ماذا بعد الإشادة بشجاعة المقدسيين..؟؟
تاريخ النشر : 2019-08-14 11:17

بعد ان ابدى المقدسيون شجاعة عالية في مواجهة جيش وشرطة الإحتلال في أول يوم من ايام عيد الأضحى المبارك،حيث احتشدوا في ساحات المسجد الأقصى وعلى بواباته بعشرات الألآف استجابة لدعوات المرجعيات الوطنية والدينية،ومن منطلق إنتمائهم وعمق روحانية ومكانة الأقصى الدينية والحضارية والتاريخية والإنسانية في وجدانهم وضميرهم...أتوا لكي يدافعوا عن أقصاهم اولى قبلتهم وقبلة المليار ونصف المليار"مسلم" الموجودين مجرد أرقام لا وجود لها على أرض الواقع ومسرى رسولهم محمد صلى الله عليه وسلم ...هذا الحشد البشري اضطر جيش وشرطة الإحتلال لأن يُدخلوا الجماعات التلمودية والتوراتية قسراً ولفترات قصيرة،ولكي يثبتوا أنهم اصحاب السيادة والقرار فيما يتعلق بالمسجد الأقصى،وكانوا يُدخلون الجماعات التلمودية والتوراتية من باب المغاربة ويخرجونهم من باب السلسلة مهرولين،دون ان يقوموا بجولاتهم الإستفزازية وأداء شعائرهم وطقوسهم التلمودية والتوراتية في ساحات الأقصى..وعقب مشاهد القمع والتنكيل التي تعرض لها المقدسيون العزل في ساحات الأقصى والمتسلحين فقط بإرادتهم وعزتهم واحقيتهم في أرضهم وقدسهم وأقصاهم....وجدنا بان الردود العربية والإسلامية وحتى الفلسطينية،اشادت ببطولات المقدسيين وصمودهم،وبالمقابل تلك المواقف لم تخرج عن عاصفة هوجاء من بيانات الشجب والإستنكار والإدانة ومذكرات الإحتجاج ...ولم نسمع عن أية خطوة عملية تغادر مربع هذه الإسطوانة المشروخة،والتي لا تثير سوى الضحك والسخرية عند قادة دولة الإحتلال،والذين تعودوا على العرب والمسلمين كظاهرة صوتية ...وليكن الرد الإسرائيلي على هذه العاصفة الهوجاء من قبل رئيس وزراء الإحتلال ووزير امنه الداخلي أردان،بأنهم سيعملون على تغيير "الإستاتيكو" القائم في الأقصى منذ عام 1967،بالسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى جماعات وأفراد،بل وصلت الوقاحة بالجمعيات التلمودية والتوراتية للقول،بأن هذا آخر عيد للمسلمين يصلون فيه في الأقصى.

واضح بان الأمور فيما يتعلق بالمسجد الأقصى ستاخذ منحى تصاعدي مع حلول العديد من الأعياد اليهودية رأس السنة العبرية والعرش والغفران وغيرها من الأعياد الأخرى،والتي ستدعو فيها جمعيات الهيكل الى تكثيف وتوسيع عمليات الإقتحام للأقصى لفرض وقائع جدية فيه،وليس هذا فحسب،بل الأحزاب الإسرائيلية بكل مكوناتها ومركباتها من قوى اليمين بشقيه العلماني والديني،تتسابق للحصول على أصوات تلك الجماعات التلمودية والتوراتية في الإنتخابات الإسرائيلية التي لم يتبق لها سوى 34 يوماً،والكل يريد رضى تلك الجماعات العنصرية المتطرفة عنه،ولذلك يشجعون اقتحاماتها وصلواتها في الأقصى، وعندما يصرح وزير الأمن الداخلي الصهيوني جلعاد أردان،بضرورة العمل على تغيير " الإستاتيكو" المعمول به في الأقصى لجهة السماح للمتطرفين الصهاينة بالصلاة فيه بحرية تامة،لم نلمس تقدماً في الموقف لا الفلسطيني ولا العربي ولا الإسلامي ولا الدولي،سوى إشتداد عاصفة التصريحات النارية من بلاغة وإنشاء، ومذكرات احتجاج وبيانات شجب وإستنكار وإدانة،أي المزيد من عاصفة هوجاء لظاهرة صوتية تفقد أثرها سريعاً،ونحن هنا اذ نحيي موقف الكويت أميراً وحكومة وبرلماناً وشعباً لمواقفهم القومية والعروبية تجاه قضيتنا وشعبنا الفلسطيني والقدس والمقدسات وفي المقدمة منها المسجد الأقصى،ونثمن لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم مواقفه بالدعوة الى ضرورة التصدي للعدوان الإسرائيلي على شعبنا الأعزل في القدس والأقصى، حيث قال بان  "الاعتداءات الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني ضد المصلين في باحات المسجد الأقصى، صباح عيد الأضحى المبارك،تثبت مجددا سقوط دعوات السلام الزائفة، ومشاريع التسوية الفارغة، مع كيان محتل لا يعرف إلا منطق البطش والقوة.

