وما النصر إلا صبر ساعة
تاريخ النشر : 2019-09-17 14:30

كارثتان عظيمتان مرتا على شعبنا الفلسطيني خلال الأيام الماضية, ففي الثالث عشر من سبتمبر 1993, كانت كارثة أوسلو التي أوصلت السلطة الفلسطينية إلى التبعية السياسية والاقتصادية والأمنية للاحتلال, والتي أفرزت اتفاقية باريس الاقتصادية بكل مهازلها, وأفرزت التنسيق الأمني المقدس مع الاحتلال الصهيوني, وتنازلت السلطة الفلسطينية عن 76% من مساحة فلسطين التاريخية لصالح الاحتلال الصهيوني, وتخلت عن الميثاق الوطني الفلسطيني, وأسقطت الكفاح المسلح, كما ساومت على خيار حق العودة للاجئين الفلسطينيين, وتنازلت عن غربي القدس لصالح الاحتلال, الذي ضم القدس بشرقيها وغربيها إليه, واعتبرها عاصمة أبدية له, واستندت السلطة لخيار «السلام» كخيار استراتيجي لا بديل عنه, وتنكرت للفصائل الفلسطينية المخالفة لمواقفها السياسية, مما خلق فجوة كبيرة بينها وبين الفصائل الفلسطينية بما فيها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية, واستفردت السلطة بالقرار السياسي الفلسطيني, وفق أجندتها التي حددتها بعيدا عن مصالح شعبنا وبعيدا عن المواقف الوطنية التي تحكم العلاقة بين السلطة والفصائل المختلفة, فكان نتاج هذا الاستفراد بالقرار السياسي الفلسطيني الانقسام الداخلي الذي يعاني منه شعبنا اشد المعاناة, والذي أوصلنا لوضع معيشي صعب للغاية بعد ان فرضت السلطة الفلسطينية عقوبات اقتصادية شديدة على قطاع غزة, وحرمت بعض الموظفين والأسرى والشهداء من مستحقاتهم المالية, وقلصت من نسبة رواتب من تبقى من الموظفين إلى 50% , هذا بإلاضافة إلى الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة منذ ثلاثة عشر عاما.

وبالأمس كانت ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي توافق 16 سبتمبر 1993م التي نفذتها العصابات الإجرامية الصهيونية وجيش لحد الجنوبي بالإضافة إلى ميليشيا الكتائب اللبنانية المعروفة باسم حزب «الكتائب» اللبناني ذي النزعة اليمينية المتطرفة وانعزاليته وهو معروف بعدائه الصارخ للفلسطينيين والوطنيين اللبنانيين وقد تحول حزب الكتائب فيما بعد إلى حزب يتزعمه سمير جعجع، وخلفت مجزرة صبرا وشاتيلا نحو ثلاثة آلاف شهيد فلسطيني بعضهم من اللبنانيين, فكانت مشاهد المجزرة شاهدة على بشاعة مرتكبيها وتجردهم من كل معاني الإنسانية والآدمية, لقد تناثرت الدماء والأشلاء في كل بقعة من بقاع المخيم, وكانت جثث الشهداء ملقاة في الشوارع لعدة أيام, وآلة الشر لم تتوقف عن القتل, لقد استباحوا دماء الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز, قبل ان يستبيحوا دماء الشباب, ولا زالت بشاعة المنظر حاضرة في الأذهان, أما القتلة والمجرمون سفاكو الدماء, فما زالوا أحراراً وطلقاء, لم يحاسبوهم على جريمتهم, لأن الجريمة كانت ترعاها «إسرائيل» الفتى المدلل لدى الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي, فهي التي خططت ودبرت وتحالفت وشاركت في قتل الأبرياء, وما كان لأحد ان يحاسب «إسرائيل» على جرائمها بحق الفلسطينيين واللبنانيين وحتى العرب والمسلمين, فكيف لنا ان ننسى مجزرة قانا في لبنان, ومجزرة بحر البقر في مصر, ومجازر «إسرائيل» في العراق وسوريا واليمن وليبيا, فهي شريك أساسي ورئيسي في كل ما يحدث من توتر في هذه البلدان, «فإسرائيل» كيان إرهابي مجرم ونازي وجد في المنطقة لزعزعة الاستقرار, وتوتير الأجواء, وإرباك المشهد.

في ذكرى الكارثتين البشعتين لا زال شعبنا قادراً على مقارعة الاحتلال, والتصدي لمخططاته العدوانية, ولا زال ميدان المواجهة والشرف شاهدا على عظيم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني الذي يناضل من اجل حريته واستقلاله, وسيبقى نضالنا مستمرا إلى ان يكتب الله لنا النصر, انه عهدنا مع الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال, وسيتحقق العهد والوعد بإذن الله طال الزمان أم قصر, وما النصر إلا صبر ساعة.