ذكرى الشهيد ميشيل النمري شهيد الكلمة الحرة
تاريخ النشر : 2019-09-18 11:53

ذكرى الشهيد ميشيل النمري
شهيد الكلمة الحرة
1948-1985م
ميشيل النمري، من مواليد مدينة الحصن شمال الأردن عام 1948م، تلقى علومه الابتدائية والإعدادية فيها، وانتقل مع والديه إلى مدينة المفرق حيث أكمل دراسته الثانوية هناك.
سافر إلى إيطاليا حيث التحق بالجامعة هناك، وخلال دراسته الجامعية كان مسؤولاً طلابياً بارزاً في صفوف الحركة الطلابية الأردنية، التحق مبكراً في المقاومة الفلسطينية وناضل في صفوفها وعايش مختلف مراحل التآمر على الثورة.
تعرفه الصحافة الفلسطينية واللبنانية والعربية كصحافي نشيط ومثابر حيث كان قد عمل في مجلات فلسطين الثورة، والحرية، وجريدة السفر البيروتية ومجلة الكفاح المسلح العربي، ثم ترأس تحرير مجلة الموقف العربي التي تصدر في قبرص.
ميشيل النمري عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
إبان الغزو الإسرائيلي للبنان صيف عام 1982م أسهم بكل ما يستطيع من خلال عمله في إذاعة صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية، بعدها أصدر في أثينا مجلة "النشرة" المعنية بحركات المعارضة العربية والعالمية، لقد عرف ميشيل النمري الصحافة ومارسها في وقت مبكر من عمره، أيام كان على مقاعد الدراسة الجامعية، وكان يرى فيها أداته المعبرة عن قناعاته ومواقفه السياسية ورؤاه ومعتقداته الفكرية والنظرية، ولذلك كان يؤكد على أن الصحافة يجب ألا تعرف لوناً واحداً ولا شكلاً واحداً، سواء كانت صحافة حرة أم ملتزمة.
لقد رأى ميشيل النمري في فلسطين حلمه النضالي وفي الكفاح من أجل حريتها سبيلة لتحقيق فهمه القومي التقدمي للمشاركة العربية في الدفاع عن القضايا القومية المصيرية، ولهذا وجد نفسه ومنذ وقت مبكر للانضواء في صفوف الثورة الفلسطينية والدفاع عنها بمختلف الوسائل وفي كل المواقع وعبر كل المؤامرات التي تعرضت لها، فعكس بذلك النموذج العربي في النضال القومي من أجل فلسطين.
وكان فهمه لمهمة الصحافة ولدوره الصحافي يكاد أن يضفي عليه مواصفات المعارض، وهو لا ينكر ذلك على نفسه، ولكن ميشيل كان يمتلك بوصلة دقيقة تساعده على تحديد المسار الصحيح في الاتجاه الصحيح، وتحمي نوازعه للمعارضة من الاستغلال البشع، وعلى الأخص عندما يتعرض الأمر للقضايا المقدسة في الواقع العربي كالثورة الفلسطينية والشرعية الفلسطينية وقضية الحرية والديمقراطية في العالم العربي، ولذلك كان ميشيل النمري واحداً من أولئك الصحافيين العرب الشرفاء الذين رفضوا كل إغراءات الأنظمة الدكتاتورية العربية لكي يعلنوا انحيازهم لهذه الأنظمة ضد الثورة الفلسطينية وضد (م. ت. ف) وأن يتحولوا إلى أدوات رخيصة تابعة وعميلة على الأخص عندما أصدر الشهيد "النشرة" كصوت ومنبر للمعارضة العربية والعالمية.
كان ميشيل النمري يؤكد دائماً موقفه الطبيعي مع فلسطين العادلة، وضد الأنظمة الدكتاتورية والظالمة، حيث مضى وهو يدرك أن الخطر يلاحقه، ولم يغب عن باله أبداً أنه سيدفع ذات يوم حياته ثمناً لهذا الموقف المبدئي والنبيل.
كان ميشيل النمري يعلم أن خطر التصفية يلاحقه وأن عمره لن يطول كثيراً ولذلك كان متدفقاً متحمساً لأن يقول كل ما عنده.