تصريح أردان وزير الأمن الداخلي الصهيوني،يشكل تهديداً مباشراً للوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس،وفي المقدمة منها المسجد الأقصى،هذه الوصاية التي تعمل القيادة الإسرائيلية ليل نهار بالتعاون مع الإدارة الأمريكية والعديد من الأطراف العربية والجماعات التلمودية والتوراتية ،على نزعها من الأردن،ولذلك الأردن عليه ان يتخذ مواقف عملية تتناسب وحجم الهجمة على الأقصى،فلا لغة بيانات الشجب والإستنكار ولا مذكرات الإحتجاج،ستمنع نتنياهو وأركان حكومته من العبث بالوصاية الأردنية على الأقصى وتغيير" الإستاتيكو" فيه.

وكذلك اقتحام الأقصى في اول أيام العيد وتصريحات أردان والحرب الشاملة على مدينة القدس،تشكل اختباراً حقيقياً لقيادة السلطة في تنفيذ قراراتها المتعلقة بوقف التعامل مع الاتفاقيات، فخطورة الأوضاع الميدانية وشمولية العدوان الصهيوني بحق شعبنا وهويته ومقدساته تستدعي اتخاذ قرارات واضحة،وليست مرتبكة باتجاه القطع الكامل مع الاحتلال وسحب الاعتراف به ووقف التنسيق الأمني،حيث أن شعبنا الفلسطيني وخصوصاً أهلنا في مدينة القدس لم يلمسوا أية جدية من قيادة السلطة بتنفيذ ما أعلنت عنه."

المقدسيون ما يحتاجه من العرب والمسلمين،ليس عاصفة هوجاء من بيانات شجب وإستنكار وإدانة ومذكرات إحتجاج،وهم كذلك لا يحتاجون لدغدغة مشاعرهم وعواطفهم بالإشادة بصمودهم وبطولاتهم أمام جيش الإحتلال ومستوطنيه وجمعياته التلمودية والتوراتية،بل ما يحتاجه المقدسيون،هو خطوات عملية تلجم حكومة الإحتلال ومتطرفيها من إستمرار عدوانها على القدس والأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية،ما يريده المقدسيون،ان يوقف النظام الرسمي العربي علنية وشرعنة التطبيع مع دولة الإحتلال على حساب حقوق شعبنا الفلسطيني،وان توقف بعض اطراف هذا النظام انخراطها ومشاركتها في صفقة القرن الأمريكية المستهدفة شطب وتصفية قضيتنا الفلسطينية، ما يريده المقدسيون شبكة أمان مالية عربية – إسلامية تحمي الوجود العربي الإسلامي في المدينة،وتحافظ على عروبتها وهويتها وفضائها وتراثها واثارها،وتنهض بمختلف قطاعاتها من إسكان وتعليم وصحة وتجارة وسياحة.

العاصفة الهوجاء من بيانات شجبكم واستنكاركم وإداناتكم ومذكرات احتجاجكم،لن تحمي لا قدس ولا أقصى،فخطوة عملية واحدة،خير من ألآلاف بيانات شجبكم وإستنكاركم التي لا تغني ولا تسمن من جوع.