قراءة في .. قراءة الصيفي
تاريخ النشر : 2019-09-10 10:40

كتب الاستاذ طارق الصيفي، مقالاً في امد للاعلام عنونه: "قرأة في عقلية حماس، ومنهجهم السياسي"، وهو جهد مشكور، ولكي يستفيد ابناء شعبنا مما كتب زميلنا وغيره، وجدنا انه لزاما علينا ان نقرأ بتمعن، ونحاول ان، نصحح، ما نرى انه جانب الصواب، وهنا احببت ان التف نظر الكاتب الى بعض من امور، وارجو ان يتقبلني بصدر رحب، اذ وجب التنويه عنها لأهميتها، كونها متصلة بتاريخ قضيتنا الفلسطينية بشكل عام، وهي متصلة بواقعنا الانقسامي المعاش، الذي طال كل أحد من شعبنا، وارجو الا اكون قد تجاوزت حد الخلاف الفكري، والذي هو امر صحي لاخلاف عليهو ولا مندوحة عنه.

بداية : تساءل الكاتب عن كنه حركة حماس واجاب اختصارا انها حركة تحرر وطني، واقول انها بدات كما اريد لها كجزء من فكر الاخوان المسلمين الذي لا يؤمن بالوطن، الذي نؤمن به فهو "حفنة من التراب العفن" حسب احد مرشديهم الكبار، وان مشروعهم عالمي الهدف، وليس بعيدا عنا اشارة د. الزهار ان "فلسطين ما هي الا مسواك ...."، نسبة الي الهدف العالمي للاخوان المسلمين، ولكنهم الان التحفوا بالوطنية، فهذا فرضته البرجماتية السياسية الموجهة الى الخارج، ونذكرك بالمؤتمر الذي عقده خالد مشعل رئيس المكتب السياسي انذاك، وكيف وجه رسالته واضحة للادراة الامريكية.

كما اشار الكاتب الى طبيعية تكونهم, ونقول ان تكوينهم في المجتمع الفلسطيني في حقبة السبعينات من القرن الماضي، حكمته الحالة العامة في المنطقة العربية من توجه وانتشار الفكر الحركي الاسلاموي، نتيجة عوامل ليس مكانها للنقاش وليس من اجل التحرر والاستقلال، ومع ذلك فان لحماس خصوصية  يمكن معالجتها في غير موضع.

كما نلفت عناية الكاتب الى ان الكفاح المسلح قبل 1996، وبعدها، لم تتغير كثيراً لناحية التمويل، الذي حكم التغير في التوجهات.

ويسرع كاتبنا الخطي فيصل بنا الى اوسلو، وانطلاق "تيارات اسلامية " رغم ان انطلاق الجهاد الاسلامي سبق اوسلو، وان انطلاق حماس كان في انتفاضة الحجارة، وليس جراء رفضهم لاوسلو.

ثم تحدث عن سجن وتعذيب المقاومين من الاسلاميين طبعاً، وهنا وقفة فلن نتحدث بمعلومات، لكننا يجب ان ان ندفع شهود الحالة، وكثيراً منهم مازال على قيد الحياة, من ضباط الامن الوطني والشرطة والوقائي، وبالطبع جميعهم احيلوا الى التقاعد, والذين كانوا ينفذون اوامر مكتوبة، واوامر مضادة شفهية، لاسباب سياسية مرتبطة بالتزامات اوسلوا، وهم الان لن يفشوا سراً اذا ما خرجوا عن صمتهم ليسجلو كلمة حق لله ثم للتاريخ، لكن تراث الاخوان عن المظلومية  والتعذيب والسجون الذي تم تهويله ليصنع هرما من الكذب والدجل والوهم وخداع الاجيال، خاصة ما تم صياغته، عن سجون مصر وسوريا، واعداد الضحايا الخرافية، من قتلي ومقابر جماعية, ومعذبون فقدوا اعضاء، وعندما خرجوا كانوا اصحاء, مع ذلك لا ننفي ان هناك جزء منه حقيقة.

وللكاتب لن تعدم طريقة في الوصول الى المعلومة والتحري من اصحابها كونك باحث ناشط.

اما عن ممارسة العمليات الاستشهادية، والتي كانت متزامنة مع تحقيق اي منجز لصالح السلطة الفلسطينية، وكم اجهضت  من اتفاقات، وافشلت زيارات عرفات الى امريكا، وكم عطلت من اتفاقات، خاصة الاتفاقات الاخيرة من اعادة الانتشار في الضفة الغربية والممر الامن وغيرها، ويمكن الرجوع الى تواريخ تلك العمليات وتري كم كانت سلبية في توقيتها وانعكاساتها، وتداعياتها وليس اقلها الشروع في بناء الجدار الامن.

