلمين في المنطقة، وبهدف وضع مسمار جحا في الملعب السياسي، والحصول على جزء من الكعكة السورية ... إلخ

إذا إدانة وإستنكار العدوان التركي على شمال شرق سوريا يعتبر موقفا وطنيا وقوميا وأمميا يستند إلى المعاهدات والإتفاقات والقوانين الدولية. ويهدف إلى رفض الإنتقاص من السيادة السورية على ارض سوريا، والتأكيد على ان ارض سوريا وفق الحدود الدولية المعترف بها، هي أرض عربية خالصة، تملي الضرورة الدفاع عنها، والتصدي لمن يعتدي عليها. وهذا لا صلة له من قريب او بعيد بطبيعة النظام السوري والموقف منه. فإن كانت هذة القوة أو تلك الجماعة، أو ذاك الشخص له موقف من نظام الأسد الإبن، هو حر، وله الحق في التعبير عن موقفه كما يشاء. ولكن لا يجوز خلط الحابل بالنابل، وتعمد تشويه الواقع، لإن لهذة القوة أو ذلك الحزب، او تلك الشخصية لها موقف من النظام السوري، وبالتالي الموقف سيكون مع العدوان التركي؟؟؟!! هذا موقف عدمي وصبياني، ولا يمت للواقع بصلة، ويصب بالمحصلة النهائية ضد المصالح القومية العربية.

كما لا يجوز تحت أي إعتبار، إفتراض رفض العدوان التركي، ان صاحب الموقف أي كانت صفته وموقعه ومكانته الإعتبارية سيكون بالضرورة ضد الشعب التركي. لا احد يريد معاداة تركيا، ولا احد يطمع بالإساءة للعلاقات العربية التركية، ولا يوجد من لديه مصلحة في خسارة تركيا كدولة إقليمية في المنطقة، بل الجميع حريص على كسب تركيا، وتعزيز العلاقة معها، ولكن وفق المصالح المشتركة، ودون التدخل في الشؤون العربية، ودون التطاول والإفتراض انها وصية على الأمة العربية، أو حتى على الأخوة الأكراد في الدول العربية. ليس لها شأن بذلك، هي مسألة داخلية لهذا النظام أو ذاك يحلها وفق مشيئته ومصالحه، ووفق القوانين والأعراف المحلية والدولية. وبالتالي طالما تركيا لا تعتدي على الأراضي العربية، وتحرص على العلاقات المشتركة، لن يعاديها احد، والعكس صحيح.