اشتية ووعوده الشكلية
تاريخ النشر : 2019-09-04 14:17

ما ان تولى السيد محمد اشتية رئاسة حكومة رام الله, حتى خرج بتصريحات شكلية «عنترية» بأنه سيتمرد على الواقع المر الذي يعيشه شعبنا ويسعى لتقديم الأفضل, وانه سيعمل جادا على إنهاء الانقسام, ويحل مشكلات الموظفين ويساوي بين موظفي غزة والضفة, وانه سيرفع العقوبات عن قطاع غزة, وسيبدأ بتنفيذ المشاريع لتطوير البنية التحتية المتهالكة في القطاع, لكن على ما يبدو ان هذه الوعود من السيد اشتية اصطدمت بقوة جدار المتماهين مع سياسة الاحتلال, والساعين إلى زيادة الخنق والحصار على الغزيين حتى «يسقطوا» حماس, ويكفروا بالمقاومة, ويلهثوا فقط وراء لقمة العيش, وهؤلاء المتنفذون متغلغلون بكثرة في صفوف السلطة, واغلبهم سماسرة وتجار, وكل شيء عندهم خاضع لميزان الربح والخسارة, لذلك بقيت وعود السيد اشتية شكلية فقط, فهذا التيار المتنفذ داخل السلطة, والذي تمرد حتى على قرارات رئيس السلطة محمود عباس بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال, هو الذي يدير الأمور ويتحكم بالمشهد, ويحدد السياسات بتعليمات أمريكية إسرائيلية, لذلك تجدهم كل يوم في زيارات سرية أو علنية لواشنطن وتل أبيب.

السيد محمد اشتية خرج ليبشر الموظفين بقيمة الراتب الجديد لهذا الشهر, وانه سيصل إلى 110%, معتقدا ان هذه ستكون بداية مبشرة له, وعلى ما يبدو انه لم يكن يعلو بنوايا «المالية» تجاه موظفي غزة, وان هذه الزيادة قدمت للبنوك وليس للموظفين, بعد ان اشتكت البنوك من أزمة مالية, فكانت نسبة الزيادة تقتطع بالكامل أو بنسبة كبيرة لصالح البنك, الذي قام بخصم أموال على موظفين غير مقترضين من البنك, وليس عليهم كفالات لأحد, فتحولت البشرى التي زفها السيد اشتية للموظفين إلى نقمة, وتعرض لهجوم حاد من الموظفين, واتهامات شديدة القسوة, ويبدو ان هذا كان الغرض من توريط السيد اشتية بالتصريحات, وهو يأتي ضمن الصراع المحتدم بين قيادات «فتح» ومدى تحكم كل طرف بالقرار الفتحاوي وتطبيقه على ارض الواقع, والأمور لن تنتهي عند هذا الحد, فالمتاجرة بحقوق الناس ستستمر, والتلاعب بمصيرهم سيتواصل, لأن الأمور لا تحتاج إلى حلول «شكلية» إنما تحتاج إلى خطوات عملية وخوض صراع حقيقي لتحجيم هؤلاء المتنفذين المتحصنين بالاحتلال, واستئصالهم والقضاء عليهم تماما, وإخراجهم من المشهد بشكل كلي.

شعبنا يدرك تماما ان المأساة التي تعيشها غزة ستستمر, ولن تتوقف إلا بالتضحيات الجسام, فطالما غزة تقاوم, وتملك سلاحها بيدها, وتجابه مخططات الاحتلال, فإنها ستبقى محاصرة وخاضعة للعقوبات, والغزيون وطنوا أنفسهم على ذلك, ويعلمون ان العقوبات ستشتد, لكنهم لن يتخلوا عن مقاومتهم, ولن يسقطوا الكفاح المسلح من اجندتهم, ولن يوقفوا مسيرات العودة الكبرى السلمية, ولن يسلموا سلاحهم لأحد, أو يرهنوه عند احد, أو يضعوه تحت وصاية احد, أو يقايضوا عليه, فسلاح غزة «شرفها» وهو الحافظ لكرامتها وعزتها, وبدونه ستسقط غزة لا سمح الله في مستنقع «السلام» الخطير الذي أوصل السلطة إلى ما وصلت إليه من ذل ومهانة على يد الاحتلال الصهيوني, الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «ما ترك قوم الجهاد إلا وذلوا» فحاشا غزة ان تترك الجهاد أو تتخلى عن سلاحها, فعاقبوا غزة كيف شئتم وحاصروها كيفما شئتم, وضيقوا الخناق على أهلها كيفما شئتم, فان بيعتنا مع الله عز وجل, وهو لن يتركنا ولن يتخلى عنا, وما تتعرض له غزة من حصار, تعرضت له كل الشعوب التي ناضلت من اجل حريتها, فهذا هو طريق الأحرار الذي لن نتخلى عنه.