كان ميشيل منتمياً سياسياً وقد طرق باب الصحافة عن طريق السياسة، وكان يؤكد على أن أنجح الصحافيين من كان سياسياً، وإذا كان الصحافي يحرص على ألا يجاهر بحقيقته كسياسي فإن بين الصحافي والسياسي خيط رفيع لا يكاد يلمس، فالصحافي يجمع المعلومات لكي يستخدمها في تقديم موقف أو في الدفاع عن موقف أو فكرة، وهذه المعلومات التي يجمعانها تجمعهما معاً، وتفرق بينهما عند تقسيم السلطات وأغلب السياسيين هم من صنع الصحافيين، فكيف بالسياسيين عندما يكونون صحافيين.
لقد كان ميشيل النمري واحداً من هؤلاء السياسيين الصحافيين الذين رأوا في مهمتهم منبراً لتقديم أفكارهم وموافقتهم لطرقها بجرأة وشجاعة دونما تهيب من النتائج لأنه يعرف أن الحياة وقفة كرامة، وفعلاً كان موقف ميشيل النمري هكذا.
لقد أعلن تأكيده وانحيازه إلى فلسطين وهو يعلم أن ثمن إعلان الانحياز ربما يكلفه دمه وحياته، ولكنه مثل كل المؤمنين بقضية الحق والحرية والديمقراطية لا يبخل بدمه وحياته من أجل فلسطين.
يوم الأربعاء الموافق 18/9/1985م قتلوا ميشيل النمري لأنهم لم يحتملوا كلمات حق سطرها قلمه في أسبوعيته المعروفة "النشرة" ولأنه رجل حقيقة يقولها ولا يخشى في قولها لومة لائم، بينما أعداء قناعاته ترهبهم الحقيقة فيعادونها كعدائهم لأصحابها، فقد اغتال القتلة ميشيل النمري أمام مكاتب صحيفته في شارع في أثينا.
استشهد ميشيل النمري يوم 18/9/1985م أمام مكتبه في أثينا برصاص العصابات الغادرة.
هذا وقد تم نقل جثمانه الطاهر من أثينا إلى عمان ورافقه الأخ/ خليل الزبن "عضو مجلس الاتحاد العام للكتاب والصحافيين" الذي انتدب من المنظمة ومن الاتحاد، وأخوة الفقيد وذويه ومندوب عن مكتب المنظمة في أثينا، ومن ثم ووري جثمانه في جنازة مهيبة شاركت فيها شخصيات فلسطينية وأردنية سياسية وصحافية وأدبية واجتماعية.
لقد أكد استشهاد ميشيل النمري وحدة الدم والمصير الفلسطيني الأردني.
لك الخلود يا ميشيل ولك العهد ولروحك السلام.
هذا وقد نعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى جماهير شعبنا الفلسطيني – الأردني وأمتنا العربية الشهيد المناضل/ ميشيل النمري، عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين الذي استشهد يوم الأربعاء 18/9/1985م في العاصمة اليونانية أثينا، إثر إقدام عملاء مخابرات النظام السوري على اغتياله وإسكات صوته الشجاع المدافع عن الحق الفلسطيني في مواجهة المؤامرة والمتآمرين.
لقد كان الشهيد/ ميشيل النمري مثال الصحافي الوطني الذي نذر قلمه ودمه في خدمة القضية الفلسطينية مؤكداً روح الوحدة والإخاء بين أبناء الشعب الواحد الأردني- الفلسطيني.
ومنظمة التحرير الفلسطيني إذ تنعى شهيدها، شهيد الكلمة الشجاعة والموقف الشريف والديمقراطي الحق، الذي جسد مع رفاقه الشهداء الشعار الذي رفعه اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين (بالدم نكتب لفلسطين) لتعاهده وشهدائنا الأبطال ألا تذهب دماؤهم هدراً وأن النضال مستمر والثورة حتى النصر.
أما الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين فقد نعت الأمانة العامة للاتحاد الصحافي الوطني الأخ/ ميشيل النمري "مسؤول ورئيس تحرير مجلة النشرة" التي تصدر في اليونان الذي سقط برصاص أعداء شعبنا الفلسطيني صبيحة يوم 18/9/1985م أمام مكتبه في أثينا.
إننا إذ ننعى الشهيد عضو الاتحاد لنهيب بأصحاب الأقلام الشريفة في الوطن العربي والعالم أن ينددوا بالإرهاب أياً كان مصدره وأن يفضحوا القتلة مهما كانت هوياتهم.