قراءة سيكواستراتيجية في نتائج الانتخابات الاسرائيلية
تاريخ النشر : 2019-09-22 16:55

نتائج الانتخابات الاسرائيلية وضعت كل النخب السياسية في مأزق كان متوقع بدرجة عالية نتيجة حكم نتنياهو لأكثر من عقد من الزمان وهو مسيطر على القرار السياسي الاسرائيلي وخلق وقائع على الارض ليس من السهل تغييرها ، وهناك عوامل وقضايا شائكة خلفها هذا الحكم اليميني المتشدد ، وبما ان النظام السياسي في اسرائيل يعتمد بشكل كبير على التمثيل النسبي كنتيجة للانتخابات ،فان ذلك يتبعه( مهارات المساومة السياسة في تشكيل الحكومة الاسرائيلية) وهي تبعات ليست باليسيرة نتيجة تعقيد تركيبة شخصية الاسرائيلي وتحديدا النخب السياسية ،وايضا الشخصية العامة للمجتمع الإسرائيلي الذي يعيش سيكولوجية صراع البقاء والفناء على هذه الارض معتمدا على القوة العسكرية والمدد الاستراتيجي الامريكي .وفي هذا السياق سيتم تناول القراءة السيكواستراتيجية من عدة جوانب بإيجاز موضوعي :

1. القائمة العربية المشتركة وشخصية قائدها ايمن عوده وهزيمة اليمين المتطرف نفسيا وفعليا:_

بكل وضوح عبر أيمن عوده القائد الشاب عن موقف الأغلبية العربية في الداخل المحتل قائلا، هذه الانتخابات تاريخية ومفصلية وشعبنا على قدر التحدي وهدفنا اسقاط اليمين الاسرائيلي المتطرف بزعامة المهووس نتنياهو وسنعمل على عدم استمرارهم في الحكم، وتميز هذا الشاب القائد الليبرالي المعتدل بحشد الجماهير العربية في فلسطين التاريخية والذهاب بإرادة فاعله للمساهمة في صنع القرار والمشاركة السياسية وسجل موقف مشهود وملموس في اضعاف اليمين وعرقلته من الاستمرار في الحكم بزعامة نتنياهو، ويضاف لذلك اشعاله الصراع على المكشوف بين احزاب اليمين نفسها وتحديدا الليكود وإسرائيل بيتنا والذي عبر زعيمه ليبرمان بوضوح عن تحميل نتنياهو مسؤولية تفوق القائمة العربية المشتركة...وبايجاز نستطيع ان نسجل للشاب السياسي ايمن عوده تفوقه وتميزه الذي برز في شخصيته طوال فترة الحملة الانتخابية ،اتسم بوضوح التفكير والديناميكية المتزنة والبشاشة المقرونة بالثقة بالنفس وكان لديه مهارات تواصل مع الجماهير متقنة الصنع،( كل هذه السمات الايجابية المتفاعلة في ايمن عوده هزمت نتنياهو المتطرف نفسيا قبل اجراء الإنتخابات والتي هزم فيها لاحقا عبر صندوق الاقتراع فعليا ) والمكسب الاستراتيجي الاهم نتيجة لهذه الانتخابات انه لو اتفق كل من الليكود وحزب ازرق أبيض على تشكيل حكومة وحدة سيكون تلقائيا ايمن عوده قائدا للمعارضة في اسرائيل وهذه المهمة ستمنحه صلاحيات سياسية وامنية ولقاءات رسمية مع كل قادة العالم الزائرين لإسرائيل ، وهذا الهاجس الاساسي للحزبين الكبيرين وهما اليمين المتطرف واليمين الناعم سيضطرب سيكولوجيا من هذه الصفة والصلاحيات ( هاجس صناعة القرار في المشاركة والاطلاع المحرم على العربي المصنف مواطن من الدرجة الثانية في اسرائيل وسيكون عير مدرك نفسيا وعقليا من قبل الاخر زعيما للمعارضة)

2. نتائج الإنتخابات وتثبيت الانقسام في البنية الاجتماعية الإسرائيلية :

في الاصل الصراع تشتد اوزاره في المجتمع الإسرائيلي ما بين اليهود الغربيين والشرقيين والاقليات ذات الاصول الجغرافية ويشتعل الصراع ما بين اليهود المتدينين والعلمانيون، والصراع المركزي والرئيس في اسرائيل هو تداخل الدين مع السياسة وهذا تناقض غريب وعجيب في تصوير اسرائيل بانها دولة ليبرالية ومدنية وهي تصدح بالقومية اليهودية، اضافة الى حالة الاشتباك حول الهوية وطبيعة الدولة اليهودية وحدودها ( اضطراب في الاصول والهوية والحدود والشخصية والهلاوس التلمودية) ونتنياهو خلال فترة حكمه جسد هوية الدولة القومية اليهودية بمفهومها العنصري والتمييز الفعلي وشرع ذلك بقوانين عنصرية وتمييز على المكشوف وبرزت صورة اسرائيل في عهده دوله دينية منغلقة وتمسك نتنياهو في اشاعة هذه الاجواء منذ عام 1995 عندما تم اغتيال رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين على يد المتطرف اليهودي يغال امير واخذ اليمين المتطرف فرض نفسه بالقوة على المجتمع الاسرائيلي ، وبرزت نجومية نتنياهو في ضوء ذلك وترك له العنان لتحقيق مآربه السياسية والدينية والوقائع تشير )بأن اسرائيل تعيش في حالة من مهاوي الاضطراب السيكولوجي حول الهوية وهلاوس الدولة واضطراب اسقاط الضحية والعدوانية والمجتمع الاسرائيلي يزداد انقساما وصراعا واشتعالا ( والشاهد جولتان من الانتخابات خلال ستة اشهر ولم يحقق فيها اي من الأحزاب الكبيرة الحصول على نسبة الحسم لتشكيل حكومة بعدد 61 عضو وتقارب النتائج يثير الى همجية الصراع الخفي فيما بينهما ويبرز حجم التناقض والانقسام على الذات والهوية، وكل هذا نتيجة طبيعية للشخصية اليهودية الاساس التي تتسم بالسادية والعدوانية والتآمر والغطرسة والغرور، وايضا نتيجة الانتخابات المكررة والمتشابهة خلال فترة وجيزة من الزمن ما هي الا انعكاس لازدواجية الشخصية فيما يتعلق بتسويق أنفسهم كضحايا تاريخيا وفي نفس الوقت يمارسون ابشع انواع الجرائم ضد المدنيين العزل في فلسطين .