اما عن خروج اسرائيل من القطاع، الذي نسبه الكاتب كنتيجة حتمية (لضربات المقاومة)، فان المعلومات السياسية المنشورة، التي ظهرت اوضحت ان الانسحاب من طرف واحد, كان هو جوهر مشروع شارون المعد سلفا ومنذ العام الاول لدخول السلطة الفلسطينية، اي انه كان مشروعا ليكوديا بدا التنفيذ لضرب كل منجزات العمل الاسرائيلي، والان يصاغ نفس المشروع للانسحاب من اجزاء من الضفة كمنجز ليكودي، في مواجهة المنافسين وهنا يقع الكاتب في خطا جسيم يخرجه عن سياق الراي الشخصي.

نجد انفسنا نشاطر الكاتب صحة الراي القائل بدخول حماس على اساس اوسلو الى النظام السياسي الفلسطيني، رغم انه  لم يؤخذ على حماس ضمن خطاب تكليف  رئيس الوزراء اسماعيل هنية، الالتزام بالتزامات منظمة التحرير واتفاقية اوسلو، فهو موافقة ضمنية، وعموماً هي طريقة للالتفاف حول الاتفاقيات، فقد صيغ امر مماثل عندما، سلمت مصر جزيرتي صنافير وتيران الى السعودية، رغم انهما ينطبق علي جغرافتيها اتفاقية كامب ديفيد، حيث كانت جزء من الجغرافيا المصرية، وانتقالهما الى الحكم السعودي يجعل جزء من الجغرافيا السعودية ينطيق عليها اتفاقية كامب ديفيد, فتصبح السعودية جزء من اتفاقية كامب ديفيد.

يامل الكاتب في ان تتغير عقلية حماس، ونتمنى ذلك من كل قلوبنا، لكننا نرى انها لن تتغير، طالما هي ما تزال تحشر نفسها في شرنقة الاخوانية العالمية, وسيكون استدارتها نحو الوطنية، هو شهادة وفاتها كحركة اسلاموية، وفقدها كا ما حصلت عليه.

وبما انهم فشلوا في إدارة قطاع غزة التي سيطروا عليه بالقوة الغادرة، فهذا امر طبيعي كما فشل اخوانهم من قبل في ادارة مصر وتونس، وتم رفضهم في ليبيا، الا ان بقاؤهم في ادارة القطاع هو امر اكبر من حركة حماس فهو (حسبما نراه)، باختصار اعادة ترتيب الاخوان المسلمين مرة اخرى بعد فشل مشروع (الربيع العربي) الصهيوامريكي، في ذات البقعة التي بدا منها التحرك فحماس الى السلطة هي بداية الربيع العربي, الذي تم التنوية عنه امريكيا، والذي اعلن عنه احد المستشارين الامريكان، جراهام فوللر, في كتابه المنشور 2001، ما ضمنه "وجوب تصعيد الاسلاميين الى السلطة في البلاد العربية ......." والتي جرت بالفعل في ادخالهم الى مجلس الشعب المصري في اخر انتخابين في عهد مبارك، ما قبل (الربيع).

وننضم الى فكرة الكاتب فنطرح التساؤل: لماذ ا انتجت الوثيقة المعدلة بعد اغتيال القادة الصف الاول لحركة حماس السياسي والعسكري؟ فهي ببساطة ان القادة المؤسسين صاغوا الحركة على اسس واضحة، ولكي يتم التلاعب بتلك الحركة كان لابد من شطب الصف الاول ليتم انشاء حركة جديدة تحمل نفس الاسم ونفس الرمز على غرار ما حصل في الاخوان المسلمين ما بعد البنا.

اما ازدواجية الفكر فذلك، كونها حركة ظلامية، فهي ليس سراً يذاع, ويعرفه اغلب ابناء القطاع خاصة بعد تمدد الحركة وازدياد مناصريها، والمستفيدين منها خاصة من ليس من ابنائها الذين اذاعوا كثيرا مما اريد له ان يبقى طي الكتمان فهم لديهم فكراً سريا يتعاطونه في ادبياتهم في مراكزهم (مساجدهم) التي يبنون فيها الجيل (الدعوي المقاوم)، وهو ايضا على مستويين، كما لهم فكرا معلن، ولخطباؤهم خطابين، خطاب الميكروفون، وخطاب الصالون.

و اخيراً.. نختلف مع كاتبنا، فهؤلاء (القادة) الذين يقودون تلك الحركة الظلامية الاخوانية المنشأ والمصير، شركاء متقاسمون الاجر والوزر ومن حيث يعلمون، في المؤامرات، في مقابل منافع شخصية وحزبية، ولعل ابناء القطاع مطلعين على مدى الفساد الذين غرق فيه هؤلاء، وكم اصابوا من اراضي وعقارات وسيارات ومحطات وقود ومولات وحسابات بنكية، وخلافه.

واخيراً احيلك الى تغريدة الشيخ (الحشاش) حول الطائفة المنصورة، لتعرف مدي مفاصلة هؤلاء لبني شعبهم.