ذكرى رحيل القائد نمر صالح ( أبو صالح )
تاريخ النشر : 2019-10-03 10:18

ذكرى رحيل القائد
نمر صالح ( أبو صالح )
(1935م-1991م)

محمد نمر صالح مصطفى حسن من مواليد قرية (قوليا) قضاء الرملة عام 1935م ، نشأ في مرحلة نضالية فلسطينية ، في كنف أسرة مكافحة من الطبقة المتوسطة بين ثلاثة أشقاء وشقيقة واحدة ، أستشهد شقيقه الاكبر / مصطفى عام 1948م .
بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948م هاجرت عائلته من قريتهم إلى بيت ريما قضاء رام الله حيث عاش فيها حتى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ، ثم توجه الى الاردن حيث سكنوا في مخيم المحطة بعمان ، تحمل أبو صالح أعباء اسرته ، حيث اضطرته ظروف الحياة إلى اعالتها ، لذا لم يتمكن من إكمال تعليمه فأستعاض عنها بمطالعة الكتب وتجارب الثورات العالمية .
توجه أبو صالح للعمل في الكويت عام 1960م وعمل في قطاع الإنشاءات سائق ونش وذلك في ميناء الشويخ في تلك الفترة من الزمن كان مخاض الحركة النضالية الفلسطينية قد بدء في الظهور ، فتعرف أبو صالح على المؤسسين الأوائل لحركة فتح ، حيث ألتقى منهم محمود مسودة ، ياسر عرفات ، خالد الحسن ، عادل عبد الكريم، وذلك عام 1964م والتحق بحركة فتح وفي ذلك العام أرسل أبو صالح إلى الضفة الغربية برفقة راتب العتيلي في مهمة استطلاعية للتأكد بأن الأجواء مهيأة للعمل الفدائي أم لا ، حيث قدم تقريراً بعد عودته بإمكانية انطلاق الكفاح المسلح.
بعد هزيمة حزيران 1967م ترك أبو صالح الكويت وتفرغ للحركة في الاردن وتسلم مهماته في اعداد وتنظيم المليشيا في قواعد الاردن واصبح قائداً لها .
بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الساحة الأردنية عام 1971م عقد مؤتمر حركة فتح الثالث في منطقة حمورية بدمشق أوائل شهر سبتمبر عام 1971م وفيه تم انتخاب نمر صالح ( أبو صالح ) عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح ، وعضواً في القيادة العامة لقوات العاصفة ، وظل أبو صالح ينادي بضرورة تنظيف البيت الداخلي الفتحاوي خاصة أولئك الذين أساءوا الى الثورة في الاردن وسوريا.
في لبنان عام 1972م أبدى أبو صالح اخلاصاً صادقاً للأخ / أبو عمار وناصره في صراعه مع إقليم لبنان بقيادة الأخ / يحيى عاشور ( حمدان ) معتمد الاقليم أنذاك ، كذلك سانده في تصديه لتمرد أبو يوسف الكايد ، وارتبط أبو صالح بعلاقة قوية ومتينة مع الأخوة ماجد أبو شرار وناجي علوش وابو داوود عودة ، كذلك مع قادة الصف الثاني في حركة فتح بعلاقة أيدولوجية ، حيث بدأوا يطلقون على انفسهم ( تكتل يسار فتح ) .
اتخذ ابو صالح عضو القيادة العامة لقوات العاصفة مقراً له في صيدا جنوب لبنان ، حيث كانت تربطه علاقة مميزة مع الحركة الوطنية اللبنانية خاصة كمال جنبلاط وكان صديقا مقرباً من ابراهيم قليلات رئيس تنظيم المرابطين ومحسن ابراهيم وجورج حاوي ومعروف سعد .
ونظرا لرفض سوريا البيان الصادر عن قمة فاس 1982م والتي سبقها استقبال جميع القادة العرب الاخ / ابو عمار في المطار بعد الخروج من بيروت ، عدا الرئيس السوري / حافظ الاسد فقد اعلنت بعض الفصائل الفلسطينية رفضها لذلك البيان ، وكذلك بعض قيادات حركة فتح ومن ضمنهم ( نمر صالح ) الذي اصطحبه الرئيس السوري على طائرته الخاصة عند العودة من فاس الى دمشق ، وهنا استطاع الاسد إقناع أبو صالح بموقفه الاستراتيجي المعارض لتوجهات ياسر عرفات مؤكداً له ان ياسر عرفات قام بتوزيع قوات الثورة الفلسطينية على الدول العربية بعد الخروج من بيروت تمهيداً لتوجهات التسوية السلمية ، وهنا انحاز ابو صالح الى موقف الاسد وكانت بداية الانشقاق ويمكن القول ان مشاركة ابو صالح في تلك الحركة تعود لتقديرات خاطئة منه لاعتقاده ان سوريا هي الضمانة الاخيرة للمقاومة .
