الحل القطري لـ "المسألة الغزية" على طريقة كوشنير!
تاريخ النشر : 2019-08-25 09:29

كتب حسن عصفور/ يحسن المندوب القطري محمد العمادي اختزال المسافات السياسية، بالتعبير المباشر عن المهام التي توكل اليه لتنفيذها مع قيادة حماس وقطاع غزة، وهو محصن جدا، بجدار واق من "ملايين الدولارات" يحملها مع كل زيارة.

في أحد مسيرات كسر الحصار، قال العمادي للقيادي الحمساوي خليل الحية بصوت مسموع جدا، وربما تعمده تماما أمام وسائل الإعلام، كي يثبت أنه نقل الرسالة نصا وحرفا "نبيييي هدوووووء"، الكلمة التي باتت "ايقونة العمادي"، ما أصاب الحية بحرج وارتباك خاصة الشكل والصوت العلني، وكذا المكان، ولكنه آثر الصمت مع ابتسامة مجهولة التعبير.

العمادي، سفير حيوي لكيفية تمرير الموقف الأمريكي – الإسرائيلي، لا يصاب بأي ارتعاشة وهو يقوم بمهامه، ويعلم يقينا أن "آيات الشكر السياسي" ستنهال على الأمير والسفير، ما دام الثمن مدفوع ومسبقا.

يتجاهل الساسة في فلسطين، ان العمادي كان أول سفير عربي وغربي يعترف بالقدس الغربية عاصمة لدولة الكيان، ومارس ذلك عمليا، دون أي تصريحات، حيث كان يلتقي بالساسة الإسرائيليين والوزراء والمسؤولين في مكاتبهم بالقدس الغربية، وهو يعلم يقينا أن ذلك "اعتراف سياسي – شبه قانوني" بالموقف الإسرائيلي، ولكن المال القطري حجب رؤية الساسة في بقايا الوطن (ضفة وقطاع).

معادلة "الهدوء مقابل المال"، صيغة سياسية تقدمت بها قطر لتكريس حل "المسألة الغزية"، وحاولت بعض أوساط حماس وتحالفها الهروب من الاعتراف بأنها باتت جزءا عمليا من هذه المعادلة السياسية، ولكن المندوب القطري أعاد شرحها بوضوح أكثر، في قطاع غزة، وبعد أن قام بتسليم حقيبة المال الى مستحقيها من الحاكمين.

في تصريحات لوكالة "رويترز" يوم 24 أغسطس (آب) 2019، قال بأن "المال هو الحل" لتثبيت التهدئة الشاملة بين حماس وإسرائيل، وأن كلاهما لا يسعى الى حرب جديدة، ولهما مصلحة في ذلك.

جوهر تصريحات المندوب القطرية، هي تلخيص مكثف جدا، وبشكل عملي للحل الأمريكي الاقتصادي الذي تقدم به غاريد كوشنير ضمن صفقة ترامب، والذي تم عرضه بشكل موسع في البحرين، لكن العمادي قدمه بشكل مبسط جدا جدا، سريع الفهم، بلا عقبات.

خطورة تصريحات العمادي، بما يمثل دولة قطر، في أنها تكرس رسميا عملية "الفصل السياسي" لقطاع غزة عن الضفة الغربية، والتعامل "تفاوضيا" معها ككيان مستقل، وأن "الحل الاقتصادي" هو جزء من "تسوية شاملة" تضع نهاية للحرب بين "كيانين".

ربما قيادة سلطة رام الله لن تتمكن من الرد على خطر تصريحات العمادي، بعدما دفعت بلاده رسميا مبلغ 400 مليون دولار لها، الى جانب ملايين تذهب بحقائب خاصة، على الطريقة الأمريكية لقيادات من فتح (م7)، وكذا قادة أمن معلومين، لكن بالتأكيد، المتهم هنا سيكون قيادة حركة حماس، فلو صمتت على تصريحات العمادي، فهي عمليا شريك فيها، بعيدا عن أي بيان ضد الصفقة الأمريكية.

 وهنا الرفض لها ليس بالضرورة لغة منفرة، ولكن يخرج ناطق منها ليعلن، ان المال ليس هو قاعدة العلاقة مع إسرائيل، وأن وقف الحرب والتهدئة الشاملة هو موقف ليس لفصيل بل لممثل الشعب الفلسطيني.

تصريحات العمادي، لو لم يتم رفضها من القوى كافة، ستمهد الطريق واسعة لاستكمال الجانب الاقتصادي في الخطة الأمريكية، التي نفذت غالبية عناصرها السياسية، دون اعلان، وسيكون ذلك قوة دفع الى تحالف نتنياهو الانتخابي، بأنه تمكن من تكريس الفصل والتقسيم الوطني الفلسطيني.

تصريحات العمادي هي خطر مواز على القضية الفلسطينية كما الصفقة الأمريكية، تلك هي القضة لا أكثر ولا اقل!

ملاحظة: إسرائيل تجاوزت "الخط الأحمر" بإرسال طائرات مسيرة للتحليق فوق الضاحية الجنوبية، رسالة أمنية بامتياز، لا يستبعد أن تكون رسالة للبعض الفلسطيني، هل سيكون هناك رد أم تهديد بالرد "لو"...مش دايما "لو" حكيمة للعلم!

تنويه خاص: بعض فلسطينيين إعلاميين و"نشطاء تواصل اجتماعي" هاجموا حفل "محمد عساف"، في روابي...بعيدا عن الموقف من المدينة وأصحابها فالحفل كان رسالة للإسرائيلي أن الوطنية الفلسطينية ترقص بداخل الجيل الشاب.