3. تداعيات الإنتخابات الاسرائيلية على الحالة الفلسطينية :

اشتعلت برامج الاحزاب الاسرائيلية قبل الانتخابات بضم ما تبقى من اراضي الضفة الغربية وضم اراضي غور الاردن والتأكيد على القدس عاصمه موحده لإسرائيل، وارتكزت الدعاية الانتخابية لأغلب الاحزاب على الاستمرار في العدوان والاستيطان والتوسع ، وهناك من يرى منهم بأن فشل نتنياهو في تحقيق الفوز في هذه الإنتخابات يعزى الى إخفاقه سياسيا وعسكريا في التعامل مع الملف الفلسطيني، واليسار واليمين الناعم الاسرائيلي هاجمه في الحملة الانتخابية واتهمه بانه لا يوجد لديه استراتيجية للتعامل مع الملف الفلسطيني الا التسويف واتباع سياسة الاموقف وامضى فترة حكمه السابقة متردد هارب من المواجهة السياسية والعسكرية ونتيجة لذلك الجمهور الاسرائيلي تعب منه وعاقبه في صندوق الاقتراع ، ومن ناحية اخرى تفاخر قائد حزب ازرق ابيض بني غانتس بقتله للفلسطينيين وهدم بيوتهم على رؤوسهم ، وللموضوعية صناديق الاقتراع في اسرائيل يتم غلسها تاريخيا بدماء الفلسطينيين والكل يتسابق على اشلاء المدنيين العزل ، المشهد معتم وربما تتوحد احزاب اليمين المتطرف واليمين الناعم واليسار على جولة جديدة من الحرب والدمار لما تبقى من بقايا انسان في بقايا جغرافيا منهكه بالتلوث والاكتظاظ السكاني والمكبلة بأقفاص وجدران اسمنتية .

4.نتائج الانتخابات الاسرائيلية وصفقة القرن الأمريكية:

من الطبيعي أن تتردد ادارة ترامب الصهيوامريكية في نشر تفاصيل صفقة القرن المزعومة والتي وعد بها مبعوث ترامب للسلام جيسون غرينبلات بأن يطرحها للعلن بعد الانتخابات ، وخاصة وان الحليف الاستراتيجي لإدارة ترامب نتنياهو فشل في تحقيق الفوز المأمول ترامبيا لكي يقدم له الهدايا المجانية من فرامات سياسية لضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الاردن الحاقا للفرامات السابقة كالاعتراف بالقدس عاصمه موحده لإسرائيل ونقل سفارة امريكيا اليها وفرمان ضم الجولان لإسرائيل ومن ابرز ما كان ينتظره نتنياهو من حليفه ترامب انهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وانهاء عمل مؤسسة وكالة الغوث كشاهد موضوعي على عملية التهجير التاريخية منذ عام 1948 ولكن تحطمت امال ترامت الذي يأمل هو الاخر بفترة حكم لأمريكا ثانيه بدعم من اليهود هناك وتحديدا من قبل الاصوليون الانجيليون المتصهينون وهم كثر يزدادون ونسبه كبيره من قادتهم تعمل في الادارة الامريكية الحالية ، وادارة ترامب تراقب مشهد تركيبة الحكومة الاسرائيلية المقبلة بشغف وتوتر وبأعصاب مشدودة ليتم بناء المستقبل السياسي لهذه الادارة ايضا .

5.نتائج الانتخابات الاسرائيلية وغياب استراتيجيات المواجهة الفعالة فلسطينيا:
كل المؤشرات الموضوعية تشير بوضوح لا سلام ينتظر الفلسطينيين ،وامكانية القضاء على اسرائيل سارقة الارض والتاريخ المقدس بالصواريخ البدائية والضجيج الانفعالي مهمه وحلم كل الوقائع تشير إلي عدم تحقيقه ، والانقسام الفلسطيني جاء هديه من الرب لإسرائيل وهي من خلقه بمهارات استخبارية وقادتها ونتنياهو استثمره بإتقان للتهرب من استحقاقات السلام وقتلنا وتكبيلنا بقوة النيران في حروب لا تحتملها دول ذات كيان، واجبرنا على تفاهمات وهميه لتسكين مشاعرنا الانفعالية ورفع السوط في وجوهنا وقال لنا اياكم وأمن اسرائيل مقدس ........؟

في ضوء ذلك والمطلوب فورا استثمار ضعفنا ومغادرة واقعنا المظلم بقرار حكيم وبإرادة فلسطينية خالصه وسحب ملفنا المهم والاهم من ملاعب الامم والعربان وكلاء العالم الظالم والاتفاق على مصالحة نفسية وسياسية كمقدمة لانتخابات عامه وإرجاع الامانة للشعب الفلسطيني صاحب الحق المقدس والكلمة الاخيرة والقول الفصل....بدنا انتخابات بدنا كيان خالي من الفساد قبل تحرير الوطن .