هنا فقد تعرض أبو صالح لخديعة سورية استغلته بهدف بعثرة اوراق حركة فتح والسيطرة على القرار الفلسطيني والذي ادى لقيام السوريين باستغلال الانشقاق لإنهاء وجود قوات الثورة الفلسطينية من البقاع وشمال لبنان .
سوء التقدير الذي وقع فيه أبو صالح جاء انعكاسا لمجريات الحرب الباردة على الأوضاع في المنطقة وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومواقف الدول العربية .
بتاريخ 19/03/1984م حصل لقاء بين أبي صالح وعبد السلام جلود في لقاء عاصف جدا لاسيما بعد ان طرح جلود فكرة ان القرار الفلسطيني لا يجوز ان يكون بيد حركة فتح وكان المقصود منه نقله الى أحمد جبريل ، عند ذلك نهض أبو صالح لينهي الاجتماع محتداً، ليتدخل عبد الحليم خدام مذكرا ابا صالح بان الدعم المالي الليبي مرتبط بما ينقله جلود للقيادة الليبية ومذكرا انه يتم دعم حركة الانشقاق بمبلغ خمسة ملايين دولار كل اربعين يوماً ، لكن أبو صالح رفض ذلك فقال له خدام أنتم ضيوفنا وعليكم العيش كمواطنين صالحين بيننا ، رد أبو صالح نحن مناضلون ومشاريع شهادة ، قال له خدام ( لن يكون لكم بعد اليوم الحق في قاعدة عسكرية ، لن يكون لكم مقراً للقيادة ، لن يكون لكم منبراً اعلاميا بعد اليوم ) ، على اثر ذلك دعا ابو صالح الى اجتماع لجبهة الانقاذ وابلغهم بقرار عبد الحليم خدام، وقدم استقالته وجلس في منزله وادرك ابو صالح انه كان ضحية سوء تقدير موقف ، وتنكر له المنشقون وتآمروا عليه .
توفي نمر صالح ابو صالح في منزله بدمشق بتاريخ 03/10/1991م على اثر مكالمة هاتفية من مسؤول سوري كبير اذ استفزه فكانت أخر كلماته غاضباً حازماً ، أنا لن يمنعني اليوم أحد من الخروج من سوريا ، فاختاره ربه ليسكن إلى جواره ، حيث أصيب بأزمة قلبية وشيعت جنازته في مخيم اليرموك .
ومن الجدير بالذكر انه بسماع نبأ وفاة أبي صالح قال الأخ / ابو عمار ( مات الجسور ) وكان الاخ ابو عمار في زيارة لدمشق ، فتوجه لزيارة عائلة أبو صالح وقدم لهم العزاء وابدى استعداده لمساعدتهم بشكل كامل .
رحم الله المناضل القائد / نمر صالح ( أبو صالح ) واسكنه فسيح جناته
القائد العام وفتح ينعيان المناضل / ابو صالح
بعث الأخ ابو عمار رئيس دولة فلسطين ، رئيس اللجنة التنفيذية لـ ( م . ت . ف )يوم 03/10/1991م ببرقية تعزية الى اسرة الفقيد نمر صالح ( أبو صالح ) ومما جاء في البرقية ، باسم الشعب الفلسطيني وحركة فتح واللجنة التنفيذية للمنظمة وباسمي شخصيا أبعث اليكم بخالص العزاء برحيل الشهيد البطل ( أبو صالح ) ، كان الشهيد البطل رفيق درب لنا ولأخوته ورفاقه المناضلين الشهداء والاحياء ، وكان مناضلاً صلبا في كل المنعطفات والاحداث الفلسطينية ، ألهمكم الله الصبر والسلوان واسكن الشهيد فسيح جناته وجعل له مقاماً بين الشهداء الابرار في عليين .
وأصدرت حركة فتح بياناً بهذا الخصوص هذا نصه :
تنعى حركة فتح الى جماهير أمتنا العربية والى شعبنا الفلسطيني الشهيد نمر صالح ( أبو صالح) عضو اللجنة المركزية السابق لحركة فتح الذي توفي ظهر يوم 03/10/1991م في دمشق أثر نوبة قلبية مفاجئة لقد كان الاخ / أبو صالح مناضلاً فلسطينيا مقداماً منذ مراحل الثورة الاولى ، وان حركة فتح وهي تنعى الشهيد لتتوقف عند التضحيات التي قدمها رافعة بذلك الشعار الذي ظل مرفوعا دائماً بأن كل المناضلين الفلسطينيين مهما تغيرت مواقفهم تقودهم الرؤى الى فلسطين الحبيبة .
رحم الله المناضل / نمر صالح وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء في عليين .