مازق المفاوضات وسبل الخروج منه
تاريخ النشر : 2013-10-30 22:14

 منذ عودة السلطة الفلسطينية للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي يردد الشارع والفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية سؤالا محقا وهو لماذا عادت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وبشكل مفاجئ إلي هذه المفاوضات وماهو الثمن الذي دفع إسرائيليا وفلسطينيا لهذه العودة؟

هل حصلت السلطة الفلسطينية علي أية تنازلات من الجانب الإسرائيلي أو الأمريكي جعلها تلحس اشتراطاتها السابقة وفي القلب منها وقف الاستيطان وتعود إلي المفاوضات ؟

هل اتخذت القيادة الفلسطينية قرار العودة إلي المفاوضات بعد تشاور مع المؤسسات الفلسطينية ذات الصلة التي تمثل الشعب الفلسطيني؟

للإجابة علي كل هذه التساؤلات ينبغي الإشارة إلي بعض المعطيات الضرورية التي تخدم فكرة هذا المقال وتجيب ولو جزئيا علي بعض هذه التساؤلات

الأمر الأول : - هو أن السلطة الفلسطينية أوقفت المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي قبل ثلاث سنوات مشترطة عدة اشتراطات وفي المقدمة منها وقف الاستيطان .

الأمر الثاني :- عادت القيادة الفلسطينية إلي المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي قبل ثلاثة شهور وتحديدا في 17/9 من العام الجاري حيث أعلن عن هذه العودة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحفي عقده في عمان دون شروط مسبقة ودون توقف للاستيطان .

الأمر الثالث :- رفضت معظم الفصائل الفلسطينية هذا القرار بمن فيهم فصائل مؤيدة للخط السياسي للرئاسة الفلسطينية والتي طالما أيدت المفاوضات بل وشاركت بها في بعض الأحيان كما رفض هذه العودة بعض الشخصيات والاتجاهات في داخل حركة فتح.

الأمر الرابع :- ماكشفه جون كيري في اجتماعه مع اللجنة الوزارية العربية قبل أيام بان التفاهمات التي عقدها مع أبو مازن للعودة إلي المفاوضات لاتشمل وقف الاستيطان مضيفا بان الرئيس ابو مازن تفهم الوضع السياسي الذي يعيشه نتنياهو وائتلافه الحكومي الذي سينهار في حالة إقدام نتنياهو علي وقف الاستيطان .

وإذا انطلقنا من الكلام الأخير لجون كيري – الذي لم تنفيه السلطة – مع الوزراء العرب نستطيع ان نستنتج بان العودة إلي المفاوضات قد تمت بموافقة فلسطينية علي استمرار الاستيطان والتفاوض في ظله وإسقاط لهذا الشرط الذي طالما ظل شرطا جوهريا من قبل الرئيس الفلسطيني للعودة إليها .

اما مايتعلق بالتوقيت فان هذه العودة – للاسف – تتم في ظل ميزان قوي سياسي مختل لصالح الطرف الإسرائيلي فالانقسام الداخلي الفلسطيني الذي يعصف بالساحة الفلسطينية مستمر منذ مايزيد علي خمس سنوات مما يضعف المكانة والقوة التفاوضية الفلسطينية , كما أن التطورات التي تمر بها المنطقة في ظل مايسمي بالربيع العربي تخدم بشكل كبير الاحتلال الإسرائيلي حيث تنشغل دول مركزية مساندة للقضية الفلسطينية وتحديدا سوريا في مواجهة الحرب الكونية التي تشن ضدها لإركاعها وتعزيز الوجود الصهيوني في المنطقة بعد تدمير العراق وليبيا وإثارة النعرات المذهبية والطائفية في معظم الدول العربية والإسلامية .

إضافة لذلك فان قرار العودة اتخذ في غياب المؤسسات الفلسطينية ذات الصلة ومن خلف ظهر القوي والفصائل الفلسطينية .

ولاشك أن قرار العودة إلي المفاوضات في ظل هذه المعطيات يضع الطرف الفلسطيني في الموقف الضعيف المؤهل لفرض الشروط عليه في قضايا المفاوضات الأساسية وخصوصا قضايا الوضع النهائي القدس واللاجئين والحدود والاستيطان....الخ وبالتالي يثور السؤال مالجدوي من هذه العودة وماهي الفائدة الوطنية التي يجنيها شعبنها منها .

إن الضرر الاستراتيجي الذي سينتج عن هذه المفاوضات العبثية هوالاقرار الرسمي الفلسطيني وتقديم الغطاء السياسي لكل ممارسات الاحتلال الجارية في الضفة الغربية والقدس من استيطان وتهويد وهدم بيوت وتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية ,وان الاستمرار في هذه المفاوضات يعني تفويض دائم للاحتلال للاستمرار في هذه الممارسات .

إن القيادة الفلسطينية مطالبة بالانسحاب من هذا المأزق الذي وضعت نفسها والشعب الفلسطيني فيه وهذا يتطلب مايلي :-

أولا :- التداعي الفوري لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي تم الاتفاق عليه في القاهرة لبحث الوضع الفلسطيني والمفاوضات والتوافق علي آلية ومخرج لهذه الأزمة .

ثانيا :- ان يقوم رئيس السلطة الفلسطينية وبخطاب علني بالشرح للشعب الفلسطيني حقيقة التفاهمات التي جرت بينه وبين جون كيري للعودة إلي المفاوضات مع تبيان سبب العودة بدون وقف الاستيطان .

ثالثا:-إعادة الاعتبار لملف المصالحة مرة أخري والتعامل الجدي مع هذا الملف والتنفيذ الفوري للتفاهمات الفصائلية التي جرت بهذا الخصوص وصولا إلي إجراء الانتخابات العامة للمجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية لإفراز قيادة فلسطينية منتخبة مؤهلة لحسم هذه القضايا الإستراتيجية .