قبول "أموال المقاصة"...صحوة سياسية ام خدمة انتخابية!
تاريخ النشر : 2019-10-05 08:54

كتب حسن عصفور/ التراجع عن الخطأ فضيلة، فما بالك عن خطيئة تجاوزت كل أشكال المنطق، يوم أن قرر محمود عباس رئيس سلطة الحكم المحدود، في خطوة استعراضية، رفض استلام أموال المقاصة منقوصة من رواتب الأسرى والشهداء، تراجع قد يكون "محمودا" للموظفين، لأن القرار شكل "عقابا للشعب الفلسطيني" وليس لدولة الكيان.

ولكن، توقيت التراجع، وشكله يستحق الاهتمام، فقبل ايام وخلال خطابه أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2019، أعلن عباس انه لن يستلم تلك الأموال منقوصة دولارا واحدا، وزاد "بطولة سياسية" أمام المجتمع الدولي، بأن نجوع ولا نستلم رواتب الشهداء والأسرى، رغم علم المستمعين، بأن الجوع من نصيب غالبية أهل فلسطين وليس جميعهم، حيث فئة تعيش بـ"جدر الثراء" غير معلوم المصدر.

السؤال الأساسي، هو لماذا هذا التراجع "غير المنظم"، والذي جاء بلا أي توضيح على الاطلاق، كأنه شرط إسرائيلي، بأن تستلم المال دون أن تبرر لما وكيف وما حدث، كي يتم ذلك.

قياسا بتطورات المشهد العام، يبرز ان المتغير الأبرز الذي قد يكون حاسما في التراجع "غير المنظم" لرئيس السلطة عباس وفريقه السياسي، هو دعوته لإجراء انتخابات برلمانية (منقوصة الرئاسية)، ما سيفرض عليه وفصيله مراجعة لحسابات العلاقة بينهم والمواطن الفلسطيني.

كيف لهم أن يحققوا نتائج مميزة في ظل حركة تجويع أصابت موظفي السلطة، ومطاردة بنكية نتاج قرار "لم يترك اثرا على دولة الكيان"، ولذا أي انتخابات في ظل هذا الواقع ستكون نتائجها كارثية، حتى في غياب حركة حماس وتحالفها، خاصة الأقرب لها الجهاد، فإما سيكون عزوفا شاملا عن المشاركة، ما يمثل رسالة سياسية بأن السلطة وفصيلها المركزي فتح (م7) في عزلة شعبية، يترجم فشلا وخسارة، أو أن يتم التصويت لأي طرف ليس من تحالف السلطة وفتح، وهو أيضا فضيحة كبرى.

بالتأكيد، لا يمكن اعتبار تراجع فتح وسلطتها عن قرار استلام أموال المقاصة، صحوة سياسية وطنية، وتراجع عن خطيئة، بعد أن كشف الشيخ، ان اللجان الاقتصادية المشتركة ستعود للعمل بين الطرفين، وهو بذلك يعلن "رسميا" وقف قرار "وقف التعامل مع إسرائيل"، وتخلي كلي عن مجمل القرارات التي تم الموافقة عليها في الأطر الرسمية والحكومة ومركزية فتح.

قرار التراجع عن استلام "أموال المقاصة" منقوصة دولارا، هو مؤشر على عودة "الشراكة" بين سلطة رام الله ودولة الكيان ترتيبا للانتخابات التي يريدها عباس لغاية في نفس أمريكا وتل ابيب، تعزيزا للانقسامية السياسية، تمهيدا لتنفيذ متبقيات "صفقة ترامب".

عباس يدرك تماما، ان لا انتخابات دون موافقة إسرائيل، الأمن والساسة، ولذا فلو أصر على تلك المسألة عليه ان يدفع الثمن – المقابل، ليس فقط باستلام المال وفقا للشروط الإسرائيلية، بل العودة لحركة التعاون الشامل بين الطرفين، وليس فقط التنسيق الأمني، كرسالة سياسية للعالم، ان تل أبيب لا تحاصر السلطة، ولا تبحث عن انهيارها كما يكذب بعضهم بكل اللغات.

قرار التراجع المهرول، خطيئة تساوي قرار رفض استلام أموال المقاصة، فكلاهما لخدمة هدف غير وطني، تلك هي القضية ولا غير!

ملاحظة وتنويه: كان الأصل أن نبارك لحركة الجهاد عناصرا وقيادة، بذكرى انطلاقتها الـ 32، لكن أحدهم اسمه محمد الهندي، فعل فعلا معيبا وطنيا وأخلاقيا، أصاب الحركة بتشويه لا تستحقه، بأن قدم براءة كاملة لأمريكا وإسرائيل وقطر وحماس وعباس من جريمة الانقسام، ووضعها على "اتفاق أوسلو"...دكتور هندي ليس عيبا ابدا أن تتعلم القراءة السياسية متأخرا، بدلا من ممارستك الكذب السياسي.

تحية لوطنيي تلك الحركة التي تركت بصمة خاصة، لن تلوثها أصوات شاذة!