نحو علاقة متكافئة وندية
تاريخ النشر : 2019-10-16 11:14

كما لا نعادي إيران، لا نعادي تركيا، ومثلما العراق بلد عربي إيران بلد إسلامي، ومثلما سوريا عربية فتركيا إسلامية، ومثلما نختلف مع كل أو بعض السياسات العراقية نختلف مع السياسة الإيرانية، ونختلف مع كل أو بعض السياسات التركية فربما أكثر أو أقل مع سوريا.
لسنا مع هذا النظام العربي أو ذاك، أو مع سياسات نظام هذا البلد الإسلامي أو ذاك، ولكننا نتحدث عن أولويات ومواقع ومصالح وضرورة احترام هذه المصالح، لعلها تقوم على القواسم المشتركة والمنافع المتبادلة بدلاً من هذا التمزق والتناحر والمد والجزر في المعاملات وحُسن الجوار، التي سببت الحروب البينية العربية في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومن قبلهم الصومال ولم تسلم الجزائر ومصر والسودان.
نبحث عن الاستقرار ولقمة العيش والكرامة لشعبنا ولكل الشعوب العربية والإسلامية بل لكافة شعوب العالم على أساس الندية والتكافؤ، ونرفض الإملاءات والاضطهاد والاستعلاء والاستعمار من أي كان لأي كان.
نحن كعرب علينا أن نحترم أولاً: القوميات التي تعيش معنا وتشاركنا المواطنة سواء كانوا كردا أو أمازيغ أو أفارقة أو شركس أو شيشان أو أرمن أو أي قومية أخرى مهما بدت صغيرة العدد أو متواضعة الحضور، حتى يحترموا قوميتنا، ونحن كمسلمين علينا أن نحترم مسيحيتهم ويهوديتهم حتى يحترموا إسلامنا، ونحن كسنة نحترم الشيعة حتى يحترموا خياراتنا، ولهذا نرفض الظلم والاستعمار والتعدي من أي طرف يتطاول على بلادنا وحقوقنا وكرامتنا، سواء كان شقيقا أو صديقا أو جارا.
وثانياً علينا أن نبحث عن أفضل السبل والعلاقات والقواسم المشتركة مع الشعوب والقوميات المحيطة بعالمنا العربي وفي طليعتها تركيا وإيران وأثيوبيا، ولهذا نقف ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي لأنه عدواني قام على الظلم واحتلال أرض الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ولايزال، ويتطاول على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، مثلما نرفض السياسة الإيرانية التي تحتل جزر الإمارات العربية الثلاثة، ونرفض تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، مثلما نرفض السياسة التركية في تعاملها مع سوريا الوطن والشعب والسيادة والقضية.
الولايات المتحدة وروسيا أحبطتا قراراً عربياً لدى مجلس الأمن لشجب الاجتياح التركي ووقف اندفاع قواتها والانسحاب من الأراضي السورية، مما يوحي على أن الخطوة التركية تمت بتنسيق أميركي روسي وعبر التفاهم معهما، ولكن العقوبات التي فرضها ويعمل على فرضها الرئيس الأميركي ترامب تشهد حالة من الارتباك وعدم الفهم للموقف الأميركي.
وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أجاب على سؤال لماذا شنت تركيا عمليتها في سوريا؟؟ .
يقول الوزير التركي بوضوح بالغ أن هدف الحملة التركية بشن العملية: « لضمان أمنها القومي، تحرير المناطق السورية من التنظيمات الكردية الثلاثة: حزب الاتحاد الديمقراطي P.Y.D، ووحدات حماية الشعب Y.P.G، وحزب العمال الكرديP.K.K ، وإزالة قواتهم من طول الحدود، والعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين».
وهذا تأكيد أن الدول تبحث عن مصالحها وتعمل على حمايتها، بينما نحن في العالم العربي نغرق بالثانويات الضيقة الأحادية ولا تسعى أطراف معظم النظام العربي لتوطيد جبهاتهم الداخلية بالإقرار بالتعددية والديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع حتى لا نسمح للبلدان المحيطة والبعيدة التدخل في شؤون العرب الداخلية، فهي تتسرب بسبب غياب العدالة والمساواة والتمرد الداخلي الذي يمزق النسيج القومي الذي يسمح لهم بالتدخل .