حبات عرق بقطرات زيت ودم
تاريخ النشر : 2019-10-07 09:35

حبات عرق كقطر الندى تتساقط من على وجنات مزارعي الضفة الغربية، وقطرات دم تنزف، وزيت زيتون يسيل، مخترقا متحديا الاحتلال والمستوطنين، مع كل موسم زيتون كونه عرس فلسطين خالص.

هذه الحكاية حكاية تتكرر في الضفة الغربية كل موسم زيتون، جراء اعتداءات المستوطنين؛ كونه المستهدف بالاقتلاع، كشجرة زيتونه الصامدة التي يرويها بدمه وعرقه، وسط معاناة وآلام تتجدد كل يوم.

من يظن ان موسم الزيتون لا يغيظ الاحتلال والمستوطنين فهو مخطئ، ولنتذكر حادثة "غولدا مئير" رئيسة الوزراء السابقة لـ(دولة  الاحتلال)، التي مرت يومًا بالجليل، فعلقت مستاءة لكثرة القرى العربية وقلة المستوطنين، ولاحقًا شنت هجومًا استيطانيًّا في أواخر الستينيات والسبعينيات بحملة تهويد الجليل بزيتونه واشجاره وحقوله.

موسم الزيتون يشكل عرسًا فلسطينيًّا خالصًا يجب تخريبه وتدميره بحسب المستوطنين، وتنغيص حياة المزارعين، وجعلها جحيمًا لا يطاق.

أي قرار لدعم موسم الزيتون والمزارعين مهما كان بسيطا يقدم ويبنى عليه، لكن بالمقابل اي قرار يضعف المزارعين ولا يدعهم يجب التراجع عنه، كما هو قرار استيراد ثمار الزيتون، الذي لا مبرر ولا حاجة له وشكل صدمة لموسم الزيتون.

ولقوة تأثير موسم الزيتون وفي محاولة لتزييفه وقلب الحقائق فان أكثر ما يغيظ المستوطنين من على قمم جبال وتلال الضفة الغربية هو رؤيتهم للمزارعين الفلسطينيين وهم يقطفون ثمار زيتونهم في لوحة فنية رائعة، وتراثية جميلة، في الوقت الذي تفتقد فيه مستوطناتهم عمق وعبق التاريخ، ليقوموا بقلع اشجا رزيتون ضخمة واعادة زرعها امام بوابات مستوطناتهم او داخلها، ظنا منهم ان هذه السرقة تريح ضمائرهم الميتة، ويضحكوا بها على العالم.

هكذا اذن المعادلة، المستوطنون بعد مشاهدتهم لفرحة قطف الزيتون يصبون جام غضبهم وحقدهم في كل زاوية من زوايا الضفة الغربية والقدس، ويخترعون كل يوم أسلوبًا جديدًا لإفساد حياة وصمود الفلسطينيين وفرحتهم بموسم الزيتون الجميل.

من خلال تتبع ودراسة الدارس أدبيات الحركة الصهيونية ومؤسسيها الاوائل، يرى أن موضوع العزل والجدار والاستيطان هو من صميم الثقافة الصهيونية، وهذا يفسر فشل المفاوضات طيلة خمسة وعشرون عامًا، وعدم نجاحها في وقف الاستيطان، ولن تنجح حتى لو عادت المفاوضات عشرين سنة أخرى.

فضح الاستيطان دوليًّا جيد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن علاقات الدول لا تتخذ بناء على العواطف والحقوق، بل على المصالح والقوة، وبالتالي يجب ألا يكون طرق الباب الدولي واستعطافه، هو الوحيد والرئيس، كما هو حاصل الآن.

موسم الزيتون هو ورقة قوة تري العالم من هم اصحاب الارض الحقيقيين من المزيفيين المخادعين،  لذا يقتضي الأمر  مراكمة امتلاك أوراق قوة مثل المصالحة والاتفاق على برنامج موحد ضد الاحتلال.

موسم الزيتون وبحبات العرق وقطرات الدم والزيت، وان جبلت معا فهذا مصدر قوة، يجعل الاحتلال يدفع فاتورة لاحتلاله واستيطانه، وجعلها مكلفة جدًّا، فالمقاومة ليست بالسلاح فقط، بل هي احيانا وفي مرحلة معينة بالحفاظ على شجرة الزيتون، والتشبث بالارض مهما غلت التضحيات.