الأمثال الشعبية الفلسطينية
تاريخ النشر : 2019-08-18 15:21

المثل الشعبي جملة قصيرة بليغة متوارثة عبر الأجيال، سهلة الانتشار وسريعة التداول, جاءت تعبيرا عن تجربة محددة , وشاع استعمالها بمناسبة وقوع تجارب أو مواقف مماثلة للتجربة الأصلية وهو نتاج لتداخلات التاريخ والثقافة والجغرافيا والأدب والاقتصاد والدين والعادات والتقاليد.
ويعدّ المثل الشعبي الفلسطيني ركنًا مهمًّا من أركان التراث الشعبي الفلسطيني؛ لبلاغة تعبيره عن مختلف تجارب المجتمع الفلسطيني التي مر بها عبر العصور والتي تعبر عن ثقافته وطرق عيشه ومختلف المعاملات والأخلاق التي تعارف عليها الناس فيه. 
وبعض هذه التجارب اختفت قصتها أو تفاصيلها، واستمر المثل المعبر عنها في التداول؛ في حين ما زالت قصص وتفاصيل بعضها الآخر متداولة حتى اليوم وحتى لو لم تكن هي التفاصيل الحقيقية للقصة أو التجربة الأولى؛ لكنها وضعت ونضجت وتداولها الناس لتلائم هذه التجربة,ويعدّ المثل الشعبي أحد أهم عناصر التراث الفلسطيني الموغلة في القدم.
مصادر الأمثال الشعبية:
-1 ما استمد من حادثة واقعية: ومثال ذلك: حادثة اعتقال الشيخ حامد (قائد فصيل ثورة 1936 في منطقة الناصرة) وكان ضريراً؛ حيث كان مختبئاً في قرية "معلول" حين طوق الجيش البريطاني القرية. وحين وجده الجنود في عليّة أحد البيوت، اعتقلوه. ولما رفض أن يمشي، اضطر أحد الجنود أن يحمله على ظهره وينزل به الدرج. وعلق الشيخ على ذلك قائلاً: «بَرْضُه راكب»؛ فذهب قوله مثلاً يستعمل حينما يراد التأكيد على عدم استسلام الإرادة في أشد الأوقات حرجاً.
-2 ما استمد من حكاية أو نكتة شعبية: ومثال ذلك: حكاية جحا عندما باع بيته دون المسمار الموجود في الحائط الذي استغله جحا للبقاء في المنزل حتى رحل المشتري فراحت الحكاية مثلًا بالقول: "مثل مسمار جحا".
-3 ما اقتبس عن الفصحى بنصه أو بشيء من التغيير: ومثال ذلك: "وافق شن طبقة" و "دوام الحال من المحال" و "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
- 4 المستمد من التراث الأدبي الشعبي: مثل: "سيرة عنترة" أو "تغريبة بني هلال" وغيرهما: حيث يقال "عنتر أسود وصيته أبيض" و "ما عيك يا ذياب من غانم" و "كثر الهم بقتل يا سلامة أما فضاوة البال بتقوي العزايم".
-5 المستمد من الأغاني الشعبية: ومثال ذلك القول: "عيشة بالذل ما نرضى بها" و "دبرها يا مستر دل بلكي على يدك بتحل" و "كلمة يا ريت ما بتعمر بيت".
-6 المستمد من ملاحظة الطبيعة والمعرفة الجغرافية المناخية والزراعية: ومثال ذلك القول: "إذار أبو الزلازل والأمطار" و "ظل الحجر ولا ظل الشجر" و "إن غيمت باكر احمل عصاتك وسافر وإن غيمت عشية شوف لك مغارة دفية".
-7 المستمد من معتقدات قديمة جداً: مما يشير إلى قدم هذا التراث الذي وصلنا ومثال ذلك القول: "خطية القط ما بتنط" و "كل بالدين ولا تشتغل يوم الاثنين".
8- المستمد من ملاحظة دقيقة لأعماق النفس البشرية أو التجربة الإنسانية العامة: ومثال ذلك القول: "ما شجرة إلا هزتها رياح ولا سكرة إلا وإلها مفتاح" و "أوله دلع وآخره ولع" و "القرد بعين أمه غزال" و "فرخ ما يزق عتقي".
9- المستمد من تعابير أعجب الناس بجماليها وبالصورة الكاريكاتيرية الساخرة فيها: ومثال ذلك القول: "شفة غطا وشفة وطا" و "لا إلو ولا عليه" و "أعور ويغامز القمر" و "لباس ماله ودكته بألفين" و "خزقنا الدف وبطلنا الغنا".
01 -المستمدة من التعامل مع شعوب وثقافات أخرى: ومثال ذلك القول: "الحق مثل الفلين ما يغرق" و "لا تكون راس لأنه الراس كثير الأوجاع".
هذا من حيث المصادر؛ ولكننا إذا نظرنا إلى الأمثال في مجموعها من زاوية المضمون، وجدنا الإطارات التالية:
1 - قيمية: هي الأمثال التي تعبر عن موقف من الحياة أو التعامل مع العلاقات الاجتماعية ويدخل في هذا الباب الأمثال الكبيرة التي تتحدث عن الموقف من الحاكم أو المرأة أو علاقات الطبقات والصراحة والرياء... وغير ذلك.
2 - وصف حال: ومثال ذلك القول: "يا طول مشيك في البراري حافي" و"صراف أعمى وكيسه مخزوق".
3- ملاحظة إنسانية عامة: ومثال ذلك القول: "المقروص يخاف من جرة الحبل" و "شو صبَّرك على المر غير اللي أمرّ منه" و "اللي في القدر بتطلعه المغرفة"، "المبلول ما بخاف رشق المطر".
4- التعابير العامة والتشبيهات: ومثال ذلك القول: "بيسرق الكحل من العين" و "واحد حامل دقنه والثاني تعبان فيها".
5- التجربة السياسية التي مر بها الشعب الفلسطيني: فقد تركت أثرها على أمثاله الشعبية ومنها: "ما بيجي من الغرب إشي بيسر القلب" و"هذا خازوق انكليزي" "سياسة فلان إنجليزية".
تبقى الامثال الشعبية تعبير عن التراكم للفلسفة الاجتماعية الشعبية على مر الأجيال المتعاقبة كجزء لا يتجزأ من الموروث والأعراف الاجتماعية لأكبر اكاديمية في الحياة الا وهي التجربة الإنسانية , و في الحالة الفلسطينية يعتبر هذا الموروث الشعبي احد اشكال المقاومة الشعبية – الاجتماعية للاحتلال الغاصب ليس للأرض و الحقوق الوطنية فحسب و انما لثقافتنا و تراثنا الفكري و الشعبي.