حكم ذاتي أم دولة؟
تاريخ النشر : 2019-08-03 11:04

حسنا فعل السيد كوشنر بالاقلال من التصريحات في جولته الأخيرة، ويا ليته طلب من رفيقيه غرينبلانت وفريدمان أن يفعلا الشيء نفسه، أو على الأقل دراسة ما يقولانه والتمحيص به قبل، قوله فكلما تحدثا من دون تدبر زادت الأمور سوءا، وانكشف حجم الضعف والخبرة السياسية، وتغذت مشاعر الرفض والتوجس ضد مبادراتهم.

يكتشف السفير فريدمان مؤخرا الحاجة إلى الاعتراف بضرورة أن يكون للفلسطينيين كيان للحكم، واطار سياسي يحكمون انفسهم من خلاله، يسميه “حكما ذاتيا”، في إعلان غير مفيد لأي أحد، كما انه يضر عملية السلام والتسوية، ويؤكد الانسلاخ عن الواقع. السيد فريدمان لا يرى أن الفلسطينيين الآن بوضع اشبه بالحكم الذاتي، وان ذلك لا يشكل أو يقترب من مستوى طموحاتهم الوطنية التي تمحورت حول الدولة واحقاقها. هو يبدو كما لو أنه لا يعلم تاريخ تطور شأن احقاق الدولة بالنسبة للفلسطينيين، والذي بدأ منذ مؤتمر مدريد، حين كان الهدف الاستراتيجي الاساسي اعطاء الفلسطينيين كيانا سياسيا هو “دولة” يمكن القول انها بمواصفات خاصة، تكون أكبر من حكم ذاتي واقل من دولة بمفهومها الكلاسيكي. الفلسطينيون قبلوا بذلك، فالدولة التي يريدون لتحقيق طموحاتهم الوطنية دولة بدون جيش، تكتفي بقوات أمنية للحفاظ على الأمن، وتتضمن مطارا أو معابر دولية تسمح لهم بالتواصل المباشر مع العالم، وان كان بتنسيق ميداني مباشر مع إسرائيل، تماما كما يحدث الآن على حدود الضفة مع غزة. المهم بالنسبة لهم ان تكون دولة معترفا بسيادتها، وتحظى بعضوية كاملة بالأمم المتحدة، تسمح لهم بالتطور والنماء وتحقيق كبريائهم الوطني بالاستقلال والازدهار. يتجاهل أو يجهل السفير فريدمان كل ذلك، ويستفز كل فلسطيني وعربي بالإعلان عن صيغة حكم ذاتي، لا ترقى لطموح الفلسطينيين وتتجاهل قضايا الوضع النهائي.

اما السيد غرينبلانت فيحاول ربط جهود السلام بالأزمة مع إيران، في أن نجاح جهود التسوية وصفقة القرن سيصب في صالح مواجهة إيران، وتقليم تدخلاتها بالإقليم ونشرها عدم الاستقرار. الربط يهدف إلى تحفيز دول الخليج من أجل ان تكون أكثر دعما لجهود فريق السلام والتسوية الأميركي، بعد الفتور اللافت من قبل تلك الدول تبدى بمستوى الحضور وقلة التفاعل السياسي مع ورشة البحرين الاقتصادية، التي بالمناسبة يعتقد السيد غرينبلانت انها كانت ناجحة!! ما يجب ان يعرفه السيد غرينبلانت ان لا أداء ادارته في الازمة مع إيران، ولا اداءه وزملاءه في ملف التسوية السلمية يسمحان بهذا الربط. كان يمكن لسياسة أميركية واضحة، وغير متقلبة في مواجهة إيران أن تتحصل على تفاعل وليس بالضرورة دعم خليجي لجهود السلام. كما كان يمكن لإدارة سياسية حصيفة لملف التسوية والسلام تراعي مصالح الدول ومرجعية السلام، ان تولد ليس فقط دعما لجهود التسوية، بل حتى مزيدا من الدعم لجهود أميركا في مواجهة الأزمة مع إيران؛ لكن لا هذا ولا ذاك تحقق.

عن الغد الأردنية