أوباما محاصراً
تاريخ النشر : 2013-10-31 10:25

الاتحاد الاوروبي غاضب، والمانيا بالتحديد حانقة. البرازيل والمكسيك مستاءتان. العراق وافغانستان خائفان. تركيا مرتبكة. السعودية ومصر ودولة الامارات العربية المتحدة محبطة. ثوار سوريا يشعرون بالخذلان. بعض دول شرق آسيا تشكو من قلة الاهتمام بها. كل هذه المشاعر تسببت بها او ساهمت في إيجادها ادارة الرئيس أوباما.
مع نهاية السنة الاولى من ولايته الثانية يجد اوباما ان سياسته الخارجية قد أوجدت جوقة دولية من الاصوات النقدية القوية التي تقرأ من نوتة موسيقية واحدة ويتناوب على ادارتها أكثر من مايسترو واحد. ان يوجد في أوباما بينه وبين جميع القارات تقريبا باستثناء القطبين الشمالي والجنوبي حال اغتراب، فهذا تطور قل نظيره. ان يغضب حلفاء مثل المانيا وفرنسا واسبانيا حاربوا جنبا الى جنب مع الجنود الاميركيين في افغانستان والعراق وضد "القاعدة"، وان يهدد العلاقات الاطلسية، وهو الذي هلل له الاوروبيون حتى قبل انتخابه لمجرد انه أوحى انه كان نقيضا لجورج بوش، فهذا ايضا تطور غير معهود.
ان تتجسس الدول بعضها على بعض، فهذا أمر طبيعي بما في ذلك بين الحلفاء والاصدقاء. وحتى لهذه الممارسات نوع من الضوابط والقواعد. (شكاوى فرنسا مثلا من التجسس الاميركي فوق أراضيها تدعو الى السخرية، لان التجسس الفرنسي الصناعي والعسكري في اميركا قديم وموثق)، لكن التنصت على المكالمات الشخصية لزعماء يفترض انهم حلفاء مثل المستشارة انغيلا ميركل، وكأنها ارهابية مشتبه فيها، فهذا يعتبر انتهاكا غير مسبوق، ناهيك بأنه غير مبرر.
العلاقات الاوروبية-الاميركية تعرضت لخضة يمكن ان تكون لها مضاعفات سياسية واستخبارية واقتصادية وحتى قانونية. القضاء في المانيا واسبانيا قد يتحرك ضد واشنطن، ويمكن ان تهدد هذه الفضيحة اتفاق الشركة التجارية والاستثمارية عبر الاطلسي التي تتفاوض واشنطن والاتحاد الاوروبي في شأنها. اوروبا قد تلجأ الى اجراءات عقابية ضد شركات الانترنت الاميركية، الى احتمال عرقلة التعاون في مجال مكافحة الارهاب.
العلاقات المتوترة بين واشنطن وكل من القاهرة والرياض وابو ظبي، اضافة الى التوتر مع اسرائيل وحتى مع تركيا، بسبب الخلافات بين هذه الدول وواشنطن على افضل طريقة لاحتواء البرنامج النووي الايراني . الفتور وحتى التوتر بين الرياض وواشنطن (حول ايران وسوريا ومصر) هو الاسوأ منذ قرار حظر النفط العربي عن أسواق اميركا قبل 40 سنة. حكومات الشرق الاوسط وشعوبه يجب ان تدرك الآن ان اهتمام أوباما السياسي والعاطفي بقضايا المنطقة انحسر الى درجة انه يرى مشاكلها عاصية على الحل. الاسلوب القيادي لاوباما وتصرفه كأستاذ جامعي أكثر منه زعيما حاسما يرأس دولة لا يمكن الاستغناء عنها، ساهما في تغريب الولايات المتحدة عن العالم.

عن النهار اللبنانية