استراتيجية الانتظار والترقب التي ينتهجها عباس كارثية
تاريخ النشر : 2019-08-29 22:44

الرئيس عباس، متى ستتولى دفة القيادة؟ ارفض قيادة الولايات المتحدة وإسرائيل  وتوقف عن قبول الوضع الراهن. يجب أن تمضي قدمًا واختر استراتيجية مختلفة فورًا.

في البداية، علق الرئيس الفلسطيني محمود عباس آمالًا كبيرة على وعد الرئيس دونالد ترامب بتنفيذ "بصفقة القرن" التي اعتقد الفلسطينيون أنها ستنهي الاحتلال الإسرائيلي الذي لا ينتهي.

عقد عباس أربعة اجتماعات مع ترامب، حيث بدا أن الأخير وافق شفهيًا على حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، على الرغم من اعتراضات جاريد كوشنر في ذلك الوقت، وفقًا لأحد مستشاري عباس الذين حضروا الاجتماعات الأربعة.

أصبح من الواضح بعد ذلك أن السيد ترامب الذي نصب نفسه "ملكًا لإسرائيل" مستعد لتقديم خطة إغاثة اقتصادية للفلسطينيين وليس خطة لتحقيق تطلعاتهم السياسية لإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة في المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967 مع القدس عاصمة لها.

اتضح ذلك بألم في ورشة عمل البحرين "السلام من أجل الازدهار". ومهما كانت الخطة التي تم وضعها كجزء من "صفقة القرن"، فقد تم إعدادها من قبل فريق ترامب برئاسة جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات والسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان بالتواطؤ التام مع بنيامين نتنياهو. سيتمتع الفلسطينيون في ظل أفضل السيناريوهات ببعض الراحة الاقتصادية لكنهم لن يحققوا هدفهم المتمثل في إقامة دولة مستقلة داخل حدود عام 1967 ولن تكون القدس عاصمة لها.

نظرًا لما نعرفه حتى الآن، ما هي الاستراتيجية التي يتبناها عباس؟ للأسف تتمثل الاستراتيجية في "الانتظار والترقب".

ونظرًا إلى الإجراءات العدائية التي اتخذها ترامب تجاه الفلسطينيين قبل مؤتمر البحرين الاقتصادي، ما الذي حققته استراتيجية الانتظار والترقب؟

أوقف ترامب جميع المساعدات المقدمة للأونروا والسلطة الفلسطينية وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن العاصمة، بل وقطع المساعدات المقدمة لقوات الأمن الفلسطينية، في خطوة تضر بمصالح إسرائيل في الضفة الغربية وغزة. وأخيرًا، أزالت وزارة الخارجية الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين مصطلح "الأراضي الفلسطينية" من صفحة على الإنترنت تعرض البلدان والمناطق التي يغطيها أحد مكاتبها.

في هذه الأثناء، واصلت إسرائيل مصادرة الأراضي الفلسطينية وحجبت جزءاً من الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية واستمرت في توسيع المستوطنات. كلما استمر الفلسطينيون في الانتظار والترقب، كلما أصبح حالهم أسوأ.

عباس لديه خيارات لكن جميعها له تكلفة.

•أسوأ خيار هو أن يسمح عباس لإسرائيل والولايات المتحدة بإملاء مصير الفلسطينيين. مهما كان المكون السياسي لصفقة ترامب، فإنه لن يلبي التطلعات السياسية الفلسطينية.

•إذن لماذا لا يتم فعل أي شيء ويتم انتظار الرفض الحتمي للخطة؟ لماذا نضيع الوقت الثمين - في انتظار نتائج الانتخابات الإسرائيلية ثم انتظار ترامب لإطلاق خطته - وفي الوقت نفسه السماح لإسرائيل بمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء المزيد من المستوطنات ؟

الخيار الثاني: إنشاء حكومة وحدة وطنية

•على عباس أن يتنازل عن كبريائه وأن يضع أجندته الفصائلية جانبً، ويدعو إلى المصالحة الوطنية مع جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس ومحمد دحلان وغيرهم.

•بمجرد تحقيق المصالحة وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، يمكن لعباس أن يصر على أن أي رئيس يجب أن يكون من فتح وأن تكون له بعض الصلاحيات الخاضعة للفيتو الرئاسي بينما يتم تعيين أعضاء المجلس التشريعي على أساس انتخابات مفتوحة وحرة.

•هذا سيناريو لن يرضي إسرائيل ولا الولايات المتحدة ولكن يمكن أن يجد تأييدًا بين الفلسطينيين وقد يعزز موقف الفلسطينيين في أي مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل.

•ستعلم إسرائيل على الأقل أن السلطة الفلسطينية ليست عاجزة ولا ترغب في أن تكون تحت رحمة إسرائيل.

•ستحكم حكومة الوحدة الوطنية غزة والضفة الغربية وستسيطر على حدود غزة مع كل من إسرائيل ومصر. يجب إنهاء الحكم الإسلامي لحركة حماس وستصبح غزة خالية من معقل الإخوان المسلمين. يمكن أن ينظر إلى هذا الوضع بشكل إيجابي من قبل العديد من الدول العربية بما في ذلك مصر التي تعتبر منفذ غزة الوحيد للعالم. كما يمكن أن يقلل من خوف إسرائيل من نفوذ إيران في قطاع غزة، وربما تهديدها العسكري لإسرائيل.

الخيار الثالث: حل السلطة الفلسطينية

هذا هو الخيار النووي الذي يطرحه عباس. اجمع قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية واذهب إلى المنفى.

•دع إسرائيل تتعامل مع فوضى السيطرة على الضفة الغربية كأرض محتلة بدون اتفاقيات أوسلو. ويا لها من فوضى سيشهدها الإسرائيليون من الناحية الأمنية ومن ناحية الإدارة اليومية!

•سيتعين على إسرائيل إنفاق موارد ثمينة لجمع القمامة وتوفير الرعاية الصحية والتعليم وإصدار رخص القيادة وتصاريح السفر والعمل وجمع الضرائب.

•سيتعين على إسرائيل أيضًا التعامل مع 70000 من أفراد الأمن الفلسطيني العاطلين عن العمل والمسلحين. قد تحاول إسرائيل بالطبع إعادة توظيفهم كقوة أمنية محلية تم تشكيلها حديثًا، لكن وفقها الله!

•سوف يزداد التهديد الأمني لإسرائيل من الضفة الغربية بشكل لا يمكن تقديره نظرًا لغياب تعاون قوات الأمن الفلسطينية الحالية. سيتعين على إسرائيل إعادة نشر القوات وعملاء المخابرات في جميع أنحاء الضفة الغربية لضمان حمايتها من الهجمات المحتملة. سوف يسترجع الإسرائيليون ككل أيام الخوف وانعدام الأمن التي مروا بها قبل ترتيباتهم الأمنية مع السلطة الفلسطينية.

•سيؤدي حل السلطة الفلسطينية إلى خلق ضغوط دبلوماسية وسياسية هائلة على الإسرائيليين. تلوم معظم دول العالم إسرائيل بسبب تعنتها وعدم استعدادها للتفاوض بحسن نية بشأن إقامة دولة فلسطينية بعد توقيع اتفاقات أوسلو.

باختصار، عباس لديه لخيارات. إن الانتظار والترقب تحت رحمة إسرائيل والولايات المتحدة خطأ كبير. يتعين على عباس التحلي بالشجاعة لقيادة الشعب الفلسطيني في أرض جديدة مجهولة والخروج من المنطقة التي يجد فيها راحته. هذا ما يفعله القادة.