التفكجي: الضائقة السكنية بالقدس تسببت بمشاكل اجتماعية خطيرة
تاريخ النشر : 2019-09-21 11:03

القدس: قال الخبير المقدسي بشؤون الخرائط والاستيطان خليل التفكجي، إن الضائقة السكنية في مدينة القدس تسببت بمشاكل اجتماعية خطيرة.

وأوضح التفكجي خلال لقاء نظمه صالون القدس الثقافي في فندق الدار بالقدس، أن الأبنية القديمة بالمدينة غير قادرة على استيعاب النمو السكاني للعائلات، وبتنا نجد بيوتًا ضيقة المساحة تضم أكثر من عائلة واحدة، مما أدى لمشاكل إنسانية واجتماعية خطيرة، من بينها قضايا الطلاق التي وصلت إلى نسب مقلقة جدًا حيث تصل حوالي 35%.

وأشار إلى أن الاحتلال أدرك قوة الأسرة المقدسية كنواة صلبة، وعمل على تفكيكها ليحكم سيطرته على مفاصل المجتمع المقدسي وينهي ويحسم هذا الملف لصالحه، بعد أن تُصبح الأسرة المقدسية مشتتة ومفتتة، وتتغلغل في مفاصلها ظواهر مثل المخدرات والطلاق وغيرها.

ولفت إلى أننا "كثيرًا ما نجد مجموعة من الأفراد يعيشون في غرفة واحدة، بسبب الضائقة السكنية، ما ينعكس سلبًا على البنية الاجتماعية والاسرة الفلسطينية المقدسية" في وقت يحظر فيه البناء، ويبقى البناء غير المرخص مهددًا بالهدم، وتحت سيف الانذارات المتعاقبة بالهدم في أي لحظة، ما يضع الأسرة تحت ضغط نفسي كبير.

وبين أن القدس بحاجة فورية إلى 40 ألف وحدة سكنية لمجاراة الزيادة السكانية الطبيعية، حتى نسد الفجوة السكنية والعجز القائم حاليًا.

وأشار إلى أن عمليات الترميم في البلدة القديمة من القدس مثلًا، أظهرت حالات إنسانية صعبة من جراء الازدحام والاضطرار للسكن في بيوت غير صحية مليئة بالرطوبة والعفونة التي تسبب انتشار الأمراض المزمنة.

وأوضح أن البحث عن حلول لهذه الأزمة الخانقة والمتفاقمة تصطدم بسياسات الاحتلال الذي يسعى لدفع المقدسيين لهجرة مدينتهم عبر وضعهم عمليًا أمام خيارين: الاستمرار في العيش في ظل الضغوط النفسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية الهائلة أو الخروج إلى العشوائيات في مناطق خلف الجدار الفاصل.

وأضاف أن هذا يترافق مع استيلاء الاحتلال على الاحتياط الاستراتيجي من أراضي المقدسيين الفارغة لمنع أي فرصة توسع في البناء، وتوطين إسرائيليين فيها وطرد السكان الفلسطينيين، ما أجبر كثيرين لتشييد بنايات شاهقة ومجمعات سكنية أقرب للعشوائيات البعيدة عن أبسط شروط الخصوصية والحياة الانسانية، لحل ولو جزء من الضائقة السكنية الشديدة.

ورأى التفكجي أن ما تبقى للفلسطينيين من الأرض في القدس هو 9500 دونم فقط، أي ما نسبته 13%، ولا حل أمامنا إلا بالسعي لرفع نسبة البناء، واعتماد السكن العمودي وليس الافقي.

وأكد أن هذا يحتاج إلى مخططات وخرائط هيكلية تنظيمية من أذرع الاحتلال (كالبلدية والداخلية)، والدخول في متاهة يصعب الخروج منها نتيجة لتكاليفها الباهظة، ورفض سلطات الاحتلال السماح بالبناء العمودي في الأحياء السكنية العربية، لأسباب سياسية عنصرية، إضافة إلى المعيقات الداخلية لدينا، المتعلقة بالبناء العامودي والمجمعات السكنية غير المرغوب فيها على الاغلب.

وطالب التفكجي بضرورة تطبيق استراتيجية فورية مدعومة من الجهات الرسمية لأبناء القدس، "لأن حل مشكلة السكن في الجانب الآخر تضطلع بها سلطات الاحتلال الرسمية، وليس أفراد أو جمعيات أو مجالس إسكان".

وتابع أن هذا يحتاج إلى جهد مُؤسسي حكومي تقف وراءه دولة، تعمل على منح قروض ميسرة طويلة الأجل للبناء، ثم توزيع المساكن على المستحقين وفق آلية تحصيل عادلة ومريحة ومنطقية، وكذلك إيجاد الحلول لقضايا الإرث والملكيات المعقدة، التي تمنعنا من استغلال بعض هذه الأراضي لبناء المساكن والمساهمة في حل مشكلة السكن.

واستكمل قائلًا: "لابد أيضًا من تأسيس شركات ضخمة للقيام بمهمة الإسكان في القدس إذا أردنا أن نؤسس لحلول عملية وواقعية ونسعى إلى تعزيز صمود المقدسيين وتثبيتهم في مدينتهم".