القانون لا يحمي "المبلغين"
تاريخ النشر : 2019-08-06 15:15

هل أرادها البعض على طريقة المقولة التي أصبحت مثلاً سياراً «القانون لا يحمي المغفلين»؟ القانون بصير وإن أراده الشرذمة القليلون أعمى، والقانون يحمي الجميع، وهو ينبغي أن يحمي المغفلين خصوصاً.

بعد نشر مقال قبل ثلاثة أيام في هذه الزاوية بعنوان «خطايا وضحايا في جهات حكومية»، دار نقاش مجتمعي في وسائل التواصل الاجتماعي حول مضمون المقال، وتلقيت مكالمات ورسائل يسأل أصحابها: المقال يعبر عني تماماً، فكيف عرفت قصتي؟

يبدو أن الحكاية حدثت مع أكثر من متضرر، والعودة اليوم إلى المسألة المطروحة شكلاً لا موضوعاً. الموضوع يناقش في كل قضية على حدة أو هكذا يفترض، وموضوعنا اليوم يرتكز على إجابة السؤال التالي: هل يحمي القانون «المبلغين»؟

والقضية بعد ذلك على قدر بالغ من التعقيد بين الاتزان في الشكوى ومجانية التبليغ. نعم الموضوع معقد، لكن منعه على هذا النحو أو تهديد أصحابه، في المطلق، بعقوبات ربما وصلت إلى إنهاء الخدمة، بعض خطر أكبر يهدد مفهوم الأمن الوظيفي المراد تكريسه في الإمارات نظراً للاشتغال على الأداء الحكومي المتميز، وتبني فلسفة موارد بشرية حكومية متقدمة.

يرى المسؤول والموظف، ضمن فريق العمل، خطأ أو خطأ جسيماً، مخالفة صارخة، وهو أمر وارد في أي مكان عمل، فماذا يفعل؟ وكيف يتصرف؟ هل ينصح بالسكوت؟ وإذا تكلم فكيف؟ وإذا تكلم فمن يضمن له الأمان الوظيفي؟ مطلوب من الجهات الحكومية المختصة الإجابة، ومطلوب من الهيئة الاتحادية للموارد البشرية وهي طرف أصيل الإجابة، ومطلوب من لجنة الشكاوى والطعون في المجلس الوطني الاتحادي، وقد كانت طرفاً في غير قضية، الإجابة.

وفي الواقع، فإن بعض هذه القضايا يقف في هذه الجهة أو تلك، وبعضها يستكمل، لكن مع اعتبار المبلغ مخطئاً، فهل يستقيم أن يكون جميع المبلغين مخطئين، وهل هذا تنبيه للغير ألا يفعل وإلا دخل في دائرة المساءلة والعقاب نفسها؟

بعض من تواصل كتابة أو كلاماً كان يتكلم بحرقة شديدة مطوقة بالحسرة من كل صوب، وتكلم عن ضياع حقوق، وضياع أسرة، وتكلم عن سيرة شخصية وعملية عالية المستوى، وتاريخ مشرف مع مكان العمل نفسه، وفي الوقت نفسه، عن غد غامض؛ حيث لقي نفسه، على حد تعبيره، وهو المواطن، «في الشارع».

وهنالك احتمال أن يكون بعض هذه البلاغات والشكاوى كيدية أو مبالغاً فيها أو حتى كاذبة، لكن هناك احتمال بالصدقية والصدور عن معاناة وحكاية متحققة على الأرض، فهل يظلم موظف مخلص ابتداء لمجرد أن له ضميراً صاحياً، و«ابن كلب» لم يدعه يهدأ حتى بلغ، ليبدأ سلسلة جديدة من حلقات التعب والمعاناة؟

الوظيفة، خصوصاً الحكومية، أمن وأمان في الأحوال العادية. هذا مفهوم مستقر نظاماً، وقد استقر في وجدان الناس، فهل مجرد الشكوى الموثقة بالأدلة ضد مسؤول أو موظف من زميل ضمن فريق العمل، مدعاة للخوف والحذر، وصولاً إلى «التفنيش»؟

فهل القانون في بلادنا لا يحمي «المبلغين»؟

عن الخليج الإماراتية