سوريا بين عمق وتقاطع المصالح الدولية وآفاق الحل السياسي..!!
تاريخ النشر : 2019-10-13 18:23

حالة من خلط الأوراق باتت تعتري المنطقة، وأحد ساحاتها منذ سنوات، كانت الساحة السورية، ولازالت مسرحاً للمؤامرات الدولية، وتراكُم الإرث الجغرافي والعبث البريطاني والفرنسي في المنطقة، ما أدخل نطاقات جغرافية لحدود دولة بأخرى، نتج عنه اختلاط ثقافات، وأعراق، وسياسات جديدة، ومع تطوُّر الأوضاع ومآلاتها، وتشكُّل حالة من التَّحرُّر ونتاج دول جديدة، وانحسار الدُّب الرُّوسي القطبي، وظهور الكاوبوي الأمريكي وسيطرته على العالم، وولادة التحالف الصهيوأمريكي مضافاً إليه العربي، نتجت حالة من تقاطعات المصالح لهذه الدول، ما نتج عنه استخدام ميليشيات مسلَّحة، وفِرٌَق ونِحَل تحت مسمَّيات مختلفة، وجميعها تخدم أجندات استعمارية بوجه جديد وعلى رأسها أمريكا، وما يحقِّق استقرار وأمن ومصالح الكيان الصهيوني في المنطقة.

تحالفات جديدة ظهرت لتغيِّر الوجه السياسي للمنطقة مرة أخرى، نتاج التحالفات السابقة، ونشوء أزمات الربيع العربي، ما استدعى تدخُّل دول المصالح من جديد في سوريا والعراق كمحور سياسي مهم ويحيط جغرافياً بالكيان الصهيوني، ويؤثِّر بقوة في معادلة الأمن الإقليمي، فكان لا بد من تدخُّل روسيا وإيران، ومن تواجد يحمي مصالحها هناك، وتبع ذلك حراك أمريكي مماثل لحماية مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة، وتبدُّل كبير حدث على مكوِّنات التحالفات السابقة، تحكمها المصالح..

الانفجار الداخلي في سوريا وضع دمشق وأنقرة في وضع معادي، إذ قادت تركيا ومن خلفها أمريكا المعسكر المناهض للأسد، فيما التزمت إيران وروسيا بدعمه..

ونظراً للحالة الجديدة وما آلت إليه، تم السماح أمريكياً وروسياً لتركيا بالدخول عسكرياً في العُمق السوري لحفظ أمنها ومصالحها، واستخدام اتفاقية أضنة “كمسمار جحا” والتي يعوِّل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتبرير القيام بهذه العملية العسكرية، ضد ما يسمَّي “وحدات حماية الشعب” الكردية التي تقول تركيا إنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، والذي تعتبره منظمة “إرهابية” بأنها استندت “لاتفاقية أضنة” الموقعة عام 1998 بين الرئيس السوري حافظ الأسد والنظام التركي..

المبرِّرات التركية لإقامة نطاق جغرافي آمن في العمق السوري، لحماية أمنها ومصالحها وفق “اتفاقية أضنة” مؤشِّر قوي وخطير على تقسيم الجغرافيا السورية ويخدم مصالح التحالفات الجديدة، واستخدمت فيه تركيا كرأس حربة، ما يُنبيْ بحالة من عدم الاستقرار، وإنتاج احتلال جديد بوجه جديد للأرض السورية، واقتسام الكعكة بين الأخلاف من جديد.

فهل تريد إيران وروسيا من ذلك إعادة إحياء الاتفاقية بهدف استخدامها بديلاً للاتفاقية الأمنية العازلة بما يخدم مصالحها، وأنَّ قبول أمريكا وإسرائيل جاء على خلفية التوافُق شريطة المحافظة على المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة؟؟ أم أنَّ التدخُّل التركي في العمق السوري كان بهدف استدعاء وإعادة إحياء “اتفاقية أضنة”، لتمهيد الطريق أمام أردوغان، لاستئناف التعاون مع النظام السوري الذي عارضه بشدة، وأيضاً بما يخدم المصالح المُستحدثة في المنطقة؟؟.

الأزمة السورية مستمرَّة، باستمرار مصالح الحلفاء، ونزيف الجُرح السوري مستمر، والجرح غائر وعميق، وعليه، فالحل الأمثل للأزمة السورية بيد السوريين وحدهم، ومن خلال حوار سوري سوري، يتَّفق عليه كافة السوريين، يعمل على نزع فتيل الأزمة المشتعلة، ويبدأ المجتمع من تنظيم نفسه على كافة المستويات عبر المؤسسات، بما يكفل للشعب السوري الاستقرار، وحق تقرير المصير.