أم ضياء
تاريخ النشر : 2013-10-30 23:35

أمد/ غزة – خاص : باشرت حزنها منذ أن تم القبض على بكرها ضياء من قبل دورية عسكرية كانت تطارده بتهمة قتل ضابط اسرائيلي ، في عام 1992 ، وحكم عليه بالمؤبد مدى الحياة ، ومارست أم ضياء الأغا نضالها الفردي والمجتمعي وانخرطت في تنظيم المظاهرات الداعمة للافراج عن الأسرى ، وما لان لها وتر ، وما انكسر لها عود وهي تسافر من بلد الى بلد للدفاع عن الاسرى الفلسطينيين ، حتى امتهنت الانتظار المر ، ومرت عليها صفقات تبادل الاسرى كما تمر الجبال النوازل على صدر نملة ضعيفة ، وتحملت قسوة فقدان الفرص ، حتى يومها هذا وبعد الافراج عن الدفعة الثانية من اسرى ما قبل أوسلو ، بقية صامدة ، وحازمة وجازمة على أنها أم لجميع الأسرى ، والافراج عن 26 أسير من الاحكام العليا يعني طاقة أمل جديدة لها في دفعتين قادمتين وفق ما تم التوصل اليه بين القيادة الفلسطينية واسرائيل بمساعي وزير الخارجية الامريكية جون كيري .

أم ضياء التي لم تنام طيلة أيام ما قبل الافراج عن الدفعة الثانية ، وهي تنتظر اسماء الاسرى الذين سيفرج عنهم وقلبها المعشوق يدلها على ضياء بينهم ، لتصاب بخيبة أمل كبيرة ، وكأي أم تبكي ويسكن قلبها في وجعها وتتراجع عن تطير أملها في فضاء الحياة ، وانكسرت في غرفتها ككسرة خبز يابسة ، واغرقت وجدها بالدمع وهي تحت غطائها تتلمس راحة لروحها ، وشفاعة لقلبها ، حتى خرج نهارها وهي تكرر اسماء الاسرى الذين قرر الاحتلال الافراج عنهم ، لعلها اخطأت في القراءة ، او اخطأ الاخرين في اسماعها الاسماء ، وهي أم ضياء التي اعتادت على الصدمات ، لتخرج من بعدها أقوى ، وأكثر تصميماً على مواصلة طريق الانتظار ، واختيار وسائل الدفاع عن الاسرى أصحاب الاحكام العالية .

أم ضياء التي اخفت دمعها وحسرتها في قلبها ، اصرت على استقبال الاسرى الخمس الذين وصلوا قطاع غزة ، وزغردت لوصولهم ، وتوشحت بالفرح ، ودمعها يدبدب خديها ، وهي تتنقل بين أسير وأخر لتسأل عن ضياء ومحمد ابنها الاسير الثاني .

أم ضياء التي انتعش قلبها قبل الاعلان عن اسماء اسرى الدفعة الثانية ، اركس بخيبة أمل أخرى ، ولكنه استعاد قوته ليفتح طريق جديد نحو أمل قادم يوصلها الى ضياء ، لتسأل عن موعد الدفعة الثالثة ، وهل الاحتلال سينفذها ، اتصلت بالعديد من الشخصيات الرسمية واتصل بها العديد من المحبين يطمئنونها ، ويؤكدون لها أن اسرى ما قبل أوسلو جميعهم سيتم الافراج عنهم ، وانتظارها لضياء لن يطول أكثر من أشهر ، حتى ارتاح قلبها وقبلت الحياة من جديد.

أم ضياء الاغا ككل ام فلسطينية مكلومة ، فقدت جزء منها بسطوة الغزاة ، وشقت دربها بالنضال من أجلهم ، ونسيت تنورها وبيتها الصغير ، لترسم بيتاً كبيراً من الامل لديه السعة ليسكن فيه أحب وأعز الغياب .